"توغل قوات القذافي في الأراضي التونسية هو بمثابة رسالة تحذير"

توغل قوات القذافي في الأراضي التونسية
مدونة بانوراما: استدعت الخارجية التونسية السفير الليبي للاحتجاج على توغل قوات العقيد الليبي معمر القذافي داخل الأراضي التونسية. وللوقوف على أبعاد وتداعيات هذا التطور في المناطق الحدودية بين البلدين كان هذا الحوار مع كمال بن يونس، رئيس تحرير مجلة الدراسات الدولية التونسية.

المحاور: الأستاذ كمال بن يونس، ما هو حجم المواجهات بين القوات التونسية وكتائب القذافي؟
كمال بن يونس:

الحقيقة أن الحكومة التونسية ومصادر عسكرية ودبلوماسية وكذلك شهادات في عين المكان تؤكد دخول عشرات السيارات والعربات العسكرية المجهزة أحيانا بآليات ثقيلة، تؤكد اقتحامها لحرمة التراب التونسي وللحدود وإطلاق النار على ليبيين وعددهم الآن بالآلاف في مدينة الذهيبة الحدودية والقرى المجاورة لها وكذلك الجبال التي حولها. وقد تضرر من ذلك مدنيون تونسيون تجمعوا لاستقبال آلاف المدنيين الفارين من ليبيا. هذا الأمر أثار احتجاج السلطات التونسية رسميا، وقد احتجت بقوة على هذا الخرق للسيادة التونسية.
كمال بن يونس

 ما هي خلفيات هذه المواجهة؟ هل يتعلق الأمر فقط بتعقب قوات القذافي لعناصر الثوار أم أنها  تخفي ورائها صراعا بين القذافي وتونس ما بعد الثورة؟
كمال بن يونس رئيس تحرير مجلة الدراسات الدولية التونسية في اعتقادي الاثنين معا. بالنسبة لجانب من الرسميين في ليبيا هناك استياء من اندلاع الثورة، وقد سمعنا النقد الذي صدر عن العقيد الليبي معمر القذافي شخصيا للإطاحة ببن علي، وقال إن بن علي أفضل لتونس ولو ظل رئيسا مدى الحياة وهناك أنصار له في هذا التوجه. ولكن في نفس الوقت هناك ظاهرة ملفتة للانتباه، ففي الحقيقة أن سكان كل محافظات الجنوب التونسي استقبلوا مئات الآلاف، حوالي 300 ألف، من اللاجئين من جنسيات مختلفة خاصة من المصريين والأسيويين واحتضنوهم في بيوتهم ووفروا لهم الأكل وهناك كميات هائلة من الأكل والمساعدات في المناطق الحدودية. الآن يستقبلون الآلاف أو عشرات الآلاف في البيوت في عدة محافظات. هذا أزعج النظام الليبي لأن عددا من الفارين من الثوار والكتائب. واليوم الملفت للانتباه أن القوات الليبية التي اقتحمت التراب التونسي ومدينة الذهيبة حاصرها الطلاب والمواطنون ورموها بالحجارة ثم تدخل الجيش التونسي ووقعت مناوشات بين الجانبين. 

هل هناك مخاطر من أن تتحول هذه المناوشات إلى مواجهات موسعة؟
اعتقد أن القذافي أو جماعته ربما أرادوا أن يوجهوا رسائل للفارين والمستسلمين من عناصر الجيش الليبي والكتائب إلى تونس (مفادها) أنه يمكن مطاردتهم في تونس. وكذلك تعد رسالة سياسية موجهة أيضا للمدنيين الليبيين حتى لا يواصلوا مسار الفرار إلى تونس. لكني لا اعتقد أنه من مصلحة القذافي أن يأمر بالمواجهة الشاملة في تونس لأن ذلك سوف يعطي للرأي العام الدولي والعواصم الدولية المترددة بشأن التدخل البري، مبررا لتوجيه ضربات صارمة أكثر لليبيا واستبعاد سيناريو الحل السياسي مع القذافي نهائيا.

شهدت العلاقات بين ليبيا وتونس خلال حكم بن علي استقرارا لكنها كانت في السابق تمر بأزمات، هل هي الآن مقبلة على مرحلة اضطرابات من جديد؟

أعتقد أن القيادة التونسية بعد الثورة حاولت أن تحافظ على العلاقات الإستراتيجية مع ليبيا لأن نصف الاقتصاد التونسي مرتبط بليبيا بشكل مباشر أو غير مباشر خاصة المحافظات الواقعة في الجنوب التونسي. ولذلك السفير التونسي لا يزال موجود في ليبيا فتونس لم تغلق سفارتها كما أن الدبلوماسيين الليبيين مازالوا موجودين في تونس. والسفير التونسي في ليبيا صلاح الدين الجمالي، وهو وزير دولة سابق للخارجية في تونس، ينوه مرارا في وسائل الإعلام الداخلية والليبية والدولية بالصبغة الإستراتيجية للعلاقات بين البلدين. لا أعتقد أن من مصلحة الحكومتين قطع شعرة معاوية نهائيا.


0 مشاركات:

إرسال تعليق