المحامي العام في أوهايو يواجه ممارسات «وول ستريت» الخاطئة

الولاية الأميركية شهدت في القرن الـ19 صدور قانون مكافحة الاحتكار

المحامي العام بأوهايو ريتشارد كوردراي في مكتبه ( «نيويورك تايمز»)
كولومبوس (ولاية أوهايو الأميركية): مايكل باول*
يبدو المشهد في «باك ستريت» على زاوية برود ستريت «وول ستريت» متناميا، فمؤشر «داو» في ارتفاع، ويبدو المصرفيون مسرورين.

ولكن، هنا داخل إيست برود ستريت، تبدو الحالة المزاجية أكثر كآبة، حيث سيرفع ما لا يقل عن 90 ألف إخطار لحبس رهون سكنية وتجارية في ولاية أوهايو خلال العام الحالي. وقد تكبدت صناديق معاشات المدرسين والأمناء والبوابين خسائر كبيرة. ويتحدث جموع العاطلين عن العمل داخل أوهايو حاليا عن اللجوء إلى الدعاء.

وربما ينظر إلى المحامي العام داخل أوهايو ريتشارد كوردراي على أنه المنتقم لهم. ويقول كوردراي، الذي يطل مكتبه على إيست برود: «يوجد اعتقاد هنا أن «وول ستريت» مثل كازينو ثابت، وقد عاد لممارسة النشاط. ومن المهم بالنسبة لنا أن نؤكد أننا نتعقب الشركات التي ترتكب أي خطأ».

وبعد قضائه عامين في منصبه، برهن كوردراي على استعداد لمقاضاة هيئات التقييم ومقدمي القروض المحفوفة بالمخاطر ومحتالي رهانات عقارية. وقد انتزع حتى الآن نحو ملياري دولار: 475 مليون دولار من تسوية مع «مريل لينتش» و400 مليون دولار من «مارش أند مالنان» و725 مليون دولار من «أميركان إنترناشونال غروب».

وفي الأسبوع الماضي، رفع دعوى قضائية ضد «جي إم إيه سي مورتغيدج»، واتهم المؤسسة التي تقدم قروضا بتقديم شهادات مزورة في المئات من عمليات نزع الملكية داخل أوهايو. وقد أعاد مكتبه أموال إلى مستثمرين وصناديق معاشات ومدارس وإدارات مدن. ووجه ملايين الدولارات إلى هيئات تحارب نزع الملكية. ويقول كوردراي: «نرى ما لا تراه واشنطن: فالمنازل شاغرة. لقد قمنا بتقديم حزم إنقاذ لمصارف غير مسؤولة، ولكننا نسينا كل ما سوى ذلك».

ويظهر في هذه الحقبة السياسية أن مثل هذه الكلمات يندر بدرجة أكبر سماعها من المنظمين الفيدراليين، الذين يمشون في هدوء حاملين شيكات بها حزم إنقاذ كبيرة. وبدلا من ذلك، يقوم المحامون العامون داخل الولايات، وفي حالتنا هذه محام عام ديمقراطي يبلغ من العمر 51 عاما يجلس بعيدا عن واشنطن بـ400 ميل، بإضفاء صخب على حالة من الغضب الشعبي.

وإذا كان إليوت سبيتزر، المحامي العام السابق بنيويورك، نموذجا أوليا لهذا النوع، توجد مجموعة حاليا مثل كوردراي ومارثا كوكلي من ماساتشوستس وليزا ماديغان من إلينوي وتوم ميلر من أيوا وروي كوبر من ولاية نورث كارولينا يقولون إنهم يقتفون أثره. ويقوم هؤلاء باستكشاف المشكلات، مثل شركة جشعة تعمل على الإنقاذ خلال عمليات نزع الملكية أو شركة كروت ائتمان تتسم بالطمع أو شركة مالية تستنزف صندوق معاشات.

وقد حصلت كوكلي على ملايين الدولارات في صورة تعديلات رهون عقارية من «كونتري وايد فاينانشال» توصلت إلى تسوية قيمتها 102 مليون دولار مع «مورغان ستانلي» بشأن دورها في تمويل قروض محفوفة بالمخاطر زكت من أزمة الإسكان داخل ماساتشوستس. وتقول كوكلي: «نحن أول من يتعقب القروض التي تتسم بالطمع، نحن لا ننتظر حتى تتحرك الهيئات الفيدرالية».

وقد أبدى البعض شكوكا، وأشاروا إلى أن هذه الدعاوى القضائية ربما تبعث شعورا بالسعادة من الناحية العاطفية ولكنها مدمرة من الناحية الاقتصادية. وأشار السيناتور مايكل ديوين، وهو جمهوري ينافس الديمقراطي كوردراي في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني)، إلى أن كوردراي يمسك بهراوة في يديه تستهدف الشركات. ويقول آخرون إنه من الأفضل الاعتماد على المنظمين الفيدراليين بدلا من وضع قيود على الشركات العالمية.

ويقول جيمس تيرني، مدير البرنامج الوطني للمحامين العامين داخل الولايات والمحامي العام السابق داخل ولاية مين: «هل الإجراءات التي تتخذ داخل الولايات لها نفس فاعلية مثل قيام منظم فيدرالي بتعقب هذه الشركات؟ بالطبع لا. ولكن عندما يشعر المنظمون بقلق شديد بشأن تجريم أحد، لا يوجد ما يمنع المحامي العام المقدام من القيام بذلك».

تعلم كوردراي، الذي ولد في غروف سيتي بولاية أوهايو، في ولاية ميتشغان وأكسفورد وكلية القانون بجامعة شيكاغو. وعندما كان موظفا في المحكمة العليا، كان يناقش القضايا قبل تحويلها للمحكمة. وفي 1987، استمتع بالفوز خمس مرات في البرنامج التلفزيوني «خطر». وفي مرحلة ما، كان يتوق إلى المزيد. وكان والده يدير برنامجا للمعاقين ذهنيا، وأسست والدته، وهي عاملة اجتماعية، مؤسسة من أجل دعم الأجداد. وكان يريد الدخول إلى ساحة العمل العام. وبدأ كوردراي الترشح على المناصب.

وكان حماسه في الأغلب من طرف واحد، فالمنتخبون كما لاحظ انتخبوه نائبا داخل الولاية ولكنهم رفضوا سعيه للحصول على مقعد في الكونغرس ومحاولة أولية للفوز بمنصب المحامي العام داخل الولاية. ويعلق كوردراي على ذلك بهز كتفيه. ويقول كوردراي: «في الواقع، لقد تعرضت لضربات على مدار الأعوام داخل الساحة السياسية. وكانت زوجتي تحسبني رجلا أحمق».

وفي النهاية، قلل من طموحاته، ونجح في الفوز بمنصب أمين صندوق مقاطعة فرانكلين وبعد ذلك أمين صندوق الولاية. وفي عام 2008 فاز في انتخابات خاصة بمنصب المحامي العام.

لا يشبه كوردراي ويليام جينينغيز براين في هجومه على شرور رأس المال الاحتكاري. وربما يكون بليغا في الحديث السلوك السيئ داخل المؤسسات بصوت منخفض (ويكون كلامه المكتوب أحد منه عندما يتكلم). ولكنه، عايش تقليدا شعبويا داخل أوهايو، فهذا هو المكان الذي قدم فيه سياسيون طعونا ضد احتكار «ستاندرد أويل» لصناعة النفط في الولايات المتحدة، وهي الشركة التي كان يرأسها جون روكفلر وقاد السيناتور جون شيرمان حملة في نهاية القرن التاسع عشر من أجل تمرير قانون شيرمان لمكافحة الاحتكار. وكان هذا أول قانون يلزم الحكومات الفيدرالية بالتحقيق مع الشركات المشتبه في إدارتها اتحاد احتكاري لمنتجين أو القيام بممارسة احتكار.

ويصف كوردراي بحذر، ولاءه إلى الرأسمالية، على الرغم من أنه يقول إن الأزمة المالية يجب أن تنهي نظرية الأسواق الفعالة، المحبوبة لدى علماء اقتصاد، التي تقول إن السوق المثالية تقوم بتصحيح نفسها تلقائيا (يوجد كتاب «ثروات الأمم» لآدم سميث على رف مكتبه بالإضافة إلى كتب جون كينيث غالبريث). ويقول كوردراي: «فكرة أن المصارف سوف تعيد الأمور إلى نصابها الصحيح بمرور الوقت ربما تكون صحيحة، ولكن ما هي الفترة التي ستستغرق من أجل القيام بذلك؟ وما هي التكلفة التي سيتكبدها الفرد الأميركي؟».

وبالطبع، لم يصطنع الكلمات في سعيه وراء تيار مستمر من القضايا ضد مؤسسات. ويتهم «مارش آن ماكلينان» بالتآمر من أجل القضاء على التنافس داخل قطاع التأمين عبر استشهادات وهمية. ويتهم ثلاث شركات تقييم ائتمان، وهي «فيتش راتينغز» و«خدمة المستثمرين التابعة لموديز» و«ستاندرد أند بورز»، بذكر تقييمات مبالغ فيها لحزم رهون متعثرة جمعتها مؤسسات استثمارية كبرى سويا. ويقول إن صناديق المعاشات داخل أوهايو خسرت ما يقرب من نصف مليار دولار من خلال الاستثمار في هذه الأوراق المالية التي حصلت على تقييم (AAA).

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، اتهم مسؤولون في «بنك أوف أميركا» بالتستر على حقائق مهمة في عملية استحواذ على «مريل لينتش»، على الرغم من أن هذه الشركة كانت تتجه إلى الإفلاس. ويقول إن مصرفيين بارزين لم يقروا من قريب أو بعيد بخسائر داخل «مريل» وعلاواتها.

وكانت الدعوى القضائية ضد «بنك أوف أميركا» الأولى من نوعها على الرغم من أن إجراءات كوردراي جذبت ضغوطا أقل من دعوى قضائية رفعها بعد أشهر المحامي العام أندرو كومو من نيويورك. وأشار مسؤولان من ولايات غير ولاية أوهايو إلى أن كومو، الذي له مهارات ملحوظة في التسريب التكتيكي والبيان الصحافي والدعاوى القضائية، يميل إلى عدم العمل عن قرب مع أقرانه من المحامين العامين داخل الولايات.

وربما يكون المحامون العامون قد حققوا نجاحا في انتزاع كميات كبيرة من الأموال، ولكنهم لم ينجحوا بنفس الصورة في تغيير سلوك المؤسسات. وترى «غولدمان ساكس» و«مارش أند ماكلينان» هذه التسويات تكلفة للقيام بأعمال.

ويقول دانيال ريتشمان، وهو مدع فيدرالي سابق وأستاذ في كلية القانون بكولومبيا: «هذه التسويات كبيرة، ولكن التغير في السلوك لا يبدو بهذا الحجم». ويضيف «هذه الأهداف لديها كميات كبيرة من الأموال للدفع والاستمرار في نفس النهج».

وعند رفع هذا الانتقاد إلى كوردراي، أومأ برأسه بالموافقة. ويقول: «في عالم مثالي، إذا قامت لجنة البورصة والأوراق المالية بعملها، فإن ذلك سيكون أفضل كثيرا، حيث تعوض تسوياتنا الخسائر بصورة ضئيلة».

ويواجه كوردراي تهديدا أكبر، فالطعون القانونية لسلوك المؤسسات الخاطئ لا يمثل رصيدا انتخابيا مؤكدا. وفي العام الحالي، خسرت كوكلي، وهي ديمقراطية، في مواجهة الجمهوري سكوت براون خلال الانتخابات على مقعد إدوارد كيندي بمجلس الشيوخ.

0 مشاركات:

إرسال تعليق