تآكل أرباح البنوك الإسلامية الخليجية مستمر حتى 2011

أكبر البنوك الإسلامية الخليجية من حيث حجم الأصول في 2010 (بالمليون دولار)
أكبر البنوك الإسلامية الخليجية من حيث حجم الأصول في 2010 (بالمليون دولار)
رزان عدنان
ذكر تقرير أعدته مجلة ميد عن الصيرفة الإسلامية أن مبادئ الصناعة برهنت على قيمتها خلال الأزمة المالية. إذ تحرم الشريعة التعامل بالفائدة وبيع الديون، كما جنب التداول المضاربي البنوك الإسلامية من التورط في عمليات محفوفة بالمخاطر أثرت سلباً في كثير من بيوت التمويل الغربية.
ومع هذا فإن الانكشاف على الأسواق العقارية لم يرحم قطاع البنوك الإسلامية الخليجية. وكونه أصولا مستمرة يعتبر العقار الضمان المفضل في كثير من العقود الشرعية. وبما أن البنوك الإسلامية ليست مقيدة بنسبة القروض إلى الودائع التي تفرضها معظم البنوك المركزية الخليجية على المؤسسات التقليدية، فإن عديدا من البنوك كونت محافظ عقارية كبيرة في الأعوام القليلة الماضية.
ولم يكن أمامها مهرب من تداعيات انهيار أسعار العقار في المنطقة التي نتجت عن أزمة السيولة العالمية، الأمر الذي خلف وراءه مستويات عالية جداً من القروض المتعثرة لدى هذه المصارف.
وتوقعت المجلة أن يستمر أخذ مخصصات مقابل هذه المستويات في العام المقبل، وتآكل الأرباح في بعض أكبر البنوك الإسلامية في دول التعاون.
وعلى الرغم من هذا، إلا أن بإمكان القطاع الشعور بالراحة إذا ما عرفت أنها تجاوزت أول أزمة اقتصادية كبيرة تواجهها بشكل جيد، مقارنة مع نظيراتها التقليدية. فخلال الأزمة، استمرت أصول أكبر البنوك الخليجية بالنمو. ورغم أن التحديات لا تزال موجودة إلا أن المستقبل يبدو إيجابياً.
مراحل التطور
من جهة أخرى، بالنسبة إلى صناعة يقل عمرها عن 40 سنة، كانت الأزمة العالمية التحدي الرئيسي الأول الذي واجهه قطاع الصيرفة الإسلامي. ورغم أنها في مراحل تطورها الأولى، قاومت الصناعة هزات العامين الماضيين بشكل معقول، وفي كثير من الأحيان كانت أفضل من نظيرتها التقليدية. ويرى محللون أن أساسيات الصناعة الأخلاقية، كانت السبب الرئيسي وراء تجنب الأزمة الاقتصادية بشكل جيد.
في سياق آخر، يقول التقرير إن إجمالي الأصول العالمية للبنوك الإسلامية نما إلى ما يقرب من 18 في المائة خلال العام الماضي، ليصل إلى 478 مليار دولار وفق وكالة التصنيف الائتماني العالمية موديز. وأظهر بحث أعدته ميد أن البنوك الإسلامية استمرت بتسجيل نمو في 2010، ولو بوتيرة أبطأ بكثير من السابق. في حين يقول أنور حسون من وكالة موديز إن انكشاف البنوك الإسلامية على سوق العقار عادة ما يتراوح بين 20 إلى 25 في المائة من إجمالي أصولها.
وتضيف ميد أن الأصول المجتمعة لأكبر عشرين بنكا إسلاميا في دول التعاون نمت بواقع 3 في المائة في الأشهر الإثني عشر الأخيرة حتى 30 يونيو من 2010، لتصل إلى 219 مليار دولار، مقارنة مع 211.8 مليار دولار حتى نهاية النصف الأول من 2009.
كما أن صافي أرباحها مجتمعة وصلت إلى 2.05 مليار دولار حتى نهاية يونيو من هذا العام، بينما وصل إجمالي ودائع العملاء إلى 149.9 مليار دولار.
لكنها وكأي صناعة أخرى في العالم، لم تسلم البنوك الإسلامية من الأزمة، إذ انخفضت ربحيتها مقارنة مع السنوات السابقة، وتدهورت معايير السيولة وأظهرت معدلات رأس المال مؤشرات على انخفاض متزايد.
وكما شهد سوق المصارف في الغرب انهيار بعض أكبر المؤسسات المعروفة ، كما حدث مع ليمان براذرز في سبتمبر 2008، نالت المصرفية الإسلامية نصيبها من الأحداث.
الركود العالمي
يقول التقرير ان البنوك الاستثمارية الإسلامية كانت دون شك الأكثر تضرراً في الصناعة ، وهو انعكاس لحقيقة أن بيوت الاستثمار الاكثر تأثراً في المنطقة بشكل عام. ويضيف أنه قبيل حدوث الركود، استفادت البنوك الاستثمارية من التمويل الرخيص والسيولة العالمية التي قادتها إلى السعي وراء استثمارات في أسواق ناشئة أكثر خطورة من المغرب وحتى جنوب شرق آسيا وذلك في فئات أصول مثل الملكية الخاصة والبنية التحتية أو العقار.أما ابرز الضحايا فكان بيت التمويل الخليجي الذي يعد بنكاً استثمارياً في البحرين، وأعلن البنك عن صافي خسارة وقدرها 728 مليون دولار في 2009 بعد أرباح سجلها في 2008 وبلغت 262 مليون دولار.
من الشركات الأخرى أيضاً التي تعثرت خلال الأزمة كانت شركة دار الاستثمار والمجموعة الدولية للاستثمار.فالأولى تعثرت عن سداد صكوك بقيمة 100مليون دولار في مايو 2009، في حين تعثرت الأخرى عن سداد ديون في إبريل ويوليو من هذا العام.
انهيار العقار
يقول التقرير أن أداء البنوك الإسلامية في دول مجلس التعاون الخليجي تأثر بوجه خاص من انكشافها المرتفع على قطاع العقار في المنطقة. ونتج عن تصحيح سوق العقار خلال العامين الماضيين خاصة عند انفجار فقاعة دبي التي شهدت انخفاض قيم العقار بأكثر من 50 في المائة عن الذروة التي وصلت إليها في أغسطس 2008، تدهورا سريعاً في جودة الائتمان.
وتعليقاً على ذلك يقول حسون ان انكشاف البنوك الإسلامية المباشر وغير المباشر على سوق العقار أدى إلى أخذها مخصصات عالية جداً أصبحت نظامية وأكلت جزءاً كبيراً من دخل التشغيل. وهو ما خفض من الربحية ووصل أحياناً إلى مستويات سلبية.
ويرى حسون أن البنوك لا تزال مجبرة على وضع مخصصات مقابل القروض المتعثرة والاستمرار في ذلك لاحقاً، كما ينبغي على البنوك الحفاظ على وضع مخصصات في 2010، ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه حتى 2011. واعتبر حسون مستويات المخصصات الحالية في بعض البنوك غير كافية.

0 مشاركات:

إرسال تعليق