مسجد قرطبة" يشعل أمريكا ويهدد عرش أوباما

"مسجد قرطبة" يشعل أمريكا ويهدد عرش أوباما 
محيط - جهان مصطفى





رغم مرور أسابيع على موافقة المجلس المحلي لمدينة نيويورك على بنائه ، إلا أن الجدل والانقسام بين الأمريكيين حول إقامة مسجد قرب موقع هجمات 11 سبتمبر مازال يتصاعد وبشكل أكثر خطورة بل ووصل الأمر إلى التحذير من أنه يهدد شعبية الديمقراطيين وأوباما قبل انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في نوفمبر المقبل .

ففي 23 أغسطس / آب ، خرج المئات من سكان نيويورك في مظاهرتين منفصلتين ، إحداهما لتأييد بناء المسجد والأخرى لمعارضة الأمر ، ورغم أن الشرطة الأمريكية وضعت الحواجز على الطرق المحيطة بميدان "جراوند زيرو" حيث كان مركز التجارة العالمي الذي سيقام المسجد بجواره كما اتخذت إجراءات احترازية أخرى لمنع التصادم بين المظاهرتين ، إلا أن هطول المطر بشدة ساهم في تقليل عدد المشاركين في المظاهرتين وبقائهما تحت السيطرة.
ويبدو أن التطورات السابقة تضاعف مأزق أوباما ، فمعروف أنه أعلن في 13 أغسطس خلال استضافته مأدبة إفطار بمناسبة شهر رمضان في البيت الأبيض تأييده بناء مسجد ومركز ثقافي إسلامي قرب موقع برجي مركز التجارة العالمي اللذين دمرا جراء هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 في نيويورك .
وأعرب أوباما في هذا الصدد عن إيمانه بحق المسلمين في ممارسة شعائرهم الدينية كأي طائفة أو مجموعة أخرى في الولايات المتحدة ، قائلا :" هذا الحق يشمل حق بناء مسجد ومركز ديني على أرض خاصة في حي مانهاتن بنيويورك ".
وتابع "علينا جميعا احترام الحساسيات المحيطة بالمشاريع المنوي إقامتها في تلك المنطقة من حي مانهاتن ، فالمنطقة زيرو هي فعلا أرض مقدسة ،  ولكن دعوني أتكلم بوضوح : كمواطن أمريكي وكرئيس اؤمن بأن للمسلمين نفس الحقوق في ممارسة شعائر دينهم كغيرهم من الأمريكيين بما في ذلك حقهم في بناء مسجد لهم على أرض خاصة ما دام ذلك يتماشى مع القوانين والشروط المحلية ، هذه هي أمريكا والتزامنا بالحرية الدينية يجب أن يكون صلبا".
وأضاف أوباما "تنظيم القاعدة ليس مرادفا للإسلام وإن قضية القاعدة هي ليست قضية الإسلام بل إنها تشويه كبير للإسلام ، إن زعماء القاعدة ليسوا زعماء دينيين بل إرهابيون يذبحون الرجال والنساء والأطفال الأبرياء".
واختتم قائلا :" اعتداءات 11 سبتمبر/ أيلول شكلت صدمة عميقة لبلدنا ، الألم والمعاناة لدى الذين فقدوا أقاربهم لا يمكن تخيلهما ، لذلك أتفهم المشاعر التي يتسبب بها هذا الملف ، المنطقة زيرو هي بلا أدنى شك أرض مقدسة".

وما أن انتهى أوباما من التصريحات السابقة إلا وتعرض لعاصفة من الانتقادات من الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء حيث يخشى الديمقراطيون من أن تصبح تلك القضية سببا لتشتيت التأييد قبل انتخابات التجديد النصفي للكونجرس التي ستجري في نوفمبر/تشرين الثاني والتي يسعى الجمهوريون فيها إلى انتزاع السيطرة على الكونجرس.
مسجد قرطبة   


أحد المراكز الإسلامية في أمريكا

وما ضاعف من الانتقادات أن أوباما أصر على رأيه وسرعان ما خرج في 19 أغسطس ليؤكد أنه لا يشعر بالأسف لاتخاذه موقفا مؤيدا لبناء مركز إسلامي ومسجد قرب موقع هجمات 11 سبتمبر/ أيلول في نيويورك.

ويبقى التساؤل الذي يحير الجميع " هل الجدل المحتدم بين الأمريكيين يرتبط فقط ببناء المسجد أم أن الموضوع أكبر من ذلك ؟ ".
وقبل الإجابة عن التساؤل السابق كان لابد من إلقاء نظرة على المسجد مثار الجدل ووجهات نظر المؤيدين والمعارضين له  ، فالجالية المسلمة في نيويورك تسعى منذ شهور إلى بناء مركز إسلامي مكون من 12 طابقا بتكلفة تقدر بنحو 100 مليون دولار ويمثل مسجد أطلق عليه "مسجد قرطبة" مركزه الرئيس قرب ميدان جراوند زيرو مباشرة وهو مكان مركز التجارة العالمي الذى دمر فى هجمات 11 سبتمبر التي  أودت بحياة 2700 شخص.
وفي يوليو الماضي ، وافق المجلس المحلي في مدينة نيويورك على بناء المركز الإسلامي ومسجد قرطبة قرب موقع هجمات 11 سبتمبر .
وفيما يرى المؤيدون لبناء المسجد أنه يعتبر دليلا على التسامح وحرية الأديان في أمريكا ، يذهب المعارضون إلى أن الموقع المخصص لبناء المسجد والذي يفصله مبنيان فقط عن موقع مركز التجارة العالمي القديم الذى يطلق عليه أرض الجراوند زيرو يمثل حساسية لأسر ضحايا هجمات 11 سبتمبر ، إضافة إلى رغبة أسر الضحايا في احترام موتاهم الذين قضوا نحبهم في تلك الهجمات كما يرى المعارضون أيضا أن برفضهم بناء هذا المسجد سيوجهون رسالة عدائية إلى الأقلية المسلمة الأمريكية التي تعد صغيرة لكنها تنمو بصورة متزايدة .
وأخيرا ، أعرب المعارضون لبناء المسجد عن تخوفهم من أن يكون بؤرة لما أسموه " التطرف الإسلامي" ، ورغم ما سبق ، فإن الخوف من انتشار الإسلام بشكل متسارع منذ هجمات 11 سبتمبر يبدو أنه السبب الجوهري وراء معارضة بناء المسجد ، فوفقا لأحدث الإحصائيات فإن عدد المسلمين الأمريكيين قدر بنحو 2.350.000 مسلم في عام 2007 بعد أن كان عددهم 1.8 مليون عام 2000 ، كما يوجد حاليا ما يقرب من 1200 مسجد في كافة أنحاء الولايات المتحدة .
وأمام الحقيقة السابقة ، تصاعدت حملة اليمين المتطرف ضد الإسلام والمسلمين ، حيث زعم رئيس مجلس النواب الأمريكي السابق نيوت جينجريتش أن الولايات المتحدة تواجه هجوما ثقافيا سياسيا إسلاميا يهدف إلى تقويض وتدمير حضارتها .
وأضاف في تصريحات لصحيفة "واشنطن بوست" في 22 أغسطس أن هناك أصواتا مثله ترى ذلك مثل روبرت سبنسر صاحب الكتاب الأكثر مبيعا "الجهاد خلسة : كيف يخرب الإسلام الراديكالي أمريكا دون بنادق وقنابل ".
وفي تعليقه على مشروع مركز قرطبة الإسلامي والمسجد الذي تلقى المخططون له موافقة من مدينة نيويورك ، قال جينجريتش :" حسب الدستور يصعب رؤية دعوى قضائية ضد بناء المسجد إلا أن هذا لا يعني أن عملية بنائه أصبحت أمرا واقعا حيث أن المجموعة المسئولة عن بناء المركز لا تزال تحتاج نحو 100 مليون دولار كما أن وجود شكاوى مرفوعة حول المسجد من مجموعة متنوعة من الجهات يجعل توفير هذا المبلغ أمرا صعبا يحتاج لكثير من الجهد".
حملة مدروسة


تصاعد العداء لمسلمي أمريكا

وبجانب الذعر من انتشار الإسلام ، فإن دعوة كنيسة في فلوريدا لحرق "القرآن الكريم " في ذكرى إحياء هجمات 11 سبتمبر لا يخلو أيضا من مغزى واضح وهو التغطية على الفضائح الجنسية في عشرات الكنائس الكاثوليكية .

فالمتابع للتطورات داخل أمريكا يلمس بوضوح أن هناك حملة مخططة للهجوم على الإسلام ، حيث كشفت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية في 29 يوليو الماضي أن كبريات المدن بالولايات المتحدة تشهد حملة دعائية معادية للإسلام تتخذ من حافلات المواصلات العامة وسيلة للترويج لأفكارها وإذكاء جدل حول مكانة الإسلام في المجتمع الأمريكي.
وأضافت الصحيفة أن جماعة تطلق على نفسها اسم "أوقفوا أسلمة أمريكا" بدأت بإلصاق إعلانات دعائية في حافلات نقل الركاب العامة في المدن الكبرى تحث فيها المسلمين على الردة عن دينهم .
ومن الشعارات التي تحملها الملصقات الدعائية في الحافلات وتدعو المسلمين للارتداد عن دينهم " "هل أنت مستعد لتحمل فتوى ضدك؟" و"هل أسرتك أو جماعتك تهددك؟" و"هل تركت الإسلام؟" .
ولم يكد يمر يوم على ما ذكرته صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" ، إلا ودعت كنيسة "دوف" التبشيرية وهي كنيسة محلية في ولاية فلوريدا الأمريكية في 30 يوليو / تموز الماضي إلى حرق "القرآن الكريم" علنا في ذكرى هجمات 11 سبتمبر .
ولم يقف الأمر عند ما سبق ، بل إن الكنيسة بدأت بالفعل بالترويج للاستفزاز السابق من خلال صفحتها على موقع "فيس بوك" الاجتماعي العالمي على الإنترنت ، داعية المسيحيين الراغبين بالمشاركة إلى زيارتها لإحراق المصاحف.
وسرعان ما خرج القس تيري جونز المشرف على كنيسة "دوف" بتصريحات عنصرية شن خلالها هجوما على الإسلام ، قائلا :" إنه ليس ديناً سماوياً بل هو من نتاج الشيطان وإن المؤمنين به سيذهبون إلى النار ، الإسلام من نتاج الشيطان وهو يتسبب بدفع مليارات البشر إلى جهنم ، إنه دين مخادع وعنيف ".
ما سبق يؤكد أن هناك مؤامرة يتم تنفيذها بخطوات مدروسة لإثارة فزع الأمريكيين من الإسلام بعد تراجع مرتادي الكنائس وتزايد اعتناق الإسلام وخاصة في أعقاب تفجر الفضائح الجنسية لعشرات القساوسة الكاثوليك

0 مشاركات:

إرسال تعليق