التوافق في انتخابات بيروت البلدية بين تمسك عون بنصف مقاعد المسيحيين ورفض «المستقبل»

التوافق في انتخابات بيروت البلدية بين تمسك عون بنصف مقاعد المسيحيين ورفض «المستقبل»
فرعون  : صعوبات كبيرة في المبادئ التي يطرحها التيار الوطني
بيروت: يوسف دياب
لا يزال الاتفاق على تشكيل لائحة توافقية لانتخابات بيروت البلدية تضم كل الأحزاب والتيارات السياسية الرئيسية تحول دونه الكثير من العقبات والعقد، خصوصا عقدة التيار الوطني الحر، التي تبدو مستعصية على الحل حتى الآن، في ظل إصراره على أن يتمثل في المجلس البلدي الجديد بنسبة 45 في المائة من مقاعد المسيحيين انسجاما مع ما حصل عليه من أصوات في الانتخابات النيابية التي حصلت صيف العام الماضي، وممانعة نواب بيروت المسيحيين لهذه المطالب «التعجيزية». وما زاد من صعوبة التوافق تأييد حزب الله مطالب حليفه التيار العوني، وتأكيده أنه لن يدخل في أي لائحة ائتلافية لا تضم فريق النائب ميشال عون، وهذا ما يزيد من إحراج تيار المستقبل ورئيسه (رئيس الحكومة) سعد الحريري، الذي يسعى حتى ربع الساعة الأخير لإقناع كل الأطراف بالتوافق على مجلس بلدي يتمثل فيه الجميع ويكون منسجما وقادرا على خدمة العاصمة وتطورها.
وفي هذا المجال، أقر وزير الدولة لشؤون مجلس النواب ميشال فرعون المكلف بالتفاوض مع التيار الوطني الحر، بوجود صعوبات كبيرة في المبادئ التي يطرحها التيار الوطني، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «المشكلة معهم في أمرين، الأول أنهم يفاوضون باسمهم وباسم حزب الطاشناق، في وقت يفاوض فيه الأخير عن نفسه ويتواصل مع الجميع كطرف مستقل، والثاني أن التيار الوطني الحر يريد أن يبدأ الحوار معه من نتيجة الانتخابات النيابية وحصوله على 45 في المائة من مقاعد المسيحيين في البلدية، وهذا غير واقعي لأن مرجعية المسيحيين في الدائرة الأولى في بيروت تكرست في الانتخابات، ونواب هذه الدائرة يضمنون مصلحة المسيحيين والمصلحة الوطنية»، وأوضح أنهم «يطرحون أجواء تشنجية وتصادمية وغير منطقية، وهذه الأجواء تقف عائقا أمام أي تقدم، وهذا ما يخالف نوايا حلفائهم، حزب الله وحركة أمل، والطاشناق». وأكد أنه «لا مشكلة مسيحية ولا حتى سياسية، بل هي مشكلة فريق واحد يرفع السقف، وينتظر أن يتضامن حلفاؤه معه، وبالتالي فإن التفاوض معه لن يبقى مفتوحا لأن الشارع يسبقنا والوقت يداهمنا». وكشف فرعون أن «المفاوضات توقفت مع التيار الوطني الحر، ولا جديد في هذا الخصوص في ظل الطلبات المضخمة للتيار للدخول في التوافق في بلدية بيروت»، مؤكدا في الوقت نفسه «الانفتاح على الجميع».
وتحدث عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري عن المساعي التي يبذلها تيار «المستقبل» لبلورة واقع توافقي، فقال لـ«الشرق الأوسط» نحن «نسعى في بيروت بقوة إلى التوافق إذا أمكن، ولكن إمكانية التوافق مبنية على رغبة في جعل مروحة المشاركة واسعة لتشمل كل القوى السياسية إذا أمكن، لكن تمثيل هذه القوى هو بشكل أو بآخر تمثيل رمزي وينطبق على معظم القوى السياسية في المجلس البلدي»، وأوضح أن «تفويض نواب الدائرة الأولى في بيروت (للتحاور مع التيار الوطني الحر) كان هدفه اختصار الطريق ومحاولة الوصول إلى التوافق الذي هو الآن بيد التيار الوطني الحر، فنحن نرغب ونصر على التوافق وفق مطالب معقولة وليست تعجيزية، وإذا لم يتحقق هذا التوافق سنكون حينها آسفين أننا سنخوض الانتخابات من دونه».
وحول موقف حزب الله المتضامن مع التيار الوطني الحر وإمكانية تشكيل لائحة منافسة في بيروت إذا لم يتحقق التوافق مع ما يستتبع ذلك توترات على الأرض، استبعد حوري «صدور هذا الموقف عن حزب الله لأنه ليس موقفا رسميا، إنما تسريبة إعلامية»، وأشار إلى أن «أي لائحة منافسة في بيروت لن تحقق فوزا على الإطلاق»، مبديا عدم تخوفه من توترات أمنية، مذكرا بأنه «في الانتخابات النيابية كانت ثمة لوائح مقابلة ولم تحصل حوادث أمنية»، مؤكدا أن «تسمية رئيس بلدية بيروت لم تحسم بعد لأن الأولوية ما زالت تعطى لمساعي التوافق».
ولفت عضو تكتل التغيير والإصلاح، النائب حكمت ديب، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «ما يطلبه التيار الوطني الحر في انتخابات بيروت أن تتمثل إرادة كل الأهالي بشكل عادل»، وقال «حصلنا في الانتخابات النيابية على 45 أو 49 في المائة من أصوات الناخبين المسيحيين، وإذا أرادوا أن يأخذ كل فريق حقه في غياب النسبية، فيجب احترام نتائج انتخابات بيروت النيابية، وأن نتمثل أقله بـ47 في المائة من مقاعد المسيحيين، وبخلاف ذلك لا معنى للبحث في توافق».
وأضاف «عندما سمعنا كلام نواب مسيحيي 14 آذار في بيروت (عن حقهم في تسمية الأعضاء المسيحيين في اللائحة) أدركنا سبب رفض اعتماد النسبية في بيروت أو تقسيم العاصمة إلى عدة دوائر انتخابية كما هو الحال في أثينا ولندن مثلا، وهذا ليس ضربا لوحدة العاصمة كما يقولون»، وإذ ذكّر بأن رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري «استخدم كل نفوذه لتأمين المناصفة بين المسيحيين والمسلمين في الانتخابات السابقة»، أكد أنه «لا أحد من القوى السياسية مهما كبر حجمه قادر على إعطاء ضمانات للحفاظ على المناصفة، لأن الضمانة الحقيقية تتأمن بالقانون وبالنصوص وليس بالنوايا»، مؤكدا أن «التنسيق قائم يوميا وساعة بساعة مع حزب الله وحركة أمل، بما خص الانتخابات البلدية في كل المناطق خصوصا في بيروت، بحيث سيكون قرارنا فيها واحدا وسيتخذ في وقته».
وكان عضو كتلة المستقبل النائب محمد قباني أكد أن تيار المستقبل «يفضل أن يكون هناك توافق بين الجميع في الانتخابات البلدية، لترضى الأكثرية الساحقة في بيروت والتي بدورها تريد التوافق»، وأشار إلى أن «التشاور مستمر، والمطلوب اقتناع الجميع بأن مصلحة العاصمة فوق أي اعتبار فئوي أو محاصصة قد يفكر بها البعض». وقال «المناصفة عرف نهائي في بيروت أرساه الرئيس الشهيد رفيق الحريري منذ عامي 1998 و2004، ومستمر مع الرئيس سعد الحريري».
أما عضو كتلة الإصلاح والتغيير، النائب الآن عون، فرأى أن «العاصمة لها خصوصية معينة، والتوافق فيها يأخذ بمعيار القوى السياسية.. وإذا كان رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري حريصا على وحدة بيروت وعلى صفحة الوحدة الوطنية، فحكما سيصل إلى اتفاق مع القوى السياسية التي كانت تعتبر معارضة، لتشكيل لائحة المجلس البلدي في بيروت، ومن يملك الأكثرية هو الذي يسمي رئيسا للبلدية».
من جهته، لم يستبعد الوزير السابق ماريو عون أن يلجأ التيار الوطني الحر إلى «خيار مقاطعة الانتخابات البلدية في بيروت، في حال عدم الأخذ بموضوع التوافق في تأليف المجلس البلدي للعاصمة»، وأكد أنه «حتى الآن لم تكن هناك أي نتيجة في بيروت»، آملا أن «تلبى مطالب التيار الذي طلب مشاركة في المجلس بنسبة 40% من حصة المسيحيين».

0 مشاركات:

إرسال تعليق