لماذا تؤيد السعودية ثورة ليبيا وتتخوف من احتجاجات البحرين واليمن؟

saudi flag
سارعت السعودية إلى تبني موقف واضح من ثورة ليبيا بالوقوف ضد نظام القذافي، لكنها على العكس من ذلك انحازت إلى جانب نظام البحرين ضد المحتجين وتمسك بالعصا من الوسط بالنسبة للوضع في اليمن. فما هي خلفيات هذه المواقف المزدوجة؟
 

لم تتأخر قطر والسعودية والإمارات العربية المتحدة كثيرا في التفاعل مع ثورة ليبيا ضد نظام العقيد معمر القذافي، حيث بلورت هذه الدول موقفا واضحا تمثل في دعم الثوار هناك. وقد صوتت هذه الدول في الجامعة العربية لصالح فرض حظر جوي فوق ليبيا، كما تساهم بعضها
بشكل أو بآخر في "عملية أدويسا" العسكرية ضد نظام القذافي. لكن في المقابل وقفت هذه الدول ضد الحركة الاحتجاجية في البحرين، بل إن السعودية والإمارات أرسلتا قوات إلى المنامة للمساهمة في إخماد الاحتجاجات. وفيما يتعلق بالوضع في اليمن تشترك الدول الخليجية مع الدول الغربية على الأقل، في السكوت على قمع المحتجين، ويدور الحديث عن وجود وساطة سعودية في اليمن تصب ـ كما تعتقد المعارضة اليمنية ـ في مصلحة الرئيس اليمني. فهل نحن أمام سياسية مزدوجة من قبل السعودية ودول الخليج إزاء الأحداث الجارية في المنطقة أم أن الأمر له خلفيات أخرى؟
"الوضع في ليبيا مختلف عنه في البحرين"
لاشك أن اختلاف المواقف السياسية هو ترجمة لاختلاف مصالح هذه الدول، كما يقول الصحافي والحقوقي السعودي عبد العزيز الخميس، رئيس المركز السعودي لدراسات حقوق الإنسان في لندن. ويضيف الخميس، في مقابلة مع دويتشه فيله، القول بأن الوضع في ليبيا يختلف تماما عنه في البحرين، حيث أن الثورة الليبية في نظر السعودية والدول الخليجية الأخرى "ثورة تستحق الوقوف معها لأسباب عديدة منها أن النظام الليبي معروف بدمويته، لاسيما بعد المجازر التي حدثت في ليبيا، فكان لا بد من الوقوف ضد النظام إلى جانب الشعب الليبي". إضافة إلى أن نظام القذافي "مشهور بمشاكله مع دول الخليج وهي مشاكل عديدة"، ولاسيما مع النظام السعودي وبالتالي كانت فرصة مناسبة لأنظمة الخليج لمحاولة التخلص من القذافي ومساندة الثورة الشعبية. 
قوات سعودية لمساعدة المنامة علي السيطرة علي المظاهرات
 أما بالنسبة للوضع في البحرين فيقول خميس إنه يختلف، إذا أن النظام يعد جزءا من منظومة مجلس التعاون الخليجي، وبالتالي فإن الوقوف مع المنامة يعتبر "واجباً". إضافة إلى ذلك ـ والكلام مازال لخميس ـ فإن "ثورة البحرين هي ثورة طائفية بامتياز"، فقد بدأت بمطالب سلمية إلا أنها تحولت إلى "وضع طائفي"، مما أثار حنق النظام البحريني وأيضا أثار خشية وارتياب ألأنظمة الخليجية" التي سارعت إلى تقديم مساندة عسكرية للبحرين.
من ناحيته يضيف الخبير الألماني، ميشائيل لودرز،  سببا آخر لتدخل السعودية عسكريا في البحرين، مشيرا ـ في مقابلة سابقة مع دويتشه فيله ـ إلى أن هذا التدخل جاء مدفوعا بمخاوف من انتشار موجة الاحتجاجات الشيعية من البحرين إلى أراضيها وخاصة في المنطقة الشرقية، ذات الأغلبية الشيعية. وفي مقابلة مع قناة التلفزيون الألماني الأولى ( إيه آر دي) يقول لودرز أن النظام في البحرين يستفيد من "الشقيقة الكبرى" السعودية، وهذه بدورها ليس متوقعا أن تجد نفسها تحت ضغوط أمريكية للتجاوب مع المطالب الديمقراطية. ويتابع: "الحركة الاحتجاجية الشيعية في البحرين يمكن أن تتجاوز الحدود لتصل إلى الشيعة في المنطقة الشرقية، حيث توجد أكبر حقول النفط في العالم".
"موقف السعودية إزاء اليمن حساس جدا"
أما بالنسبة للوضع في اليمن فيصف خميس موقف السعودية بأنه "يقف في المنتصف" وإن كان يميل أكثر لصالح النظام اليمني، مشيرا إلى أن الوضع في اليمن بطبيعته حساس بالنسبة للسعودية نظرا لوجود مشاكل تاريخية بين البلدين؛ حدودية وغيرها. لذلك فإن السعودية وحرصا منها على إثارة هذه الحساسية تكتفي بدور الوسيط، لاسيما وأن للرياض علاقات جيدة مع القبائل اليمنية. وردا على سؤال بأن الوساطة السعودية تفسر من قبل المعارضة اليمنية بأنها تصب في مصلحة النظام وتؤجل مطلب الشعب برحيله وبالتالي إنقاذ وضع الرئيس اليمني، قال الحقوقي السعودي، "يمكن أن يفسر بهذه الطريقة، لكنها يمكن أن تفسر على أنها تصب في مصلحة اليمن من خلال محاولة إنقاذه من الحرب الأهلية".
ويعتقد خميس "أن على النظام السعودي أن يدرك أنه يجب أن يقف مع اليمن عموما وليس مع علي عبدالله صالح ضد شعبه أو الوقوف مع أي طرف ضد علي عبدالله صالح، ففي أي من الحالتين سيكون خطأ سياسيا كبيرا".    
مخاوف من القاعدة ومن النفوذ الإيراني

وفي إجابة على سؤال حول ما إذا كانت المخاوف من إيران ومن القاعدة هو القاسم المشترك بين الدول الخليجية والدول الغربية، وبالتالي كانت مواقف هذه الدول من الاحتجاجات في البحرين واليمن متشابهة؟ يجيب الحقوقي السعودي عبد العزيز خميس بـ "نعم"، مشيرا إلى أنه بالنسبة لليمن تسود مخاوف من حدوث حرب أهلية ستجدها القاعدة هناك كما وجدتها في السابق في أفغانستان. ويتابع بأن الغرب والسعودية يقفان مع حكومة قوية في اليمن أيا كانت، فـ " ليس هناك غرام وعشق متبادل بين علي عبدالله صالح والأنظمة في الخليج، بل هناك مصالح، ولا توجد صداقة دائمة بينهما". 
أما بالنسبة للمخاوف من النفوذ الإيراني فيقول إن "خطر إيران واضح"، معتبرا أنه كان هناك "غباء سياسي كبير من قبل الساسة الإيرانيين في تدخلهم في الشأن البحريني"،  فقد أساء هذا التدخل كثيرا  لشيعة البحرين التي "سيِّست مطالبها المشروعة"، وفق تعبير الحقوق السعودي.


0 مشاركات:

إرسال تعليق