إدارة أذن صماء للغة الصينية أمر يفتقر إلى الحكمة

إدارة أذن صماء للغة الصينية أمر يفتقر إلى الحكمة




جيمس لامونت

بدأت الهند تبحث عن أفكار جديدة لتشغيل العنصر الشبابي من سكانها. فنحو 62 في المائة من سكان الهند البالغ عددهم 1.2 مليار نسمة تحت سن 25. ويحتاج هؤلاء السكان الذين تتزايد أعدادهم إلى فرص خارج الفرص التي يمكن أن يوفرها لهم نمو اقتصادي محلي نسبته 8.5 في المائة.

من الأجوبة التي تعتبر في المتناول، تعلم لغة المندرين وطرق باب الفرص التي يتيحها الاقتصاد الصيني المجاور الذي ينمو حتى بخطى أسرع.

وبالفعل اقترح وزير التربية والتعليم الهندي، كابيل سيبال، الذي يتصف ببعد النظر، إدخال تعليم لغة المندرين في المدارس الهندية التابعة للدولة وطلب مساعدة الصين لتحسين قدرات الهند اللغوية. ومن شأن هذه الخطوة أن تمثل تحولاً كبيراً في السياسة لبلد طالما قلل من أهمية تعلم اللغة الصينية لصالح اللغة الإنجليزية ولغاته الإقليمية.

لم تعد إدارة أذن صماء للغة الصينية من الحكمة في شيء، ولا تخدم مصالح البلد الاقتصادية. فمن المتوقع أن يصل حجم التجارة بين البلدين إلى 60 مليار دولار تقريبا هذا العام. وبعض التكنولوجيا التي تساعد في تغيير الهند، كمحطات الكهرباء وأعمدة الهواتف الجوالة، تأتي عبر جبال الهمالايا، ناهيك عن عدد كبير من البضائع المنزلية الرخيصة.

وتقيس الهند نفسها بصورة متزايدة بالصين. ولذلك التحدث بلغتها يمكن أن يساعدها على تكوين فهم أفضل للأشياء التي فعلتها الصين بشكل صحيح بهدف تعزيز دخلها القومي بهذه الصورة الملحوظة خلال العقود الأربعة الماضية. كذلك يمكن أن يحسن العلاقات بين قوتين صاعدتين كثيراً ما تبدوان جهتين متنافستين شديدتي الحساسية إزاء بعضهما، الأمر الذي تؤججه الخلافات الحدودية القائمة بينهما والتشاحن على النفوذ في المنطقة، بدلاً من أن يكونا حليفين.

والصين ليست معروفة جيداً خارج دائرة كبار الدبلوماسيين ورجال الأعمال في الهند، ذلك أن قلة قليلة من الناس أتيحت لم فرصة السفر إلى الصين أو الدراسة فيها.

وتعد الصين جزءاً رئيسياً من رؤية سيبال التي تهدف إلى جعل الهند عاصمة الخدمات في العالم. وتشكل الخدمات بالفعل نسبة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي للهند. وفي المستقبل ستصدر الهند مواردها البشرية إلى أجزاء من العالم الذي تتقادم أعمار أبنائه ويحتاج إلى المواهب. ومن المتوقع أن تكون الصين التي تتبع سياسة السماح للعائلات بإنجاب مولود واحد، لوقف نمو عدد سكانها، واحدا من تلك البلدان.

ويكمن مصدر إلهام رؤية سيبال في صناعة الإسناد الهندية المتخصصة في خدمات تقنية المعلومات. فقد ساعد استخدام اللغة الإنجليزية والخريجون الشباب ذوو الكفاءات على دمج الاقتصاد الهندي في اقتصاد أمريكا الشمالية وأوروبا خلال العشرين عاماً الماضية.

وبدأت الشركات التي تسند عملياتها إلى جهات أخرى، الاتجاه إلى أمريكا اللاتينية وإلى بلدان أخرى في آسيا، وبخاصة سوقي الصين واليابان اللتين تعتبران من الأسواق الصعبة. وتعتبر القدرات اللغوية بالغة الأهمية لنجاح هذا الأنموذج.

يأتي اهتمام نيودلهي بتشجيع تعلم لغة المندرين في وقت يتزايد فيه عدد الطلبة الذين يتعلمون هذه اللغة في العالم بشكل كبير. وبلغ عدد الملتحقين بمراكز كونفوشيوس الصينية نحو 260 ألف شخص ينتمون إلى بلدان مختلفة في أنحاء العالم، وهو ما يوازي عدد الملتحقين بالمراكز الثقافية الفرنسية، أو بالمجلس الثقافي البريطاني في العام الماضي.

في المقابل، كانت الهند تنظر إلى المراكز الصينية بعين الريبة واستثنتها من مراكز التعليم الرئيسية المعتمدة لديها.

وغالباً ما يأخذ سيبال زمام القيادة حيث تتخلف البيروقراطية التي تحيط بالتعليم في الهند. فمنذ أن تولى منصبه قبل ما يزيد على عام بقليل، اكتسب سمعة بأنه ديناميكي في وزارة عرفت ببطئها في الرد على التحدي الهائل المتمثل في تزويد ملايين الهنود بالمهارات المناسبة لضمان عدم تحول تنوع الهند الديموغرافي الذي يُعتز به إلى لعنة.

ومن المرجح أن يواجه تشجيع لغة المتدربين بعض العقبات. أولاً، يتعين على سيبال أن يقنع مجلس التعليم الثانوي المركزي المحافظ في الهند بتوسعة تعلم اللغات في المناهج الدراسية الوطنية. وسيسأل كثيرون إذا كان الهدف من تعلم لغة المندرين هو إيجاد مكان، فماذا عن دور اللغة الروسية واللغة الإسبانية في مساعدة الهنود على أن يصبحوا مواطنين عالميين؟ وسيتساءل آخرون أين يمكن العثور على معلمين أكفاء؟

ثانياً، السياسة التي تحكم اللغات قوية في الهند. ففي العقود الماضية، قاومت الولايات الجنوبية في الهند بضراوة أن يتم التعليم في المدارس باللغة الهندية التي تعد لغة شمال الهند. ومعظم الولايات تدافع عن لغاتها الأم وتعطي الأولوية لها.

ثالثاً، ربما يعتبر بعضهم أن تشجيع تعليم لغة المندرين يؤدي إلى ذوبان الهوية واللغة الهندية في الولايات الشمالية الشرقية التي تحد الصين، كولاية أروناشال براديش وولاية سِكيم.

ورغم ذلك، ما من شك في أن سيبال عازم على أن يفعل شيئاً. ذلك أن اللغة لها قوة تحويلية كبيرة في الهند الحديثة والعصرية.

0 مشاركات:

إرسال تعليق