بحوث البيولوجيا المتطوّرة تنتقل الى الدول النامية بآفاق ملتبسة

Biosafety
مدونة بانوراما: اختتمت في عمّان أخيراً فعاليات «المؤتمر الدولي الثالث للأمن والسلامة البيولوجية» 3rd International Conference on Biosafety and Biosecurity، الذي نظمته «مدينة الحسن العلمية» بالتعاون مع «المركز الدولي لعلوم الحياة»، تحت عنوان «مجتمعات صحية وأكثر أمناً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا». وشارك فيه أكثر من 200 خبير وعالم وهيئة ديبلوماسية ومنظمة دولية، جاؤوا من 29 دولة.
سعى المؤتمر للتعريف بالمخاطر البيولوجية التي تهدّد المنطقة، والعمل على تخفيفها عبر
تطوير إستراتيجيات في السلامة البيولوجية محلياً وإقليمياً.
في مستهل المؤتمر، ألقى الأمير الحسن بن طلال كلمة أشار فيها إلى التطورات الهائلة في تقنيات البيولوجيا، مشيراً إلى أن انتقال البحوث العلمية المتطوّرة إلى البلدان الناشئة، يزيد من إمكان حدوث الكوارث والمخاطر البيولوجية في هذه البدان. واستنتج ضرورة أن تدرك هذه الدول أنه لا يمكن تطوير نُظُم الأمن والحماية من المخاطر البيولوجية، إلا بتكاتف جهود الحكومات والإدارات المالية والمجتمع المدني. وأوصى بضرورة إيصال المعلومات المتعلقة بالمنشآت المُصنّعة للمواد الكيماوية إلى الأطراف المعنية، وضمنها السلطات المحلية والمواطنين، خصوصاً القاطنين بجوار تلك المنشآت.
وأكّد أيضاً أهمية إخضاع هذه المنشآت والمواد الخطيرة المُخزنة لعمليات تفتيش تتبع معايير دولية صارمة، مشيراً إلى ضرورة بناء هذه المنشآت خارج المناطق المكتظة بالسكان.
ودعا إلى تطوير نُظُم المراقبة وإستراتيجيات التعامل مع حالات الطوارئ، بمشاركة من الأمم المتحدة.
في المؤتمر عينه، أكُدت الأميرة سمية بنت الحسن، وهي رئيسة «مدينة الحسن العلمية» و «الجمعية العلمية» في الأردن، ضرورة توظيف التقنيات الحديثة للتغلب على تحديات الصحة والسلامة البيولوجية التي ترافق التقدّم في علوم الحياة، التي تركّز على زيادة انسجام الإنسان مع البيئة.
ثورة البيئة وبناها التحتية
ناقش المؤتمِرون محاور تتعلق بالسلامة البيولوجية التي فرضها الاهتمام المتزايد بتقنيات البيولوجيا المتّصلة بالبيئة، وسُبُل حماية منظومة البيئة، وبناء القدرات البشرية المؤهلة لتحقيق الأمن البيولوجي، والمسائل القانونية والتشريعية المتصلة بالتهديدات البيولوجية لحياة البشر والحيوان والنبات، إضافة إلى تحديد آليات التخطيط الوطني الشامل حيال هذه المسائل كافة.
وبحثوا سوء استخدام التقنيات الحيوية والإفراط في تداول منتجاتها، للخروج بإستراتيجيات تفيد في تفادي هذه المخاطر والحيلولة دون تفاقم آثارها.
وأشاروا إلى الإنجازات التي حققها المؤتمر في دوراته الماضية، خصوصاً ما يتصل منها بالسلامة الصحية. ونبّهوا إلى طُرق الاستفادة من رأس المال البشري لتحقيق الأمن البيولوجي، مشيرين إلى سبل استخدام الطاقات البشرية للحيلولة دون تفشي مسببات الأمراض، والكشف عن انتشار الأمراض والأوبئة الجديدة وتعقّبها. وبحثوا طرق تشخيص الأمراض المُعدية، وتطوير أدوية ملائمة، الشروط اللازمة لفرض حجر صحي، إضافة إلى الحفاظ على النظام عند انتشار أوبئة خطيرة، والعمل على تعقيم المناطق المصابة، وإجراء بحوث حول أسباب تفشي هذه الأمراض وغيرها.
في السياق عينه، بحث المشاركون في «المؤتمر الدولي الثالث للأمن والسلامة البيولوجية» في البنية التحتية المادية للسلامة والأمن البيولوجيين، كما تداولوا في مواضيع متعلقة بالمنشآت والمعدات اللازمة لهما.
وناقشوا أيضاً معايير السلامة البيولوجية في المختبرات، وضمنها طُرُق التخلص من المخلّفات الصلبة وتنقية الهواء والمياه والتربة وغيرها.
وتناولوا تفاصيل البنى التحتية الضرورية لتشخيص الأمراض السارية والمُعدية، سُبل تطوير لقاحات لمكافحة انتشارها، وطرق تجهيز المجتمع لمواجهة الأوبئة الخطيرة.
وبحث المشاركون أيضاً القضايا القانونية والتـــشريعية المتــعلقة بالاستخدام الآمن للبيولوجيا، وكذلك محاذير سوء اســتخدام التقنــيات البيولوجيا، مركّزين على القوانين المتــعلقة بأمن العمل في المختبرات، والقوانين المتعلقّة بمتطلبات تدريب العاملين في هذه المختبرات وسجلهم المدني، إضافة إلى تشــريعات تتصل بعمليات التشغيل الآمنة ومعايير مراقبة جودة المنتجات البيولوجية، مع تركيز كبير على القوانين المانعة لتصنيع أسلحة بــيولوجية وـحيازتها واستخدامها.
وخصّص المشاركون في هذا المؤتمر محوراً لبحث التغيّر في البيئة وآثاره على صحة الكائنات الحيّة كافة، وضمنها الإنسان، وسلامتها.
التجهّز لمواجهة الكوارث، واستعرضوا سبل الاستعداد والتأهّب في مواجهة تفشي وباء ما، وطنياً وحكومياً. وناقشوا المحاور الأساسية الواجب أخذها في الاعتبار عند التحضير لأي كارثة محتملة، التي تشمل إجراءات الوقاية، وطرق تخفيف الأضرار، وإجراءات التماشي مع الأوضاع الناجمة عن الكوارث، وسُبل الخروج من الكارثة، والعمل على تفادي الأوبئة والكوارث عموماً.
في هذا السياق، دعا الأمير الحسن بن طلال إلى الربط بين البحوث العلمية وحاجات التنمية وطنياً، والعمل على إشراك المجتمع المدني في الاستفادة من هذه البحوث.
وأكد ضرورة تكاتف الجهود الدولية لتعزيز بناء المجتمعات ضمن مفهوم فوق- قطري تنبثق منه إستراتيجيات لإدارة الأزمات والكوارث.
وشكر الأمير الخبراء والمشاركين في المؤتمر على جهودهم في إنجاحه، مشيراً إلى أنهم ناقشوا مواضيع علمية متميّزة منها ما يطرح للمرة الأولى في المنطقة مثل «البيولوجيا الاصطناعية» Artificial Biology، مُنوّهاً بالدور الذي أداه «المركز الدولي للعلوم الحياتية» في إنجاح هذا المؤتمر.
وفي توصياتهم، شدّد المشاركون على أهمية صوغ إستراتيجيات لحماية أمن شعوب المنطقة من مخاطر التلوث البيولوجي. ودعوا إلى إنشاء مراكز تدريب متخصصة في السلامة والأمن البيولوجيين، في بلدان الشرق الأوسط. ولفتوا النظر إلى أهمية عقد مؤتمرات دورية وإقليمية عن السلامة البيولوجية، إضافة إلى تنظيم دورات تدريبية هدفها رفع مستوى الوعي عند الجهات المحلية المعنية بالأمن والسلامة البيولوجيين.
وجدّدوا التأكيد على ضرورة تعزيز القدرات في رصد الأوبئة والأمراض المعدية، وفق معايير الصحة العالمية. كذلك أوصوا بالتشديد على ضرورة إنشاء مؤسسات متخصصة في السلامة البيولوجية في دول المنطقة وربطها ببعضها البعض، لتنسيق العمل المشترك بينها ، وللتفاعل مع «الاتحاد الدولي لمؤسسات السلامة البيولوجية» International Federation for Biosafety Associations.
وشاركت في المؤتمر منظمات دولية مثل «اليونيسكو» و«اليونيسف» و«الأونروا» و«المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين»، و«برنامج الشراكة الكندي العالمي»، و«منظمة ميريوكس» المتخصصة في الأمراض والأوبئة المنتشرة في دول العالم الثالث، و«صندوق سكول للتهديدات العالمية»، إضافة إلى عدد من رؤساء الجامعات والمؤسسات العلمية والأكاديمية.



0 مشاركات:

إرسال تعليق