"الأزمة اليمنية في تفاقم والمعارضة تفتقد لشخصية تحظى بالإجماع"

الثورة اليمنية
مدونة بانوراما :يرى الباحث اليمني فؤاد الصلاحي أن غياب شخصية يمنية تحظى بالإجماع يساهم في تأخير توحيد صفوف المعارضة اليمنية، وبالتالي تخوف الغرب منها. ويؤكد الصلاحي على أن المشكلة اليمنية ليست محلية، وإنما يمكن أن تمتد تبعاتها إلى جميع دول المنطقة، ومن هنا يجب الإسراع لإيجاد حل عاجل. كما يرى الخبير في الشؤون اليمنية أن البلاد لو دخلت حربا أهلية فستنتقل آثارها إلى دول الجوار وبخاصة السعودية.
وفيما يلي نص الحوار:

المحاور: ما هي قراءتك للتصعيد الأخير على الساحة اليمنية؟
فؤاد الصلاحي: أتصور أن الشباب في الساحات وفي صفوف المعارضة اختاروا التصعيد السلمي من خلال المسيرات المليونية التي تطالب بتحقيق التغيير السياسي من خلال نقل السلطة من الرئيس إلى نائبه. ولكن هذا المشهد لم يمر بالطريقة التقليدية المعتادة، حيث ووجه المتظاهرون بحملات قمع عسكرية كانت حصيلتها منذ أول أمس إلى صباح اليوم أكثر من 60 قتيلا في صنعاء لوحدها، ناهيك عن القتلى في تعز والحديدة وبعض المدن الأخرى إضافة إلى أكثر من ألف جريح. هذا التصعيد رافقه تجديد للمبادرات السياسية الخليجية والأممية.
هل تخشى أن تتطور هذه الأحداث إلى حد دخول البلاد في حرب أهلية؟
ليس بالضبط، ولكن كل شيء مفتوح. الأزمة المتفاقمة في اليمن وعدم وضوح رؤية للحل، وعدم جدية الأطراف الدولية والإقليمية في التدخل القاطع والجاد، يؤدي إلى إمكانية انتقالها (الأزمة) إلى مربعات جديدة قد تنتهي بتعميم الحرب على الساحة اليمنية.
ولكن حتى هذه اللحظة الخيار العسكري هو خيار النظام أصلا وليس خيار المعارضة، وربما هو الورقة الوحيدة التي بقيت لدى النظام أساسا، لان المعارضة توجد لديها خيارات متعددة. وكنا نأمل أن لا تسمح الأطراف الدولية بولوج هذا المنعطف الخطير، لأن الحرب الأهلية في اليمن لن تقف على الساحة اليمنية أو على الجغرافيا المحلية في البلاد، وهذا أمر يجب أن يفهمه جيراننا خصوصا السعودية، لان أي حرب مستقبلية ستنتقل آثارها إلى هذه الدول وفي مقدمتها السعودية.
ما مدى مسؤولية القوى السياسية اليمنية عن هذا المنحى الذي أخذته الأحداث في البلاد؟
حقيقة هي السبب الرئيسي، فيجب على السلطة والمعارضة أن تتحملا المسؤولية في آن واحد، لكني أحمل النظام الطرف الأكبر في هذه المسؤولية، فهو من له اليد الطولى في الساحة اليمنية. كما أن هناك مسؤولية أخلاقية وحضارية لدى دول الجوار بالدرجة الأولى وباقي دول العالم. وإذا كانت هذه الدول تقدم نفسها على أنها من دعاة السلام في العالم والحضارة والمدنية، فلماذا لا تدعمنا؟ فنحن أيضا ندعو إلى دولة مدنية، وإلى الديمقراطية وحقوق الإنسان وإلى تمكين المرأة. ثم هناك أيضا الحفاظ على الأمن والسلام الدوليين، فاليمن يتحكم بممر دولي مهم جدا يمر منه حوالي 40 في المائة من النفط العالمي، وأي إشكالية تهتز داخل الساحة سيتأثر هذا المعبر الدولي.
ما مدى مسؤولية القوى الإقليمية والدولية عن تردي الأوضاع على الساحة اليمنية؟
نحن في الداخل لدينا معارضة سياسية مدنية وهناك شق عسكري وقبلي لها، وربما هذا الشق الأخير هو الذي يؤدي بالعملية إلى السلاح أكثر، أو أن النظام يستهدفه بالدرجة الأولى على اعتباره ندا مسلحا على مستوى الميدان. وفي الإطار الإقليمي الذي نوجد فيه في الوقت الراهن، يستحيل أن تكون هناك دولة فيها مشكلة سياسية أو أمنية أو عسكرية وتبقى منفردة. وهنا في اليمن على وجه التحديد، السياسة كما في لبنان، هي معطى إقليمي ودولي وليس محلي.
فإذا ما اقتنع الأمريكيون والسعوديون، على وجه التحديد، على أن هنالك شخصية وطنية وأجندة سياسية لقوى المعارضة تحدد بوضوح طبيعة العلاقات مع الجيران ومع أمريكا ومشروعها في مكافحة الإرهاب، فسيتم اتخاذ خطوة ايجابية. لكن المشكلة أن هذه الأطراف لم تقتنع بعد بأطروحات المعارضة. ومؤخرا قالت دبلوماسية بريطانية لشباب الثورة إننا لم نقتنع بعد بأطروحاتكم، ومن ثم لا نعتبر ما تقومون به ثورة. وهنا تكمن الإشكالية الكبيرة، والمتمثلة في ضعف المعارضة في تقديم أجندة تطمئن الجيران والسياق الدولي بأن النظام القادم لن يكون مخيفا، بل سيكون صديقا لهم.
ارتفع عدد القتلى والجرحى بشكل غير معهود في الأيام القليلة الماضية
هل تعني أن المعارضة اليمنية تفتقد لشخصية يمكن أن توحد الصفوف؟
هذا صحيح بالنسبة لنا وكذلك في مصر، حيث لا يوجد أي شخص عليه الإجماع كمرشح للقوى الليبرالية والوطنية. الزعامات القبلية يرفضها الشباب في الساحات، والقوى العسكرية التقليدية تريد شخصا من داخل النخبة الحالية، وهو أمر غير مرغوب فيه سواء داخليا أم إقليميا. والمبادرة الخليجية المطروحة لا تعبر عن الثورة في اليمن بل تتناول تغييرا سياسيا محدودا في شخص النظام عبر رحيل الرئيس. لكن جزءا كبيرا من النظام سيبقى، في حين أن شباب التغيير في الساحات يطالبون برحيل النظام بكامله، بمنظومته السياسية والإيديولوجية وكذا شخوصه. 

كيف تتوقع مستقبل البلاد في ظل الأوضاع الراهنة؟
هناك مساران: إما الخيار الثوري إلى أقصى مدى مدعوما بالتيار العسكري من المعارضة، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى خيارات عسكرية كبيرة من النظام، وبتعميم الأزمة على كل المحافظات وربما تتطور الأمور إلى حرب أهلية شاملة. والخيار الثاني هو الاحتكام إلى العقل والمصلحة الوطنية في الداخل، وأن لا يترك الإخوة في الخليج  وأمريكا اليمن ساحة للاقتتال، لان هناك رؤية دولية مطروحة منذ 2003 بأن يكون اليمن ساحة للاقتتال والحرب بالوكالة، خاصة وأن هناك قوى إقليمية أصبحت لديها مساحات معينة في الشأن اليمني وهي محل نزاع مع أمريكا، واقصد بالقول إيران.
وهذا الأمر يقلق السعودية على وجه التحديد، حيث لا ترغب أن يكون لإيران مجموعات يمنية على حدودها. وعلى هذا الأساس لابد من حل إقليمي ودولي، حتى ولو عبر اللجوء إلى مجلس الأمن وقرارات البند السابع، لأنني أتصور ذلك مسألة تتعلق بالسلم والأمن الدوليين وليس فقط باليمن.



0 مشاركات:

إرسال تعليق