فرحة في شوارع غزة وتفاؤلٌ حذر بالمصالحة بين فتح وحماس

مدونة بانوراما: ما أن تم الإعلان عن اتفاق إنهاء الانقسام والمصالحة في القاهرة بين حركتي فتح وحماس، حتى انطلقت مسيرات عفوية في غزة احتفالاً بذلك. فأبناء قطاع غزة أكثر المتضررين من الانقسام السابق، وفى ذات السياق أكثر الفلسطينيين ترقباً لإتمام المصالحة وبلورتها على أرض الواقع في ظل الحصار الإسرائيلي عليهم.

إلا أن البعض تخوف من وجود تحديات قد تُجهض المصالحة في ظل إعلان سابق للمصالحة، ووسط تهديدات إسرائيلية ضد السلطة والرئيس محمود عباس، وفتور أمريكي ووصف الأخيرة لحماس بكيان إرهابي. في المقابل
أوساط شعبية وفصائلية استبعدت ذلك بسبب التغيرات السياسية التي طرأت على المنطقة العربية. دويتشه فيله جالت في شوارع غزة وأجرت لقاءات وحوارات لمعرفة نبض الشارع في هذه المدينة التي تحكمها حركة حماس.



بهجة ٌوتفاؤلٌ شعبييٌ حذر
كافة الأوساط الشعبية التي التقتها دويتشه فيله في غزة عبرت عن فرحتها بإعلان إنهاء الانقسام والمصالحة بين حركتي فتح وحماس. فأكثر من مليون ونصف فلسطيني يعيشون في القطاع ذاقوا مرارة الفُرقة بين الحركتين. وخلال جولتنا في غزة وجدنا ثلاثةُ شباب في أحد مطاعم المدينة يتناولون طعامهم وارتسمت على وجوههم البسمة. قالوا لنا: "ثلاثتنا خريجون عاطلون، مهندس وصحفي ومحاسب". المهندس المُلتحي أحمد مقداد أعرب لنا عن سروره بالمصالحة، مشددا على أن حالة الانقسام السابقة أثرت على عدم حصوله على وظيفة لعدم انتمائه إلى أي فصيل، قائلاً: "أتمنى أن تنهي هذه المصالحة حالة التحزب وتجعلني أحصل على وظيفة"، مشيرا إلى إتمامها بأسرع وقت على أرض الواقع لمواجهة التهديدات الإسرائيلية للسلطة الفلسطينية.
إسماعيل أبو النجا قاطع أحمد مضيفاً "نشجع هذه المبادرة لحل النزاعات والمشاكل الداخلية، ونطوى هذه الصفحة السوداء لنتطلع لمستقبل أفضل لنا". وبذات اللهجة المتفائلة اعتبر صديقهم سليمان أحمد تصريحات رئيسي وفدي فتح وحماس بالهامة جداً، مشيراً إلى أن الطرفين تلقيا صفعة ًقوية من الانقسام الذى وضع غزة في مأساة وعزلها خمس سنوات عن الداخل والخارج.

وفي ذات السياق اعتبرت المُعلمة أم عمرو أن إسقاط مبارك وأحداث سوريا أجبرت الحركتين على سرعة المصالحة قائلة لدويتشه فيله: "عباس أبوه مبارك سقط، والأسد أبو حماس في غرفة الإنعاش، فش (لا يوجد) حل غير يرجعوا لبعض، محدش حينفعهم". متمنيةً فك الحصار وفتح معبر رفح، وأن لا يكون هذا كإعلان مصالحة مكة في السابق.



المدونة والناشطة الفلسطينية أسماء الغول، التي عانت كثيرا في ظل حكم حماس، من أكثر المتحمسات للمصالحة
اتفاقٌ يعيدُ الديمقراطية ويعززُ القدرة على مواجهة التحديات
ومنذ سقوط الرئيس المصري السابق ونظامه الراعي لمبادرات السلام في المنطقة مع إسرائيل تغير الخط السياسي المصري تجاه ذلك تماما. فمصر الجديدة "استوعبت الدرس بامتياز، وتريد أن تكتب اسمها من جديد في المد القومي وتعيد هيبته"، هذا ما أجمع عليه غالبية المراقبين والمحللين السياسيين الفلسطينيين هنا في غزة. فالمحلل السياسي مخيمر أبو سعدة  يشير إلى عدة عوامل أساسية شجعت للوصول إلى هذا الاتفاق.
ومن بين هذه العوامل حسب أبو سعدة "الشارع الفلسطيني، الذي تحرك بهدف استعادة الوحدة الوطنية، وقرار الفيتو الذي اتخذته الإدارة الأميركية على مشروع القرار الفلسطيني والعربي لإدانة الاستيطان الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية، ما أدى إلى إغلاق الطريق أمام الرئيس محمود عباس لاستئناف المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، إضافة إلى المتغيرات التي تحصل في المنطقة العربية، وخصوصاً في سوريا التي جعلت حركة حماس تعيد النظر باتجاه إتمام المصالحة الوطنية".

وبدورها لم تُخف الناشطة والمدونة المعروفة أسماء الغول لدويتشه فيله تفاؤلها وسعادتها بهذه المصالحة قائلة: "خرجنا بمسيرة عفوية في غزة ابتهاجاً بالوحدة"، مضيفةً لنا بان المصالحة جاءت لشعور الطرفين بالضعف تجاه التحديات الإسرائيلية والثورات العربية، معربةً عن عدم تصديق ماحصل بسبب أن الإعلان جاء فجأة. بينما يتوقع المحلل السياسي محمد خليل تنفيذ حزمة من التهديدات الإسرائيلية ضد المصالحة والسلطة، إلا أنه شدد لدويتشه فيله على أن "الاتفاق يعيد الديمقراطية ويعزز القُدرة على مواجهة التحديات والتهديدات".



 السُلطة والفصائل تُثمن المصالحة وتدعو لسرعة انجازه
ولم يقتصر الترحيب على الشارع الفلسطيني فحسب بل السلطة والفصائل رحبتا به أيضا. وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة: "إن الاتفاق بين حركتي فتح وحماس قد أسقط ذريعة الانقسام الفلسطيني من يد الجانب الإسرائيلي الذي استخدمها للتهرب من استحقاقات عملية السلام". معتبراً أن هذا الاتفاق يعد خطوة إيجابية لاستعادة الوحدة الوطنية في هذه المرحلة والعودة إلى الشعب. واصفاً الاتفاق بالحدث التأسيسي لإرساء نظام سياسي فلسطيني ديمقراطي يجتث أي احتمال لحسم الخلافات الداخلية بقوة السلاح والانقلاب، وبالتالي يقود إلى اتفاق يرسخ سيادة العلاقات الديمقراطية على مختلف المستويات لا سيما السياسية والاجتماعية.
الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة ثَمنت، بدورها، توقيع حركتي حماس وفتح على اتفاق المصالحة، مؤكدة أن "الاتفاق سينهي معاناة الشعب الفلسطيني وسيعيد الُلحمة للشعب وسيقوي جبهته في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدة قبولها دعوة القاهرة للتوقيع على الاتفاقية في الرابع من شهر أيار/ مايو المقبل. كما ثمن تجمع الشخصيات الفلسطينية المستقلة قرار اتفاق المصالحة الفلسطينية مؤكدين على أنه "يؤسس لمرحلة جديدة من التوافق والبناء الوطني".


0 مشاركات:

إرسال تعليق