مصر: مصادمات بسبب بناء كنيسة تسفر عن مصرع شخص وإصابة 45





 أتسببت مصادمات في مصر أمس حول بناء كنيسة في مصرع شخص وإصابة 45 آخرين. وفي حين بدأت النيابة العامة التحقيق مع 130 من المتظاهرين، متوعدة الخارجين عن القانون، دعا الأزهر لمعالجة الأحداث بالحكمة. وقالت السلطات إن عملية بناء كنيسة في ضاحية العمرانية بالجيزة غرب القاهرة كانت من دون الحصول على إذن من الجهات الهندسية والفنية المختصة التي أمرت بوقف استكمال أعمال الإنشاء بها. ويعتبر بناء وترميم الكنائس مصدرا للتوتر بين الأقباط والسلطات في مصر.



وقال محافظ الجيزة سيد عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط» إنه «عندما لاحظتْ جهات الإدارة بالمحافظة مظاهر تحويل المبنى إلى كنيسة تحاورنا مع المسؤولين عن الكنيسة وقيادات مسيحية كثيرة لوقف هذه الأعمال لأنها تحتاج لرخصة جديدة»، وأنه أبلغ بعض القيادات المسيحية باستعداده الكامل لمساعدتهم على استخراج رخصة جديدة لهذا المبنى الخدمي لكن عليهم أن يوقفوا أعمال تحويله إلى كنيسة. لكن مصادر الكنيسة قالت إن لديها ترخيصا قائما وإنها تواصل البناء من دون معدات. من جهته، وجه النائب العام المصري المستشار عبد المجيد محمود تحذيرا شديد اللهجة مساء أمس توعد فيه الخارجين عن القانون ومثيري الشغب، وذلك على خلفية المصادمات والاشتباكات العنيفة التي جرت بين قوات الأمن ونحو 3 آلاف من المحتجين الذي كانوا يعترضون على منع الجهات الإدارية التابعة لمحافظة الجيزة غرب القاهرة، تحويل مبنى إداري للخدمات الاجتماعية والطبية يتبع كنيسة العمرانية بالمحافظة، إلى كنيسة أخرى مستقلة.
وأكد النائب العام المصري في بيان مساء أمس أن النيابة العامة سوف تتصدى بكل حزم وحسم لكل الأفعال التي تشكل جرائم، وستواجه مرتكبيها وفقا لأحكام الدستور والقانون. وقالت مصادر أمنية وطبية وشهود عيان إن شخصا قتل أمس وأصيب 45 آخرون في اشتباكات بين مئات المتظاهرين المصريين وقوات مكافحة الشغب في مدينة الجيزة، وإن قوات مكافحة الشغب استخدمت العصي والقنابل المسيلة للدموع ضد المتظاهرين الذين كانوا يحتجون على أمر بوقف البناء في مبنى خدمات تابع لكنيسة السيدة العذراء والملاك ميخائيل بالمحافظة، في حين رشق المتظاهرون القوات بالحجارة.
وقالت وزارة الداخلية إن الشرطة ألقت القبض على 133 على الأقل من المتظاهرين، وقال شهود عيان إن نحو 3 آلاف متظاهر احتشدوا في وقت لاحق من أمس أمام المبنى الإداري لمدينة الجيزة عاصمة المحافظة، وإن الاشتباكات بدأت بعد قيام عدد من المتظاهرين بتحطيم مبنيين خشبيين تابعين للشرطة وسيارة خاصة أمام المبنى، قبل أن يفر مئات المتظاهرين إلى شوارع جانبية هربا من قنابل الغاز المسيلة للدموع. وتابعت المصادر أن المتظاهرين قاموا أيضا بإغلاق أحد الشوارع الجانبية المجاورة لمبنى المحافظة وحطموا عددا من السيارات الخاصة الأخرى، ثم توجهوا إلى المبنى الإداري لحي العمرانية القريب، وقاموا بتحطيم واجهته الزجاجية إضافة إلى شاحنة صغيرة تابعة للحي، وقال مسؤولون محليون إنه من النادر تنظيم احتجاجات مسيحية على هذا النطاق الواسع في مصر، وأضافت المصادر أن قوات مكافحة الشغب أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين الذين ردوا عليها بالحجارة مرددين هتافات تؤكد أنهم سيستمرون في إتمام بناء الكنيسة ويقولون «بالروح بالدم نفديك يا صليب».
وكانت منطقة العمرانية شهدت دخول عدد من المواطنين الغاضبين في اشتباك عنيف مع قوات الأمن المركزي الرابضة أمام المبنى الكنسي، استخدم المتظاهرون فيها زجاجات المولوتوف الحارق والعصي والحجارة مما أسفر عن إصابة 51 شخصا من بينهم 7 ضباط في مقدمتهم نائب مدير أمن الجيزة وقائد قوات الأمن المركزي بالمحافظة و11 من أفراد وجنود الشرطة إلى جانب إتلاف كثير من المنشآت والمباني والممتلكات الحكومية، وقاموا بعملية إتلاف واسعة النطاق وقطع للطريق العام، بحسب إفادات المصادر المسؤولة والشهود.
وحسب المعاينات التي أجراها مساء أمس فريق من محققي النيابة برئاسة المستشار مجاهد علي المحامي العام الأول لنيابة جنوب الجيزة الكلية، فقد أسفرت الأحداث عن وقوع تلفيات بالبوابات الحديدية المؤدية إلى مبنى المحافظة والمصابيح المعلقة بها وأكشاك الحراسة وإتلاف سيارتين من سيارات المحافظة و3 سيارات تابعة للأمن المركزي، وإتلاف بعض اللافتات. كما انتقل فريق من محققي النيابة إلى المستشفيات لسؤال المصابين من ضباط وجنود الشرطة والمواطنين عن أسباب إصاباتهم ومعلوماتهم عن الحادث. وأضافت المصادر الطبية أن الشاب القتيل مسيحي يدعى مكاريوس جاد شاكر يبلغ من العمر 19 عاما، وأن ثلاثة من الجرحى أصيبوا بالرصاص وفي حالة خطيرة. من جانبها، أدانت مصادر كنسية رفيعة ما قالت إنه استخدام للعنف المفرط من قبل قوات الأمن المصرية ضد المسيحيين الذين حاولوا اقتحام مبنى محافظة الجيزة، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أن الكنيسة تدرس رفع الأمر للرئيس المصري حسني مبارك، مشيرة إلى أن المتظاهرين المسيحيين تجمعوا أمام مبنى محافظة الجيزة للاحتجاج على اقتحام قوات الشرطة لكنيسة العذراء والملاك ميخائيل بالعمرانية، إلا أنهم فوجئوا برجال الشرطة وأمن المحافظة يعتدون عليهم.
من جانبه، وصف نجيب جبرائيل رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان أحد المستشارين القانونيين للبابا شنودة الثالث بابا الأقباط، ما حدث بأنه رد فعل طبيعي لاعتداءات الأمن على المسيحيين في كنيسة حي العمرانية.
من جانبه، طلب الأزهر من المصريين الاعتصام بوحدتهم، والالتزام بأحكام القانون، معربا في بيان أمس عن أسفه الشديد للأحداث المؤلمة التي وقعت بالجيزة، وأهاب بالجهات المعنية أن تعالج هذا الأمر بكل ما يمكن من حكمة، انطلاقا من الحرص على الأخوة الوطنية وعلى أمن مصر واستقرارها.

0 مشاركات:

إرسال تعليق