انتخبوا فيروز

انتخبوا فيروز

اللبنانيون تفرقهم السياسة وتجمعهم فيروز، فحينما تغني يتوحد لبنان، فيعانق السهل الجبل، ويخاصر الجنوب الشمال، فلا صوت في بلد الأرز والسنديان يعلو على صوت فيروز، حتى الخلاف اللبناني الذي يمتد إلى كل الجهات يتوحد حينما تتجه بوصلة النقاش صوب فيروز، ففيروز مفتاح الفرح، تغني فترحل قطعان الهموم بعيدا، وتحلق أسراب الحمام، وإذا أردت إطفاء حرائق النقاش في لبنان فأدر مؤشر الراديو على صوت فيروز، فليس ثمة لبناني يتمرد على الإنصات لصوتها، فالكل يرفعون لها تاج «السلطنة»، وإمارة الفن، واعتبرها نزار القباني «رسالة حب من كوكب آخر»، وقال عنها محمود درويش إنها التي «تجعل الصحراء أصغر والقمر أكبر»، وقال عن صوتها أنسي الحاج إنه «يشبه رنة الثلج في الكأس»، ونعتها سعيد عقل بأنها «سفيرتنا إلى النجوم»، ووصفت صوتها آنا كورسك، مغنية الأوبرا المجرية، بأنه «نسيج وحده في الشرق والغرب».

إن انطلاق صوت فيروز بالغناء مساءي الخميس والجمعة الماضيين، أشبه بمبعوث سلام، يطلق سربا من الحمام، من أجل عيون لبنان، وهذه الآلاف التي تجاورت في قاعة «البيال» في بيروت، طارحة هموم السياسة، وهواجس الفتن في حاجة إلى مثل هذا الشعور بالخلاص من تعقيدات السياسة، ومماحكات السياسيين.. فهذا الصوت الذي وصفه أحدهم بأنه صوت يصالحك مع حالك، ومع الحبيب، صوت خارج من عيون القلب، ولا يصيب إلا عيون القلب، صوت يستحق أن تقول من بعده: «إيه في أمل».

هذا البلد الذي أنتج فيروز في حاجة - كما يقول فلاح لبناني التقيته ذات صدفة - إلى زعامة سياسية، يلتف حولها اللبنانيون كما يلتفون دائما حول فيروز، ويتوحدون في حبها كما يتوحدون على حب فيروز، وإن كان يصف مشتل السياسة بأنه أقل خصوبة من أن تطرح غصونه حلما كبيرا يجمع شتات أحلام كل اللبنانيين كما تفعل السيدة العظيمة فيروز.

وبعد أن صوت اللبنانيون بالإجماع مساءي الخميس والجمعة لصوت فيروز، وهي تغني لهم «إيه في أمل»، هل نتفاءل ونقول معها: إيه في أمل، وإن لبنان طائر الفينيق سينبثق من جديد من تحت ركام الأحزان رافعا رايات الحب والسلام والفرح، رغم أنف السياسيين.

0 مشاركات:

إرسال تعليق