العاهل المغربي يدعو إلى التعبئة الشعبية لكسب الدعم لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء

قال للبرلمانيين إن عضوية البرلمان ليست امتيازا شخصيا بل أمانة

الرباط: لطيفة العروسني
دعا العاهل المغربي الملك محمد السادس أعضاء البرلمان إلى التعبئة الشعبية واتخاذ المبادرات البناءة، لكسب المزيد من الدعم لمقترح الحكم الذاتي، الذي يقترحه المغرب كحل لنزاع الصحراء، وذلك في إطار ما وصفه بـ«دبلوماسية برلمانية وحزبية متناسقة ومتكاملة مع العمل الناجع للدبلوماسية الحكومية».

وقال الملك محمد السادس في خطاب ألقاه أمس في البرلمان، بمناسبة افتتاح دورته التشريعية الخريفية، إن «الدفاع عن مغربية الصحراء يتطلب من الجميع التحرك الفعال والموصول في كل الجبهات والمحافل المحلية والجهوية والدولية، لإحباط المناورات اليائسة لخصوم الوحدة الترابية للمملكة».

وفي سياق آخر.. أعلن العاهل المغربي عن التأسيس لمفهوم جديد لإصلاح العدالة، ألا وهو «القضاء في خدمة المواطن»، وذلك «من أجل قيام عدالة متميزة بقربها من المتقاضين، وببساطة مساطرها وسرعتها، ونزاهة أحكامها، وحداثة هياكلها، وكفاءة وتجرد قضاتها، وتحفيزها للتنمية، والتزامها بسيادة القانون، في إحقاق الحقوق ورفع المظالم». وأكد الملك محمد السادس أن السلطة القضائية، بقدر ما هي مستقلة عن الجهازين، التشريعي والتنفيذي، فإنها جزء لا يتجزأ من سلطة الدولة، باعتبار أن القضاء مؤتمن على سمو دستور المملكة، وسيادة قوانينها، وحماية حقوق والتزامات المواطنة، مشيرا إلى أن «حسن تنفيذ مخطط الإصلاح العميق والشامل للعدالة لا ينحصر فقط في عمل الحكومة والبرلمان، وإنما هو رهن، أساسا، بالأداء المسؤول للقضاة».

وعبر العاهل المغربي عن رغبته في إعطاء دفعة قوية للدينامية الإصلاحية، الهادفة لاستكمال بناء النموذج التنموي المغربي المتميز، الذي يخدم المواطنين، لا سيما الشباب والفئات والمناطق المعوزة.

ودعا الملك محمد السادس إلى نهوض البرلمان بدوره كاملا كرافعة ديمقراطية للنموذج التنموي، مشددا على أن هدفه يظل «هو الارتقاء بمجلسي النواب والمستشارين، مؤسسة وأعضاء، ليكونا في صلب الدينامية الإصلاحية»، مذكرا بما سبق أن أكد عليه في أول خطاب له أمام المؤسسة البرلمانية، من أن تحسين أداء البرلمان يقوم على اعتبار مجلسيه برلمانا واحدا بغرفتين وليسا برلمانين منفصلين. وقال إن هذا الأمر يتطلب من الأحزاب والفرق النيابية الأخذ بحكامة برلمانية جيدة، عمادها التشبع بثقافة سياسية جديدة، وممارسة نيابية ناجعة، قائمة على تعزيز حضور الأعضاء، وجودة أعمالهم، ومستوى إسهامهم، في معالجة الانشغالات الحقيقية للشعب.

وأكد الملك محمد السادس على ضرورة عقلنة الأداء النيابي، بالانطلاق من تجانس النظامين الداخليين للمجلسين، والنهوض بدورهما، في انسجام وتكامل، كمؤسسة واحدة، هدفها المشترك جودة القوانين، والمراقبة الفعالة، والنقاش البناء للقضايا الوطنية، خصوصا منها الحكامة الترابية، وتحصين وتعزيز الآليات الديمقراطية والتنموية.

ووجه الملك محمد السادس خطابه إلى نواب البرلمان قائلا إن الانخراط في المسار الإصلاحي يقتضي من أعضاء البرلمان ألا ينسوا أنهم يمثلون، داخل قبة البرلمان، الإرادة الشعبية، قبل كل شيء، ومن ثم فإن عضوية البرلمان ليست امتيازا شخصيا، بقدر ما هي أمانة، تقتضي الانكباب الجاد، بكل مسؤولية والتزام، على إيجاد حلول واقعية، للقضايا الملحة للشعب. ولخص هذه القضايا ذات الأسبقية في التعليم النافع، والسكن اللائق، والتغطية الصحية، والبيئة السليمة، وتحفيز الاستثمار المدر لفرص الشغل، والتنمية البشرية والمستدامة.

وحث أعضاء البرلمان على استشعار أن حصيلة عملهم الفردية والحزبية سيتم تقييمها، في نهاية انتدابهم، على أساس ما تم تحقيقه من إنجازات تنموية ملموسة، مبرزا أن ذلك هو السبيل القويم لاستعادة العمل السياسي والبرلماني لنبله، وللأحزاب اعتبارها، للنهوض بدورها الدستوري، في الإسهام في حسن تأطير وتمثيل المواطنين، وإعداد النخب المؤهلة لتدبير الشأن العام، وكذا التربية على المواطنة المتشبعة، بالغيرة على مقدسات الأمة، والالتزام بقضاياها ومصالحها العليا.

وأوضح الملك محمد السادس أن المفهوم الجديد للسلطة «ليس إجراء ظرفيا لمرحلة عابرة أو مقولة للاستهلاك، وإنما هو مذهب في الحكم، مطبوع بالتفعيل المستمر، والالتزام الدائم بروحه ومنطوقه.. كما أنه ليس تصورا جزئيا، يقتصر على الإدارة الترابية، وإنما هو مفهوم شامل وملزم لكل سلطات الدولة وأجهزتها، تنفيذية كانت أو نيابية أو قضائية».

0 مشاركات:

إرسال تعليق