خلافات تهدد بانشطار حركة الشباب الصومالية المسلحة إلى جناحين

الاتحاد الأفريقي: قواتنا تسيطر على أكثر من 40% من مقديشو

عنصر أمن حكومي يشتري القات في سوق جنوب العاصمة الصومالية مقديشو أمس (رويترز)
مقديشو: علي حلني القاهرة: خالد محمود
أفادت مصادر حكومية صومالية بأن حركة الشباب المجاهدين، كبرى الفصائل الإسلامية المسلحة في الصومال التي تقاتل للإطاحة بالحكومة الانتقالية، تعاني من انقسامات حادة داخل قيادة الحركة، وتقول المصادر إن هناك صراعا مريرا يكاد يصل إلى حد القطيعة بين الشيخ مختار أبو الزبير زعيم حركة الشباب، والشيخ مختار روبو أبو منصور الرجل الثاني في الحركة. وتتمحور الخلافات داخل قيادات حركة الشباب حول إدارة الحرب ضد قوات الحكومة الصومالية وقوات الاتحاد الأفريقي، وكذلك حول مواقف الحركة السياسية والآيديولوجية تجاه الوضع في الصومال، وكذلك الموقف من مفاوضات التوحيد بين حركة الشباب والحزب الإسلامي الذي يتزعمه الشيخ حسن طاهر أويس، إضافة إلى العلاقة بين المقاتلين المحليين والأجانب الذين تقول الحكومة الصومالية إنهم باتوا يسيطرون على قرارات الحركة.

وحسب المصادر الحكومية فإن الخلاف بين القائدين نشب بعد اختفاء أحد القادة العسكريين للحركة الذي أشيع أنه قتل على يد رجال من مقاتلي الحركة ذاتها، كما أن معظم من جرحوا في المعارك الأخيرة من المقاتلين الموالين للشيخ مختار روبو لم ينالوا العناية الكافية، وطلب روبو إجراء تحقيق في هذا الأمر، ووصلت تداعيات الخلاف بين الرجلين إلى المدن الرئيسية التي تسيطر عليها حركة الشباب، مثل كسمايو وبلدوين والعاصمة مقديشو. وتفيد الأنباء الواردة من مناطق هيران (وسط الصومال) وجوبا السفلى (جنوب) بأن هناك حالة من الشكوك حول ولاءات القيادات الميدانية للأجنحة المتصارعة داخل الحركة، حيث شرع المقاتلون الموالون للشيخ روبو بإخلاء هذه المناطق والتوجه إلى إقليمي باي وبكول بجنوب غربي البلاد، حيث يتمتع الشيخ روبو بتأييد كبير في هذه المناطق وتشكل قبيلته (رحنوين) أغلبية سكانها. وهناك حديث عن احتمالات قيام تحالفات بين بعض القيادات المتذمرة في الحركة للإعلان عن حركة إسلامية مستقلة عن حركة الشباب، في حال تطورت الخلافات القائمة.

وقال قيادي بارز في الحركة لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من مكان ما في العاصمة الصومالية مقديشو، رفض تسميته لأسباب أمنية أن محاولات تجري حاليا لرأب الصدع بين أحمد جدعان (أبو الزبير) أمير الحركة ونائبه أبو منصور بعدما أعلن الأخير انشقاقه عن الحركة بسبب خلافات في وجهات النظر مع الأمير بشأن جملة من القضايا السياسية والإدارية.

وامتنع أويس وأبو منصور عن الرد على محاولات «الشرق الأوسط» المتكررة للاتصال بهما عبر هواتفهما للنقالة، فيما قالت مصادر في الحكومة الصومالية إن الرجلين اجتمعا سرا أول من أمس لعدة ساعات بهدف إنشاء جماعة إسلامية جديدة بعد التحاق المقاتلين المنتمين لأبو منصور إلى الحزب الإسلامي بقيادة أويس.

والتزمت قيادة حركة الشباب بالصمت حيال هذه المعلومات ولم تعلق عليها رسميا حتى الآن، فيما قال أحد المقربين من أمير الحركة جدعان لـ«الشرق الأوسط» إن كل الانشقاقات السابقة على الحركة لم تحقق أي نجاح يذكر بعد الكشف عنها.

وتقول مصادر حكومية إن انشقاق أبو منصور من شأنه إضعاف قبضة حركة الشباب على العاصمة الصومالية مقديشو، لكن دبلوماسيا عربيا عاد لتوه من المدينة قلل لـ«الشرق الأوسط» من شأن هذه التوقعات وقال في المقابل إن خروج أبو منصور لن يؤثر سلبا في قوة الحركة التي تهيمن مع ميلشيات الحزب الإسلامي على معظم أنحاء العاصمة مقديشو فيما عدا الجزء المحدود الذي تشغله السلطة الانتقالية المدعومة بقوات الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام (أميصوم).

ويعتبر أبو منصور من أبرز قيادات حركة الشباب الذين تلقوا تدريبات عسكرية مطلع التسعينات في معسكرات تابعة لتنظيم القاعدة وحركة طالبان في أفغانستان، وتطارده المخابرات الأميركية والإثيوبية بتهمة الضلوع في أنشطة إرهابية مناوئة لها ومحاولة إقامة دولة إسلامية في الصومال. وشغل أبو منصور منصب الناطق الرسمي للحركة قبل إقالته بشكل مفاجئ العام الماضي وتعيينه في منصب نائب أمير الحركة أحمد جدعان لكنه ظل عمليا بدون صلاحيات تذكر.

وورد اسم أبو منصور الذي كان في السابق أحد مقاتلي تنظيم المحاكم الإسلامية وحليفا للرئيس الحالي شريف، ضمن قوائم الأشخاص المطلوبين للعدالة في الولايات المتحدة وإثيوبيا بتهمة القيام بنشاطات إرهابية، علما بأنه يتنقل برفقة عدد محدود من مرافقيه حول تخوم مقديشو والمناطق الجنوبية.

من جهته نفى الميجور برجيا باهوكو الناطق الرسمي باسم قوات الأميصوم لـ«الشرق الأوسط» ما أشيع عن قيام مقاتلي حركة الشباب بأسر بعض الجنود البورونديين من قوات الأميصوم، موضحا في بيان عبر البريد الإلكتروني أن هذه المعلومات لا أساس لها من الصحة وتستهدف التشويش على قواته.

وأشار باهوكو إلى أن المتمردين يقومون بعمليات تجنيد واسعة الناطق لأطفال وقصر لإجبارهم على الانضمام إلى ميلشياتهم المسلحة، مؤكدا أن قواته ملتزمة بمهامها القتالية حفاظا على مصالح الشعب الصومالي، على حد قوله.

إلى ذلك من المقرر أن يعقد وزراء الدفاع والشؤون الخارجية الأفارقة اجتماعا منتصف الشهر الجاري في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا لتعديل صلاحيات قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي (الأميصوم) بحيث تكون قادرة على الاشتباك مع المتمردين.

في هذه الأثناء قال وزير الإعلام الصومالي عبد الرحمن عثمان يريسو، في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه: «إن الخلافات الجديدة داخل قيادة حركة الشباب ظهرت بعد ما فشلت الحركة في تحقيق مكاسب عسكرية من حرب شهر رمضان (حملة نهاية المعتدين) التي أعلنتها الحركة بهدف الإطاحة بالحكومة الانتقالية وإرغام قوات الاتحاد الأفريقي على الرحيل من البلاد، بالإضافة إلى الدور والنفوذ المتزايد للمقاتلين الأجانب داخل الحركة، حيث بات الأجانب يتولون معظم المناصب القيادية، بالإضافة إلى وجود انقسامات قبلية ونزاعات حول القيادة وسوء استخدام أموال الحركة». وذكر البيان أنه «نتيجة لقيام مختار روبو بسحب مقاتليه من مقديشو تمكنت قواتنا بدعم من قوات الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام من تحقيق مكاسب عسكرية على الأرض خلال المعارك الأخيرة».

وتعد حركة الشباب المجاهدين أقوى الفصائل الإسلامية المعارضة للحكومة الصومالية، وصنفتها الولايات المتحدة في قائمة المنظمات الإرهابية عام 2008. وبرز نجم حركة الشباب كأحد مكونات اتحاد المحاكم الإسلامية الذي قاده الرئيس الصومالي الحالي شريف شيخ أحمد، هذا الاتحاد الذي سيطر على جنوب الصومال عام 2006، إلى أن أطاحت به القوات الإثيوبية في بداية عام 2007. ورفضت حركة الشباب مبادرة الصلح التي رعتها الأمم المتحدة، وانتهت أخيرا باختيار الشيخ شريف رئيسا للبلاد في يناير (كانون الثاني) عام 2009 لتعلن حركة الشباب مواصلة الحرب ضده. وتسيطر الحركة حاليا على معظم وسط وجنوب الصومال بما فيها أجزاء من العاصمة مقديشو. ولم تنجح الحكومة الصومالية حتى الآن في استقطاب أي من قادة حركة الشباب في مسعاها لضم المعارضة. ويمثل أي انشقاق في صفوف الحركة مكسبا كبيرا للحكومة الصومالية المحاصرة في جزء صغير من العاصمة مقديشو تحت حماية قوات الاتحاد الأفريقي.

إلى ذلك أعلن الاتحاد الأفريقي أن قواته العاملة في الصومال تفرض سيطرتها الآن على أكثر من 40 في المائة من العاصمة مقديشو. وصرح نائب رئيس بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال وافولا وامونيني في مؤتمر صحافي في العاصمة الكينية نيروبي بأن «قوات الاتحاد الأفريقي تواصل انتشارها في مناطق جديدة في العاصمة مقديشو، وأنها تسترد أراضي جديدة من المتمردين بشكل يومي، وإذا واصلنا إحراز هذا التقدم، نتوقع أن تصل إلى أكثر من 50 في المائة نهاية الشهر الجاري». وأضاف وامونيني أن «القوة الأفريقية نجحت في طرد المسلحين الإسلاميين من بعض مواقعها الرئيسية بالقرب من سوق البكارو، التي تعتبر من أهم معاقل الفصائل المسلحة». وتابع قائلا: «إن المسلحين في أضعف حالاتهم، ولو كان لدينا عدد كاف من الجنود لاستطعنا التحرك بسرعة».

وكانت قوات الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام (يبلغ قوامها 7200 جندي، من أوغندا وبوروندي) تسيطر في الماضي على مناطق محدودة في القصر الرئاسي والميناء والمطار، وبعض التقاطعات الرئيسية بجنوب العاصمة، لكنها بدأت بالانتشار التدريجي منذ الأشهر الماضية. وناشد وامونيني الاتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي تقديم الدعم المادي للقوات الأفريقية لرفع عدد أفرادها إلى 20 ألف جندي.

0 مشاركات:

إرسال تعليق