التعارف والزواج عبر الانترنت

التعارف والزواج عبر الانترنت
التعارف والزواج عبر الانترنت
فيصل حسين
بدأت ظاهرة الزواج من خلال الانترنت تأخذ دورا أكبر في المجتمعات العربية مع ظهور العشرات من المواقع العربية علي الإنترنت تهدف إلي الإسهام في حل مشكلة تفاقمت داخل الوطن العربي وطفت علي السطح في الآونة الأخيرة بشكل بات يفزع الآباء والأمهات، إنها مشكلة العنوسة.
فهذه المواقع أصبحت تسهل عملية البحث لراغبي الزواج وتوفر عليهم التردد والخجل أو الخوف من رفض الجنس الآخر.

ويري بعضهم أن استخدام التقنية الحديثة في الزواج ربما ساهم في حل هذه المشكلة التي ترتفع معدلاتها بنسب مطردة.

قصص الحب عبر الإنترنت تؤكد أن القلب قد يخفق بالحب قبل العين والأذن أحيانا.. فرسالة إلكترونية واحدة قد تكفي لتقلب حياة إنسان رأسا علي عقب، فينغمس في حب ليس له حدود، والداخل إلي مقاهي الانترنت يصدم من كمية الشباب الباحثين عن متعة التعارف والحب الوهمي، كثير منهم مشغولون بكتابة الرسائل الغرامية إلي حبيباتهم المجهولات، وبعضهم يضع ميكروفون "مايك" يتحدث إليها عبر الإنترنت، فيتبادلان معاً أحاسيس شبابية جياشة، رغم أنهما قد يكونا بعيدين عن بعضهما البعض آلاف الكيلومترات.

فالحب عبر الإنترنت بات متاح للجميع، وكنت قد قرأت قبل فترة عن عقود زواج عبر الإنترنت أيضاً، ولكن الأمر يتطلب قبل كل ذلك رأي علماء الدين.

قال الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية كما نقلت عنه وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية أنه "يجوز شرعا التوسط في مسائل الزواج بين الناس من خلال ما يسمي باعلانات شركات الزواج أو من خلال بعض المراكز وذلك بإعطاء المعلومات عن كل طرف للاخر بدون غش أو تدليس وبعلم ولي الزوجة الشرعي بكل هذه الخطوات عند اتمام عقد الزواج في مراحله الأولي وحتي تمام انجازه".

وقد نشر المفتي هذه الفتوي ردا علي سؤال من مؤمن متحدثا حول مدي مشروعية اعلانات شركات الزواج.

لكنه أشار في المقابل إلي أن "المركز إذا كان يهتم فقط بالمكسب التجاري ولا يراعي الحدود الشرعية في حرمة البيوت وقام بالتدليس في المعلومات أو تشجيع للفتاة علي الانفراد براغب الزواج منها من وراء أبيها أو أسرتها فإن هذا العمل يكون حراما والأموال التي يستفيد منها هذا المركز تصبح أموالا محرمة ولا يجوز التعامل مع هذه المراكز في تلك الحالة".

وقد انتشرت الشركات المتخصصة في الزواج، وبينها شركات علي الأنترنت، في مصر خلال السنوات الماضية فيما يعرض بعضها خدماته علي المصريين المقيمين في الخارج.

ففي المجتمعات المسلمة في الخارج، يجد الفتاة والشاب صعوبات كبيرة في الحصول علي شريك الحياة المناسب.. وكان هناك حاجة إلي إيجاد حلول لهذه المشكلة.. ولكن رغم كل هذه الخدمات، وكما هو الحال في الزواج التقليدي، ليس هناك ضمانة أن تنتهي هذه الزيجات بحياة أسرية ناجحة.. هذه المواقع تفتح الأبواب فقط وما يتبقي يتكفل به النصيب.

راجت مواقع الزواج بين المهاجرين العرب والمسلمين في الدول الغربية، حيث يصعب أن يجد المرء شريكا له أولها من نفس البيئة والخلفية الاجتماعيتين.. ومع ذلك لا يزال الكثير من العرب والمسلمين يشعرون بالحرج للدخول إلي مواقع خدمة الزواج بحثا عن شريك العمر.

العديد من المستخدمين في دول الخليج العربي حيث اختلاط الجنسين من غير المتزوجين يعد أمرا محرما.. بعض العائلات المحافظة لا تسمح لبناتهن مجالسة الغرباء.

ولكن إذا قابلت فتاة أحدهم في فضاء الانترنت فإن هذا لا يعد تجاوزا للدين أو الأعراف طالما أنها ليست جسديا مع ذلك الشخص علي انفراد.

وقد لا يجد البعض الوقت الكافي للتواصل الاجتماعي بسبب انشغاله المستمر في العمل ما يضطره للجوء إلي أحد مواقع خدمة الزواج ليختار شريك حياته المناسب.

وقد يجد أن هذه المواقع أكثر مرونة وعملية من الاقتراحات الاخري.. حيث تقدم هذه المواقع خيارت أكبر من ما قد يحصل عليه في الأحوال العادية.

نحن في الحقيقة نخاف من الزواج عن طريق الإنترنت، لأنه مدخل للشكوك وإساءة الظن فكثير ما يأتي الشيطان للرجل ويقول كيف تثق فيها وقد تواصلت معك من وراء أهلها؟ وهل تظن أنها كلمتك وراسلتك وحدك؟ ثم يأتي للفتاة فيقول كيف تثقين فيه؟ ربما كانت له علاقات أخري.

بل إنه مجرد التعارف عن طريق الإنترنت يجعل ثقة أهل الفتاة فيها ضعيفة وقد يدفعهم العنااد لرفض الخاطب.

فكثيرون في مجتمعنا مازالوا لا يتقبلون أفكارا خارجة عن إطار عاداتنا وتقاليدنا التي عشنا وتربينا عليها، فإن التعارف عن طريق الانترنت لدينا كمجتمع شرقي يعتبر دخيلا.

وقد يكون دخول الشاب علي الإنترنت وتعارفه دليلاً علي فشله في الحياة الاجتماعية، وإلا فكيف نستطيع أن نفهم وجود شاب لم يجد من تعجبه في قريباته ولا في جاراته ولا في نساء بلده وجيرانه فذهب يبحث عنها عبر شبكة الأنترنت؟!

فالارتباط عبر الإنترنت محفوف بالمخاطر، والإنترنت ميدان لا يخلو من الأشرار لأنه لا يعطي إلا جزءاً من الحقيقة والكلام الطيب، ولكن العبرة في حصول الانسجام والقبول تتمثل في دخول البيوت من أبوابها والنظر إلي الغاية بغض النظر عن الوسيلة وحصول الرؤية الشرعية بعد طلب يد الفتاة بطريقة رسمية من أوليائها، لأن ذلك يتيح فرصة واسعة للتعارف وتأسيس البيوت علي الوضوح.. ويقوي ثقة الزوج في الفتاة ويجعل الرجل يفوز باحترام أهل الفتاة وفي ذلك رضوان الله وفيه إكرام للمرأة حيث أرادها الإسلام مطلوبة عزيزة لا طالبة ذليلة.

0 مشاركات:

إرسال تعليق