قضايا حقوق الإنسان علي الإنترنت

قضايا حقوق الإنسان علي الإنترنت
قضايا حقوق الإنسان علي الإنترنت
تنبهت الحكومات العربية مؤخرا لمدى خطورة الإنترنت في الدفاع عن حقوق الإنسان داخل الوطن العربى حق حرية الرأي والتعبير والحق في المشاركة السياسية والحق في المحاكمة العادلة. الإنترنت أصبح الآن نافذة جديدة للقمع أو للصراع.. لكن الإنترنت مازال خصما عنيداً وفي اعتقادي لم يهزم ولن يهزم أبدا بسهولة.. فتكاليف السيطرة على الإنترنت تبدو باهظة ومعقدة ماديا وتقنيا .. وكلما برزت وسائل جديدة للحجب برزت وسائل أخرى لتفادي هذا الحجب.
ولعلي أزعم أيضا إن الإنترنت ساهم كثيراً في جذب العديد من المترددين إلى ساحة النشاط بمعناه السياسي أو الحقوقي.. سواء كان ذلك من خلال التطوع في إحدى جمعيات المجتمع المدني المتعددة.. الذي يمثل الإنترنت الآن ذراعاً أساسيا لها.. أو من خلال النشاط الكتابي عبر المدونات ومواقع الإنترنت المختلفة.
ولا أعتقد إني سأكون مبالغا إذا أضفت إلى ذلك إن الإنترنت شكل مساحة واسعة للحوار بين الأفكار التي قد نراها مختلفة.. بشكل عجزت عنه وسائل الإعلام والاتصال التقليدية.. خاصة إن الشريحة الأكبر من مستخدمي الإنترنت هي كما نعلم من الشباب.. الذين هم بطبيعة الحال غير مثقلين بصراعات الماضي المرير التي تشغل عقول الكبار.. وإن كان هذا يشوبه في أحيانا بعض الأمور السلبية حيث يطفو على الشبكة العنكبوتية شيئا من الإباحية او عدم الجدية.
ولكن للأسف مثلما شكل الإنترنت أداة أساسية لتدعيم حقوق الإنسان في السنوات الأخيرة.. فإن صفحاته أيضا حملت فيضا من مؤشرات ودلالات الخطر فيما يتعلق بنشر ثقافة مضادة تماما لحقوق الإنسان.. التي ربما لم يتهددها الخطر في السابق بمثل ما يفعل الإنترنت الآن.. ليس ما أعنيه هنا هو التدخلات الحكومية لمحاولة إرهاب النشطاء أو حجب المواقع.. وإن كان هذا مسجلا وموجودا.. لكن أعني ما ينشره بعض مستخدمي الإنترنت من مواد ومحتويات تناقض بعض القيم الحقوقية.
ولا أشير هنا إلى ما قد يقبل الجدل أو النقاش من بعض القيم الحقوقية التي تتسم بشيء من الخصوصية بحيث قد لا تلقى قبولا لدى شرائح كبيرة في المجتمعات العربية بسبب خلفيات دينية أو غيرها.. فتلك الأخيرة تحتمل الجدل والنقاش والأخذ والرد.. لكن ما يثير الدهشة حقيقة ما نراه من مواقع تنشر التعصب الديني بدرجات بلغت مداها في ضيق الأفق.. سواء على الجانب الإسلامى أو المسيحي أو حتى اليهودي.. ومواقع أخرى لا حائل لها في دس الشتائم والسباب وسط النقد السياسي بما يخالف قيم التسامح واحترام الآخر.
أننا جميعا كإعلاميين أوحقوقيين نقع أحيانا في تلك الأخطاء.. سواء كان ذلك نابعا لدى البعض من ازدواجية مبطنة.. أو من قلة إطلاع وعدم اكتراث بتجويد المادة الصحفية من ناحية مدى مطابقتها للمعايير الحقوقية.
ولعل ملف التعذيب.. من أهم القضايا الحقوقية الناجحة للغاية التي حققها نشطاء الإنترنت.. مسألة تسليط الضوء على ملف التعذيب في مصر.. وجره جراً إلى مربع الإعلام..
فكما نعلم جميعا إن ملف التعذيب من الملفات الشائكة التي يعتبرها الصحفيون مخاطرة كبيرة حال الاقتراب منها.. لكن الإنترنت وفر الفرصة لذلك بسبب تحرره من الضغوط المهنية والبوليسية التي تثقل كاهل الإعلام التقليدي.
وبعد نشر عدد من المدونين للقطات التعذيب الموثقة بالفيديو اضطرت وسائل الإعلام التقليدية من صحف وفضائيات إلى تناول المسألة كلما نشر المدونون فيديو لحالة جديدة من حالات التعذيب.
ولم يقتصر الأمر على حالات فردية بل أتاح ذلك فتح ملف التعذيب على مصراعيه.. وكما شاهدنا مثلا في الجزيرة الفضائية فيلم (وراء الشمس) الوثائقي .. الذي حوكمت بسببه منتجة البرنامج هويدا طه.. شاهدنا في جريدة المصري اليوم متابعة مكثفة للملف .. وغير ذلك من الصحف.
وتجدر الإشارة هنا إلى مجهودات المدونين في نشر لقطات التعذيب عبر مدوناتهم وعبر موقع اليوتويب.
وكذلك من المهم التنويه بموقع (التعذيب في مصر) http://www.tortureinegypt.net الذي قد يكون الأول من نوعه لرصد حالات التعذيب وتتبعها.. ونشر الأخبار والمقالات وجمع كل المواد التي تتحدث عن الموضوع.
وقد أفضت هذه الحملات وربما لأول مرة في تاريخ البلاد إلى الذهاب بعدد كبير من الضباط إلى ساحات المحاكم.. وجعلهم مادة للنقد القاسي في الصحف والفضائيات.. بل وكما تابعنا ذهبت ببعض الجلادين.. مثل الضابط إسلام نبيه الذي عذب عماد الكبير.. إلى ما وراء القضبان.
و من الحملات الناجحة مؤخرا عبر المدونات الحملة التي دشنها نشطاء من جماعة الإخوان المسلمين لمناهضة المحاكمات العسكرية لأربعين من قادتهم.
وبخلاف عشرات المدونات الإخوانية التي انتشرت على الإنترنت في الآونة الأخيرة.. وخصصت العديد منها لمناصرة المحالين للمحكمة .
دشنت مدونة "انسى" لتكون نموذجا من النماذج الناجحة حقوقيا عبر شبكة الإنترنت.
حيث أعد القائمون عليها تعريفا بالسيرة الذاتية لكل المعتقلين.. كما تابعت تطورات المحاكمة أولا بأول.. وقدمت بالصور والنص المكتوب تقارير عن كل جلسة من جلسات المحاكمة.
كذلك لا يمكن التطرق إلى النجاحات التي حققتها المدونات والإنترنت بشكل عام في العالم العربي.. بدون الإشارة إلى دوره العظيم في الكشف عن حوادث التحرش الجنسي التي وقعت في القاهرة في مناسبات متفرقة.. ودفعت الجميع للتطرق لتلك القضية التي كان مسكوت عنها كثيرا في الإعلام التقليدي بسبب كونه موضوعا شائكا أخلاقيا وأمنيا.
فبعد نشر شهادات المدونين حرصت الكثير من الجرائد على فتح تحقيقات كاملة في الموضوع.. والبحث عن إحصاءات حول حوادث التحرش والاغتصاب بمصر.. كما استضاف برنامج الـ Talk show الشهير العاشرة مساء الذي تبثه قناة دريم بعض المدونين ليتحدثوا بما رأوه أمام الجميع.
وعلى الرغم من محاولة الدولة نفي الحدث رسميا.. إلا إن المدونين نجحوا في نشر الحقيقة عبر ما رأوه على الإنترنت..
وفي الواقع فإن حوادث التحرش الجنسي أثبتت مرة أخرى مدى أهمية الإنترنت كلاعب سياسي وحقوقي .. لأن وسائل الإعلام التقليدية - حتى المعارضة منها - ترددت كثيراً قبل تناول الموضوع نظرا لحساسيته .. وتأخرت بضع أيام في نشر الخبر وتناوله.. ولولا قوة طرح الموضوع من قبل المدونين لما التفت إليه أحد.
وبعد ذلك أيضا استمرت الجهود الحقوقية في تدعيم الحق في السلامة الشخصية وحقوق المرأة.. من خلال الحملة التي أطلقها بعض النشطاء باسم (حقنا في شارع آمن).a

0 مشاركات:

إرسال تعليق