الحشد والتعبئة الجماهيرية عبر الإنترنت


12/3/2010
الحشد والتعبئة الجماهيرية عبر الإنترنت
الحشد والتعبئة الجماهيرية عبر الإنترنت
لعل الكثيرين من الناس الذين لهم اتصال بجمهور كبير من خلال شبكات التواصل الاجتماعي من أمثال تويتر وفيسبوك قد خطرت لهم وراودتهم تكهنات حول القوة الفعلية لمعلومات شبكة الإنترنت وتساءلوا عن حجم.. ما قد تكون عليه إمكانياتها ومدى سرعة انتقال المعلومات عبرها ومقدار السرعة في تعبئة جماهير غفيرة من الناس وحشدها تأييدا لقضية ما. وقد حدثت أمثلة بارزة على النجاح في هذا المجال منها حملة "مليون صوت" ضد قوات كولومبيا الثورية المسلحة المعروفة اختصارا بكلمة "فارك" وهي الحملة التي أدت إلى إثارة احتجاجات في مختلف أنحاء العالم ضد التنظيم الإرهابي الكولومبي، ومنها أيضا حملات تصيد الثروات التي ترعاها المؤسسات التجارية مثل توجيه المشاركين من خلال أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم وإرشادهم إلى أكشاك هاتفية عشوائية في انتظار مكالمات هاتفية تزودهم بإشارات قد تساعدهم في إكمال أحجية أو حل لغز يفوزون منه بجائزة. قررت وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتطورة، إجراء تجربة لاختبار التواصل الاجتماعي. نظمت مسابقة تتنافس فيها الفرق والجماعات المشاركة ضد بعضها البعض لمعرفة أيهما تستطيع أن تكون الأولى في حشد آلاف الناس لمعرفة أمكنة 10 بالونات حمراء نشرت عشوائيا في أراضي الولايات المتحدة الشاسعة وتحديدها كلها بدقة. وتم تخصيص جائزة قيمتها 40,000 دولار لأول من يحدد مواقع البالونات العشرة. صرح بيتر لي، من وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتطورة، لموقع أميركا دوت غوف بقوله "لم نكن في حقيقة الأمر ندري ما نتوقعه". فنظرا لصغر حجم البالونات واتساع مساحات الأراضي التي يجري البحث فيها "بدا الأمر صعبا إن لم يكن مستحيلا". وكان لي قد تولى مسؤولية المسابقة بصفته مدير مكتب التقريب بين التكنولوجيات المتغيرة في وكالة مشاريع الأبحاث. قال لي إنه فوجئ جدا بأن المسابقة انتهت إلى الحل في فترة أقل من تسع ساعات. وكانت وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتطورة المعروفة اختصارا باسم "داربا" قد خصصت مهلة خمسة أيام لانتهاء المسابقة. فقد نجح فريق من معهد مساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) في الفوز بالمسابقة باستخدامه أسلوبا فريدا من الحوافز التي أعلنها على الشبكة الاجتماعية وتشمل عرضا بدفع مكافآت لا لمن يعثرون على البالونات فقط، بل ولأولئك الذين جندوهم أيضا لعملية البحث في الحملة. وأوضح رئيس فريق معهد مساتشوستس، رايلي كرين، أسلوب الفريق في مقابلة مع الإذاعة الوطنية العامة بالراديو في 11 كانون الأول/ديسمبر قائلا "جعلنا العملية خالية من أي جهد يذكر للناس المشاركين، علاوة على الجوائز المالية، وكان الناس قادرين على مراقبة تأثيرهم المباشر على أناس آخرين في الانضمام". وأوضح لي أن هذا الأسلوب شجع كل الناس في كل مكان من العالم على المشاركة نظرا لأنهم كانوا قادرين على إبلاغ أصدقائهم ومعارفهم أو أفراد عائلاتهم في الولايات المتحدة بالمسابقة ومتابعة أي تقارير أو بلاغات عن رؤية أي بالون والتحقق منها. وأحصى نحو 250 فريقا من غير الجماعات الأميركية شاركت في المسابقة بما فيها فرق من الهند وإيران والسودان وروسيا وبلدان أخرى في أميركا الجنوبية وآسيا. وقال لي إن تلك الجماعات استطاعات حشد جالياتها المغتربة في الولايات المتحدة للمساعدة. لم تقتصر تجربة داربا على اختبار السرعة والفاعلية التي عملت بها تجربة التواصل الاجتماعي. فقد أضافت حيلة هدفها التحدي بسماحها للفرق المشاركة بأن تبعث لبعضها البعض سرا بمعلومات مغلوطة مضللة على أمل أن تقدم تقارير خاطئة عن مشاهدة البالونات أو تصرف وقتها الثمين في التحقق من تلك المعلومات. قال لي إن التجربة تمخضت عن نحو 200 بلاغ كاذب شملت "صورا زائفة رائعة" تم صنعها باستخدام برامج خاصة لتحميض الصور التي تم نشرها على الإنترنت "كدليل" على العثور على البالونات. استطاعت الفرق المتقدمة العثور بسرعة على أشخاص بالقرب من الأماكن التى جرى التبليغ بمشاهدة بالونات فيها وتأكدوا من صحة البلاغات. وقال لي إن أحد أعضاء فريق مؤسسة غوغل استخدم مصادر الشركة من الخرائط للعثور على شركات أو مساكن قريبة واتصل بمن فيها وطلب إليهم النظر من النوافذ أو الخروج من المباني والتأكد من صحة البلاغات أو عدمها. وأقر لي بأن دعوة داربا للفرق لوضع وصلاتها إلى مواقعها على موقع وكالة الأبحاث الدفاعية أدّى إلى تعرض الموقع لتسلل هجومي قبل أسبوع من بدء المسابقة. وقال إن بعض المتسللين زرعوا فيروسات تجعل أجهزة الكمبيوتر المصابة بالعدوى تغير اتجاهها وترسل تقاريرها عن المشاهدة إلى موقع خداعي حيث يطلع عليها منافسوهم بدلا من داربا. قال المسؤول في وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتطورة إن "المرء يظن بداية أن هذا أمر سيء، ولكن بعد تفكير يتضح أن كل هذا منصف في الحرب، ثم يفكر في النهاية أن إصلاح المشكلة يجعل المسابقة أصدق" وأكثر إنصافا. لذا قررت داربا إزالة الموقع الخداعي في نهاية المطاف. وعلاوة على ذلك، قال لي، إن بعض الفرق "عثرت على بعضها الآخر وبدأت مفاوضات حول تبادل المعلومات". وخلق هذا الاتصال جانبا ديناميكيا آخر مهما وهو أن المتسابقين كانوا يتفاوضون غالبا دون أن يدركوا قيمة بلاغاتهم في خضم المعلومات الخاطئة المضللة. وقال "كان الوضع حماسيا ومثيرا". وتساءل لي عما تعنيه هذه المسابقة بالنسبة لسيناريو عالم حقيقي؟ وأجاب أن هذا بالمعنى الوجيز، يجلب إلى الذهن موضوع الاستجابة للكوارث حين يمكن تعبئة الجماهير وحشدها للعثور بسرعة على الأشخاص من ذوي المعرفة أو الخبرة الخاصة أو الوصول إلى الأدوات والأجهزة المتخصصة. فالشخص المطلوب أو الأداة التي يجري البحث عنها لا ضرورة لوجودهما على الإنترنت. إذ يمكن العثور عليهما بمجرد العثور على شخص يعرف سبيل الوصول إليهما. وصرح رايلي كرين، من معهد مساتشوستس للتكنولوجيا، للإذاعة الوطنية العامة بأنه يعتقد أن هناك جانبا آخر للمشابكة الاجتماعية يخدم هدفا شهما ونبيلا كالعثور على الأطفال المفقودين. وأوضح لي أن التجربة كشفت عن أن المشابكة الاجتماعية "ما كادت تتخلل مجتمعنا" وعن أن هناك الكثير من الفرق والجماعات المنتشرة في الولايات المتحدة كالفرق الكشفية وفرق المرشدات وغيرها من الجمعيات "المتفهمة للشبكات" التي كان يمكن أن تجيد في التجربة لولا أن انتشارها محدود على الإنترنت. لكنه خلص إلى القول إن "هناك متسعا هائلا أمام نمو وسائل الإعلام الاجتماعية". وأشار لي إلى أن السنوات الأربعين الأولى منذ خاضت وكالة الأبحاث الدفاعية "داربا" تجاربها للتواصل عبر الكمبيوتر، والتي ولدت الإنترنت، نجحت في وضع أساس بنيتها التحتية وجعلتها تنتشر وتزيد الوصول إليها. واستنتج المسؤول في وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتطورة قائلا إن السنوات الأربعين القادمة ستستمر في فعل ذلك، لكنني أعتقد أننا سنرى أيضا بالفعل بروز هذا العنصر الاجتماعي. فداربا تنظر إلى ذلك باهتمام جدي"

0 مشاركات:

إرسال تعليق