منح معارض صيني جائزة نوبل للسلام وبكين تندد وتستدعي سفير النرويج





والي الدعوات لإطلاق شياوبو.. وخبر نيله الجائزة يخضع لرقابة في الصين
متظاهر يحمل لافتة عليها صورة لشياوبو وأخرى لجائزة نوبل في هونغ كونغ أمس (رويترز)
أوسلو - لندن: «الشرق الأوسط»
منح المنشق الصيني المعتقل ليو شياوبو، أمس، جائزة نوبل للسلام، وهو الخيار الذي أدانته بكين التي استدعت السفير النرويجي لديها، لكنه أطلق دعوات من جميع أنحاء العالم تطالب بإطلاق سراحه.

وعقب إعلان لجنة نوبل النرويجية منح الجائزة للمنشق الصيني، سارعت بكين بالتنديد بهذا الاختيار الذي اعتبرته مخالفا لمبادئ جائزة نوبل، واستدعت السفير النرويجي لديها للتعبير عن «غضبها» بحسب ما أعلن في أوسلو. وقالت بكين إن «ليو شياوبو مجرم أدانه الجهاز القضائي الصيني لانتهاكه القوانين الصينية». وخضع نبأ حصول شياوبو على نوبل للسلام التي تمنح لأول مرة لصيني يقيم في الصين، للرقابة على مواقع الإنترنت الرئيسية في البلاد.

ورحب الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بمنح جائزة نوبل للسلام إلى شياوبو، ودعا بكين إلى إطلاق سراحه. وقال أوباما في بيان إن المثقف الصيني الذي حكم عليه في أواخر 2009 بالسجن 11 عاما لأنه طالب بالديمقراطية في بلاده «ضحى بحريته من أجل قناعاته»، مضيفا أن «لجنة نوبل بمنحها الجائزة لليو اختارت ناطقا مفوها وشجاعا باسم قضية الدفاع عن القيم العالمية بالوسائل السلمية لا بالعنف، وبخاصة الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان ودولة القانون». وأشار أوباما إلى أن الصين حققت خلال الـ30 عاما الماضية «تقدما كبيرا» على طريق الإصلاحات الاقتصادية وأخرجت مئات الملايين من الأشخاص من الفقر، «لكن هذه الجائزة تذكرنا بأنها لم تتبعها بإصلاحات سياسية، وأن الحقوق الأساسية لكل رجل وكل امرأة وكل طفل يجب أن تحترم». وأضاف: «ندعو الحكومة الصينية إلى إطلاق سراح ليو في أسرع وقت ممكن».

كذلك، دعت فرنسا وألمانيا، إلى الإفراج عن هذا المنشق المسجون بتهمة محاولة «قلب نظام الدولة». كما دعا الزعيم الروحي للتيبتيين الدالاي لاما، الذي سبق أن أثار حصوله هو أيضا على نوبل للسلام عام 1989 غضب بكين، إلى إطلاق سراح شياوبو في الحال. في حين هنأت تايوان والأمم المتحدة الفائز.

بدورها دعت زوجة ليو شياوبو إلى إطلاق سراح زوجها، واعتبرت أنه يتعين على الصين أن تفتخر بحصوله على الجائزة. وقالت ليو شيا في بيان: «آمل أن يغتنم المجتمع الدولي هذه الفرصة ليدعو الحكومة الصينية للإفراج عن زوجي». وأضافت: «كما أقرت اللجنة، فإن وضع الصين الجديد في العالم تترتب عليه مسؤولية أكبر. يجب أن تتبنى الصين هذه المسؤولية وأن تفخر باختياره وتطلق سراحه من السجن».

من جهة أخرى هنأ رئيس المفوضية الأوروبية، جوزيه مانويل باروسو، الحائز على نوبل، ورأى في ذلك «رسالة قوية لكل الذين يناضلون، عبر العالم، من أجل الحرية وحقوق الإنسان»، لكنه لم يدع إلى الإفراج عن ليو شياوبو. كما أعربت منظمة العفو الدولية في بيان عن الأمل في أن يؤدي منح ليو جائزة نوبل إلى «تشديد الضغوط الدولية من أجل الإفراج عنه وعن الكثير من المعتقلين السياسيين» في الصين. واعتبرت أن ذلك «يسلط الأضواء على انتهاكات حقوق الإنسان في الصين».

وأعرب شانغ باوجون، محامي ليو شياوبو، عن أمله في الإفراج سريعا عن موكله، معتبرا منح موكله جائزة نوبل «خبرا سارا جدا». وقال: «آمل أن يفرج عنه سريعا بفضل هذا القرار حتى وإن كان من السابق لأوانه التحدث عن ذلك»، مضيفا: «آمل أن تزداد الصين انفتاحا وأن ترفض القيود على حرية التعبير». وبعد أن أشار إلى أن الصين تحولت إلى «ثاني اقتصاد عالمي» قال رئيس لجنة نوبل ثوربيورن ياغلاند إن «العظمة تفرض مسؤوليات».

وكان النظام الصيني قد حذر مسبقا لجنة نوبل من «خطوة غير ودية» من شأنها أن تسيء إلى العلاقات بين الصين والنرويج.

وحكم على ليو شياوبو (54 سنة)، أستاذ الأدب والشخصية البارزة في حركة تيانانمان الديمقراطية سنة 1989، بالسجن 11 عاما يوم عيد الميلاد (الكريسماس) لعام 2009، بتهمة «المساس بسلطة الدولة».

وأخذ عليه أنه كان ضمن الموقعين الـ300 على «ميثاق 80» الذي يطالب بصين ديمقراطية. وهذا الميثاق مستوحى من «ميثاق 77» الذي دعا إلى إرساء الديمقراطية في تشيكوسلوفاكيا الشيوعية، ووقعه سنة 1977 عدد من المثقفين من بينهم فاتسلاف هافل. وقد دعا هذا المنشق السابق، الذي أصبح رئيسا لجمهورية التشيك، إلى منح ليو شياوبو جائزة نوبل.

وقال ياغلاند إن «حركة المطالبة بفرض حقوق الإنسان في الصين يقودها الكثير من الصينيين سواء داخل الصين أو خارجها». وتابع أنه «من خلال العقوبة التي وقعت عليه أصبح ليو الرمز الأساسي لتلك الجهود الواسعة من أجل حقوق الإنسان في الصين».

ويأتي منح ليو شياوبو جائزة نوبل للسلام بعد سنتين من تنظيم دورة الألعاب الأولمبية في بكين، التي قالت منظمات غير الحكومية إنها لم تأت بالتحسينات المرجوة في مجال حقوق الإنسان. ويرى معلقون أن هذه الجائزة يمكن أن تقضي على آمال النرويج في أن تصبح قبل نهاية هذا العام أول بلد أوروبي يعقد اتفاقية تبادل حر مع الصين. وقال رئيس الوزراء النرويجي، يانس ستولتنبرغ، إن «علاقاتنا عريقة ومستمرة والمناقشات حول حقوق الإنسان تندرج في إطار تلك العلاقات».

يشار إلى أن أعضاء لجنة نوبل الخمسة يختارهم البرلمان النرويجي، إلا أنهم مستقلون عن الحكومة والمجلس. وليو شياوبو متزوج لكن ليس له أبناء، وقد أمضى قسما كبيرا من حياته في السجون الصينية. فبعد المشاركة في مظاهرات تيانانمان سنة 1989 ومحاولته التوسط بين الجيش والطلاب، اعتقل هذا المثقف المعارض للنظام، سنة ونصف السنة. وبين عامي 1996 و1999، احتجز ليو شياوبو أيضا في معسكر إعادة تربية «من خلال العمل» لأنه طالب بإصلاحات سياسية وبالإفراج عن الذين ما زالوا قيد الاعتقال بعد حركة 1989.

وأقر رئيس لجنة نوبل بأنه لا يعلم من الذي سيأتي لتسلم جائزة نوبل، وقال إنه «ليس بالأمر الذي نأخذه في الاعتبار عندما نختار الفائز». ومع المنشقة البورمية، أونغ سان سو تشي، عام 1991، وداعية السلام الألماني، كارل فون اوسيتسكي، عام 1935، يكون ليو شياوبو ثالث فائز بنوبل للسلام يمنح هذه الجائزة وهو في السجن. وتمنح الجائزة عادة في أوسلو في العاشر من ديسمبر (كانون الأول)، ذكرى وفاة مؤسسها السويدي ألفريد نوبل. وتتمثل في ميدالية وشهادة وشيك بمبلغ عشرة ملايين كورونة سويدية (1.5 مليون دولار). ولم يعرف على الفور من سيتسلم الجائزة إذا لم يتسن لليو المسجون ذلك.

0 مشاركات:

إرسال تعليق