ألمانيا تبدأ بتطبيق استراتيجية تكنولوجية لمواجهة أخطار الإنترنت

hacker logo
في منطقة مشجّرة وهادئة تقع في ضاحية مدينة بون الجنوبية يسمع المرء طول الوقت تقريبا زقزقة العصافير مع مرور سيارات فيها من وقت إلى آخر. في وسط هذه الضاحية يرتفع بناء بني في أعوام السبعينات من القرن الماضي يلفه سور عال مجهّز ببوابات أمنية وبكاميرات.
هذا المبنى، الذي سيعمل فيه ابتداء من اليوم عشرة موظفين تابعين لمركز الدفاع الجديد، يتبع المكتب الاتحادي الألماني لتقنية الأمن والمعلومات BSI، ويعتبر المركز نواة الاستراتيجية الأمنية لجهاز التوجيه والدفاع، الذي عرضته الحكومة الألمانية في شهر شباط/فبراير الماضي.
وإلى جانب الموظفين هؤلاء سيتواجد موظفون يعملون لصالح
المكتب الاتحادي لحماية الدستور ومكتب الحماية من الكوارث. وتتمثل مهمة المركز في التعرف على الهجمات المحتملة وتقويمها ووضع استرتيجيات لصدّها، خاصة وأن هناك ما يكفي من الهجمات التي تتزايد يوميا.

ميركل: خطر الحرب الالكترونية مثل الحرب التقليدية
خطر الحرب الالكترونية كان موضع نقاش خلال مؤتمر الأمن، الذي عقد أخيرا في ميونيخ. وفيه أوضحت المستشارة أنغيلا ميركل أن خطر الحرب الموجهة الكترونيا مثل خطر الحرب التقليدية. وعرض وزير الداخلية آنذاك توماس دو ميزيير في المؤتمر حجم الخطر قائلا إن "هجوما ما على الانترنت في المانيا يحصل كل ثانيتين". وأضاف: "تتلقى شبكة الحكومة الألمانية الالكترونية يوميا أربع إلى خمس هجمات تأتي كما تؤكد سلطاتنا من أجهزة استخبارات أجنبية". 
الخطر القادم من العالم الافتراضي وصل أخيرا إلى الرأي العام والسياسيين، وكذلك على المستوى الدولي، ففي العام الماضي بدأ الأميركيون العمل بجهاز قيادة وتوجيه لمواجهته، أما حلف الناتو فيعتبر في استراتيجيته الجديدة أن الهجمات على الانترنت تعتبر بجانب الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل أحد التهديدات الثلاثة الأكبر للعالم في الوقت الراهن.
وأظهر العمل التخريبي الذي جرى في أجهزة التخصيب الإيرانية بواسطة فيروس "دودة ستاكسنيت" للعالم أجمع كيف يمكن لبرامج الفيروسات العالية التطور إطلاق صواريخ الكترونية عابرة للقارات لتدمير البنى التحتية للعدو. ومع استراتيجية التوجيه الأمنية بدأت الحكومة الألمانية مرحلة مواجهة التهديد هذا.
وذكر فيلسوف التقنيات ساندرو غايكن أنه يرى وصول نوعية جديدة في هجمات المغيرين على الانترنت مشيرا إلى أنه أصبح لدى حكومات عديدة مجموعات كاملة من المغيرين المجهزين بالطبع بأدوات أفضل وأشد من الآخرين العاديين.

هجوم ناجح على حاسوب رئيسة الوزراء الاسترالية    
وظهرت صحة تقدير الفيلسوف غايكن مع وصول خبر تعرض حاسوب رئيسة الوزراء الاسترالية جوليا غيلارد إلى هجوم في 2011/3/29 الماضي، إضافة إلى حواسيب عشرة وزراء آخرين. وتمت قراءة رسائل الكترونية موجهة من وإلى رئيسة الوزراء على مدى شهر كامل على الأقل. وفي الأسبوع الماضي (2011/3/24) أعلنت المفوضية الأوروبية في بروكسيل عن هجوم كبير تعرض له الانترنت خاصتها. 
وكرد فعل فرضت المفوضية حظرا على دخول شبكة رسائلها الالكترونية من الخارج، وطلبت من جميع الموظفين تغيير الأرقام والأسماء الالكترونية الخاصة بهم. كما حصل الهجوم عشية انعقاد قمة اتخذت فيها قرارات هامة تتعلق ببنى الاتحاد الأوروبي وبالمظلة المالية الواقية وبحرب ليبيا.
أضرار في الاقتصاد بالمليارات
وكجزء من الاستراتيجية الالكترونية الامنية للحكومة الألمانية عقدت لجنة أمن الاقتصاد الألماني اجتماعا بدورها لبحث كيفية مواجهة الهجمات التي تتعرض لها حواسيب الشركات الألمانية التي تتلقى العدد الأكبر من ضربات المغيرين للتجسس عليها.
غير أن وزير الاقتصاد راينر برودرله لا يبدي قلقه على أسرار الشركات الكبيرة بقدر قلقه على الشركات المتوسطة والصغيرة، التي يرى أن العديد منها لم يفهم بعد حجم خطر التهديدات الالكترونية عليها. وقدّر برودرله أضرار التجسس والسرقة الحاصلة سنويا بأكثر من عشرة مليارات يورو.



0 مشاركات:

إرسال تعليق