الرياض تستبق ثورة حنين بحشود مضادة

شهد ملعب الملك فهد الدولي في الرياض حضوراً طاغياً للأعلام الخضراء وصور القادة السعوديين خلال مباراة نصف نهائي الكأس بين قطبي العاصمة الهلال والنصر، وشهدت المباراة أيضاً عبارات تحمل تأييداً و تهاني للملك عبدالله بعد عودته من رحلته العلاجية التي إستمرت 3 شهور.

يأتي ذلك مع إستعدادات أمنية وصلت إلى فوق المتوسط تحسباً للمظاهرة التي من المفترض أن تتركز خصوصاً في المنقطة الشرقية من المملكة الغنية بالنفط، حيث يسكن تلك المنطقة أكثر من 70% من طائفة الشيعة في السعودية ذات الأغلبية السنية.


ومساء الخميس، قالت وكالة الأنباء الفرنسية نقلاً عن شاهد عيان إن ثلاثة متظاهرين أصيبوا بإصابات طفيفة في تجمع في المنطقة الشرقية، فيما قالت مصادر صحافية أخرى إن المتظاهرين أحرقوا سيارة قبل أن يفرقهم الأمن السعودي.


ويلحظ متابعو الحراك المتنامي بين أطياف المجتمع السعودي كافة، تحولات سريعة في التعاطي مع الدعوة للتظاهر، حيث ركز كثيرون على أن القائمين عليها مجهولون وليس بينهم قيادات معروفة على المستوى المحلي ولا يمكن الجزم "بوطنيتها"، ولكن أكبر تجمع ليبرالي سعودي على شبكة الانترنت وهي الشبكة الليبرالية السعودية الحرة أعلنت رسمياً أنه ثبت لديها أن المنشق السعودي سعد الفقيه أحد من يقفون وراء هذه المظاهرة.


وقالت الشبكة المحجوب موقعها إنها ومن مبادئها الوطنية المحضة الرافضة لكل تدخل خارجي فإنها لا تؤيد هذه المظاهرة، وألمحت الشبكة أيضاً إلى تورط إيران في دعم الفقيه عندما عرضت مقطع فيديو يظهر فيه عبدالعزيز الشنبري أحد معاوني الفقيه وهو يقر بدعم إيران لنشاطاته.


وفي شأن التعاطي المحلي معها أيضاً أسس سعوديون صفحة مضادة على موقع فايسبوك أعلنوا فيها وقوفهم ضد هذه المظاهرة، وبلغ عدد أعضاءها نحو 100 ألف، أكد غالبيتهم اتجاههم الوطني للإصلاح السياسي والاقتصادي ومعالجة الفساد وفق مراحل هادئة لا تضر بوحدة المملكة.


إلى ذلك كان خطاب الإسلاميين السلفيين متماهياً إلى حد كبير مع خطابهم التاريخي المعروف بعدم الخروج على الإمام وسرية النصيحة وتحريم المظاهرات.


وشكك سعوديون في مسمى "حنين" ومدى رمزيته، حيث أن غزوة حنين التي انتصر فيها الرسول محمد على قبيلة هوازن العربية شهدت هروب كبار الصحابة في بداية المعركة بحسب مرويات شيعية، في حين تقول كتب السنة إنهم انحازوا في بداية المعركة لأنهم فوجئوا بالهجوم المعادي في واد كثيف الشجر والصخور بين مكة والطائف.


واعتبر أولئك السعوديون أن هذه الرمزية تسقط هدفها الأساسي وهو المطالبة بالإصلاحات، إلى منحى طائفي عززته بعض الشواهد مثل تركزها في المنطقة الشرقية المحاذية لمملكة البحرين التي تشهد هي الأخرى اعتصامات وتظاهرات تقودها زعامات الطائفة الشيعية، وأيضاً من الشواهد التي تناقلها السعوديون انسحاب كثيرون كانوا يؤيدون كل تحرك سلمي عن المشاركة فيها أو دعمها بأي صورة كانت، إضافة إلى أن كل أخبار وتحركات منظميها تجد دعما إعلامياً قوياً من وسائل الإعلام الإيرانية، إذ أضحت أدق تفاصيلها بحوزة مراسلي وسائل إعلامية معروفة بعدائها للملكة.


وكانت منطقة الأحساء (شرق السعودية) شهدت الأسبوع الماضي مظاهرة شارك فيها العشرات مطالبين بإطلاق سجناء تعتقلهم السلطات السعودية، واعتقل إثر ذلك 16 من المتظاهرين أفرج عنهم لاحقاً كما أفرج عن توفيق العامر وهو إمام أحد المساجد في المنطقة.


وحذرت السلطات السعودية من كل أشكال التظاهر ، وقالت وزارة الداخلية السعودية إن قوات الأمن مخولة بكل أمر يحفظ النظام والأمن دون التخريب والترويع والفوضى.


ووافق مجلس الشورى السعودي وهيئة كبار العلماء السعودية بيان وزارة الداخلية، حيث أيد المجلس البيان ودعا إلى الحوار ودعم كل سبل رفاهية المواطن، فيما حرمت هيئة كبار العلماء المظاهرات ودعمت جهود الحكومة في حفظ أمن البلاد.


وعلى المستوى الخارجي برز موقف الولايات المحتدة الأميركية التي دعت من خلالها  بي. جي. كراولي المتحدث باسم وزارة الخارجية  للصحافيين "تدعم الولايات المتحدة مجموعة من الحقوق العامة بما في ذلك الحق في التجمع السلمي وحرية التعبير." وأضاف "يجب احترام تلك الحقوق في كل مكان بما في ذلك المملكة العربية السعودية." بدوره، اكد بن رودس كبير مستشاري الرئيس الاميركي باراك اوباما للسياسة الخارجية ان الولايات المتحدة تتابع عن كثب التطورات في السعودية حيث وجهت الدعوة للتظاهر الجمعة وتدافع عن "المبادئ العالمية" مثل حق التظاهر، وصرح بن رودس "سنواصل بالطبع متابعة الوضع عن كثب". واضاف "ما قلناه هو أننا سندعم مجموعة من المبادئ العالمية في كل دولة في المنطقة".


إلا أن الرد السعودي كان قوياً عبر وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل الذي أكد يوم الأربعاء أن بلاده ترفض كل أشكال التدخل الخارجي وأنها لن تسمح بذلك، وقال الفيصل إن المملكة تشهد حواراً متنامياً وإصلاحات دائمة. 

 

0 مشاركات:

إرسال تعليق