دستور طارق البشري

المستشار طارق البشري
تكليف المستشار طارق البشري رئاسة لجنة جديدة لتعديل الدستور المصري لقي ارتياحاً في مصر والعالم العربي، وسواء اعتمدت لجنة البشري تعديلات لجنة سابقة كلّفها الرئيس حسني مبارك أو لم تعتمد، فإن التعديل بيد أمينة تحظى بثقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية الذي سماها، كما بثقة عارفي علم البشري ورصانته.
ستتركز أنظار المراقبين على الموقف من المادة الثانية من الدستور، والأرجح أن اللجنة ستبقي عليها: «الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع»، لأن هذه الشريعة من مصادر القوانين حتى في دول تخلو من المسلمين، ومن يدرس جيداً العلاقة بين حقوقيي إسطنبول في أواخر القرن التاسع عشر وحقوقيي باريس، يعرف أن ما جمع من تشريعات إسلامية تحت اسم «مجلة الأحكام العدلية العثمانية» (جزء أول في 1883 والجزء الثاني في 1888) كان أحد مصادر التشريع لدى فقهاء القانون في فرنسا. هكذا لن يستطيع العلمانيون «المناضلون» مجابهة نص المادة الثانية، فليست الشريعة الإسلامية مصدراً وحيداً انما هي المصدر الرئيسي.
بدأت اللجنة اجتماعاتها أمس، وتنهيها بعد عشرة أيام، وهي تضم أساتذة مصريين في القانون ومحامين ليس بينهم سوى «إخواني» واحد هو المحامي صبحي صالح.
طارق البشري من مواليد القاهرة 1933 في بيت جده شيخ الأزهر سليم البشري، وكان والده قاضياً في خمسينات القرن الماضي، وعمه الأكبر هو الأديب الساخر وصديق طه حسين الشيخ عبدالعزيز البشري. تولى طارق البشري مناصب في القضاء وصولاً الى نيابة رئاسة مجلس الدولة، وكتب في الستينات في مجلتي «الطليعة» و «الكاتب» اليساريتين، وأصدر مؤلفات عدة من أبرزها «المسلمون والأقباط في إطار الجماعة الوطنية» (1981)، لكن فكره تطور الى تقديم مكانة الأمة والجماعة على مكانة الجماعة الوطنية التي أطلقتها حركة التحرر المصرية مع سعد زغلول والوفد، هذا التطور باتجاه إسلاموي أثار حفيظة عدد لا يستهان به من قراء البشري وعارفيه. لكن صفة القاضي النزيه تبقى ملازمة للرجل، فضلاً عن حرصه المفترض على مصر ومستقبلها في هذه المرحلة الدقيقة.
هل نذكر ان الحقوقي المصري الشهير عبدالرزاق السنهوري كتب دستوراً لجمهورية مصر في عهد محمد نجيب، فأطاح عبدالناصر وصحبه نجيب ودستورَه، وبعد سنوات وجد عاملٌ مصري الأوراق الأصلية لهذا الدستور بين المهملات في أحد شوارع القاهرة، ليشتريَها الكاتب صلاح عيسى وينشرها في كرّاس... للتاريخ؟
لن تتكرر تجربة السنهوري مع طارق البشري. نرجو ذلك.

0 مشاركات:

إرسال تعليق