إصابة المعتصم ابن المجرم القذافي وثوران في الشرق الليبي

تسارعت الأحداث في ليبيا أمس في ظل أمر واقع جديد تمثل باحتفال آلاف الليبيين في بنغازي ثاني أكبر المدن الليبية بتحرير المدينة الواقعة في الشرق بعد سقوط مئات القتلى والجرحى، وبدخول أميركي واضح على خط الأحداث تمثل في حديث للرئيس الأميركي باراك اوباما مساء أمس قال فيه إن المعاناة وسفك الدماء بليبيا أمر "شائن" ينتهك الاعراف الدولية، مهدداً بمحاسبة حكومة ليبيا إذا لم تف بمسؤولياتها تجاه شعبها.
وفي الأحداث الميدانية من مصادر موثوقة في القاهرة أن المعتصم ابن العقيد معمر القذافي أصيب إصابة بالغة، كما علمت ان مطار بنغازي فتح أجواءه للطائرات الآتية من مصر ودول أخرى لنقل الرعايا الأجانب مما يدل على ثبات الوضع الأمني في المدينة وتمكن المعارضة من السيطرة الكاملة على الشرق الذي بات واقعاً بيد الثائرين على نظام العقيد.
وفي وقت يشعر سكان العاصمة الليبية طرابلس بالخوف من جراء الأحداث الدامية التي تتلاحق في بلادهم بعد سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى أوصل عددهم وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني إلى نحو ألف شخص، تجمع آلاف الليبيين أمس للاحتفال بتحرير مدينة بنغازي الواقعة في الشرق من حكم القذافي الذي تردد انه ارسل طائرة عسكرية لقصفهم أمس، إلا أن الطائرة تحطمت بعد أن قفز منها قائداها اللذان ترددت انباء عن رفضهما الانصياع إلى اوامر العقيد، في وقت رفضت سلطات مطار مالطا طلباً لهبوط طائرة تابعة للخطوط الجوية الليبية عادت أدراجها إلى ليبيا.
وفي خطوة لافتة أصدر المحتجون في مدينة بنغازي امس، أول صحيفة أطلقوا عليها اسم "ليبيا"، حملت شعار "نحن لا نستسلم. ننتصر أو نموت" أطلقه شيخ المجاهدين الليبيين عمر المختار، بالإضافة الى علم الاستقلال الليبي في العام 1952.
وفي المواقف الدولية قال الرئيس الأميركي في حديث تلفزيوني أمس، إن بلاده تعد مجموعة خيارات كاملة بشأن ليبيا وإن التغير بالشرق الاوسط وافريقيا تحركه الشعوب لا اميركا ولا قوى اجنبية اخرى.
وأضاف أوباما أن فريق الأمن القومي "يعمل على مدار الساعة" بشأن ليبيا، وأن العنف يجب أن يتوقف، مضيفاً نعمل "ما في وسعنا" لحماية الاميركيين في ليبيا.
أوباما الذي قال إن المعاناة وسفك الدماء بليبيا "شائنة" وتنتهك الاعراف الدولية، وأن حكومة ليبيا يجب محاسبتها اذا لم تف بمسؤولياتها تجاه شعبها، أعلن ان بلاده تعد مجموعة خيارات كاملة بشأن ليبيا وأنه سيرسل وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون الى جنيف للمشاركة في الجلسة الخاصة التي سيعقدها الجمعة مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة والمخصصة للوضع في ليبيا.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض أمس إن الرئيس الأميركي باراك أوباما يدين "بشدة" أعمال العنف في ليبيا، وإن الولايات المتحدة تعمل مع الأمم المتحدة على دراسة الخيارات منها عقوبات محتملة.
وأضاف جاي كارني في تصريح يومي "نحن مستمرون في العمل مع الأمم المتحدة.. هناك الكثير من الخيارات قيد الدراسة.. العقوبات وغيرها من الخيارات"، كما اعلن البيت الأبيض أن اختيار زعيم لليبيا شأن الشعب الليبي.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية فيليب كراولي امس إن واشنطن "تتشاور مع حلفائها حول فرض عقوبات على نظام القذافي وتجميد أي أصول مملوكة له في الولايات المتحدة وفرض حظر جوي على ليبيا".
وترددت انباء عن توجه بعض قوات النظام الليبي لإحراق منشآت النفط حسبما نقلت قناة "العربية" عن مصادر ليبية.
وفي شرق ليبيا خرج آلاف المواطنين الى الشوارع في مدن بنغازي وطبرق والزاوية أمس، للاحتفال بسقوطها بأيدي المتظاهرين واستتباب الأمن فيها، في وقت أكدت مصادر ليبية معارضة أن المنطقة الشرقية بأكملها أصبحت خارج سيطرة نظام القذافي.
وقال عبدالمنعم الشريف، العضو البارز في جماعة "الإخوان المسلمين" في ليبيا المقيم في سويسرا امس، إن بنغازي تشهد احتفالات بسقوطها بأيدي المتظاهرين، وإنه تم إنشاء لجان تنسيقية ناطقة باسم الثورة ولجان أهلية لحماية المنشآت العامة في المدينة.
وقال الشريف إن "اللجان الأهلية تعمل أيضاً على حماية الوحدة الوطنية ومنع الانقسام وتوزيع المؤن والمواد الطبية على الناس".
و أضاف أن "الوضع واستناداً إلى مصادرنا في الداخل، مستقر من الناحية الأمنية في مدينة بنغازي بعد سيطرة الأهالي عليها، فيما فرض حظر تجول غير رسمي في العاصمة طرابلس والناس لا يستطيعون الخروج من بيوتهم، وتجوب مروحيات عسكرية في سمائها، كما تعرضت مدينة مصراتة لقصف مدفعي".
وأوضح الشريف أن "المنطقة الشرقية بأكملها خرجت الآن عن سيطرة نظام القذافي بالإضافة إلى منطقة نالوت الساحلية التي تضم أنابيب الغاز المتجه إلى ايطاليا والقريبة من حدود تونس، ومنطقة البريقة القريبة من مدينة سرت الغنية بالنفط".
وأشار المعارض الليبي إلى أن الوضع في مدينة سبها في المنطقة الوسطى موطن قبيلة القذاذفة التي ينتمي اليها القذافي "ما يزال غامضاً ولم تعلن القبيلة حتى الآن عن موقفها بعد أن ناشد القذافي أنصاره الخروج إلى الشوارع".
وبثت قناتا "الجزيرة" و"العربية" امس صورا عن احتفالات في بنغازي وطبرق والزاوية حيث احتشد عدد كبير من المواطنين وهم يهتفون فرحا بسقوط هذه المدن بأيدي المتظاهرين.
ورفع المحتفلون في بنغازي علم ليبيا الذي كان معتمدا قبل الثورة في العام 1969 عندما أطاح القذافي بحكم الملك الليبي إدريس السنوسي، ولافتات كتب عليها "عاشت ليبيا الحرة". وشوهدت كتابات على الحيطان "لا للقبلية... ارحل" و"وطنية.. لا شرقية ولا غربية".
وفي طبرق، احتشد عدد كبير من المواطنين في الشوارع وهم يهتفون ويرفعون شارات النصر ويلوحون بلافتات ضد القذافي.
وشوهد العديد من الشباب في مدينة الزاوية يصفقون فرحا ويرفعون شارات النصر، كما أطلق محتفلون أسهماً نارية.
وذكر موقع صحيفة "قورينا"، التي تصدر من بنغازي، ان مجموعة من النساء خرجن في تظاهرة انطلقت من أمام كتيبة الفضيل بو عمر في منطقة البركة التي شهدت أحداثاً دموية خلال الأيام الماضية.
ورددت المتظاهرات وهن يجبن الشوارع الرئيسة للمدينة الهتافات المنادية بتنحي القذافي وحماية ليبيا.
واحتشد المحتجون في شوارع بنغازي ولوحوا بالأعلام ذات الألوان الأحمر والأخضر والأسود التي تعود إلى عهد ما قبل القذافي ووزعوا الحلوى والعصائر على السيارات المارة التي أطلقت أبواقها ابتهاجا.
ورقص الناس وهللوا وعزفوا الموسيقى.
وقال حسام ابراهيم شريف مدير مركز بنغازي الطبي لـ"رويترز" ان نحو 320 شخصا قتلوا بالمدينة. وقال وزير خارجية ايطاليا فرانكو فراتيني إن نحو ألف شخص قتلوا منذ اندلاع الانتفاضة قبل نحو أسبوع في حين سارع قادة العالم لاجلاء رعاياهم لكنهم اختلفوا بشأن سبل انهاء الأزمة.
وتحطمت طائرة حربية ليبية غرب بنغازي امس بعد قيام قائدها ومعاونه بالقفز منها بالمظلات رافضين اوامر عسكرية لقصف المدينة، حسبما افاد موقع صحيفة "قورينا" الليبية الإلكتروني.
ونقلت الصحيفة عن مصدر عسكري في غرفة عمليات قاعدة "بنينا" الجوية، ان الطائرة الحربية من نوع "سوخوي 22" روسية الصنع تحطمت غرب مدينة اجدابيا الواقعة على بعد 160 كلم جنوب غرب بنغازي.
وأضافت ان المصدر العسكري "وهو برتبة عقيد، اكد أن الطائرة وقعت بعد ان رفض قائدها عبدالسلام عطية العبدلي ومعاونه علي عمر القذافي تنفيذ امر لقصف مدينة بنغازي". وأضاف المصدر "ان القائد ومعاونه خرجا من الطائرة بواسطة المظلات".
وأوضحت الصحيفة ان المقاتلة تحطمت "في منطقة خالية على ارتفاع 18 مترا من سطح البحر غرب اجدابيا".
وما زالت طرابلس وغرب ليبيا تحت سيطرة القذافي وقال الناس هناك انهم خائفون للغاية من الميليشيات الموالية للحكومة بعد أن هدد القذافي باستخدام القوة ضد المحتجين في كلمة القاها مساء أول من أمس.
ونشر القذافي قوات غرب العاصمة لوقف اتساع نطاق الانتفاضة التي بدأت في شرق البلاد. وفي المنطقة الشرقية انسحب كثير من الجنود من الخدمة العسكرية.
وقال اللواء سليمان محمود العبيدي لـ"رويترز" في طبرق ان القذافي لم يعد موضع ثقة. واضاف انه واثق من انه سيسقط خلال الأيام القادمة.
ودعا القذافي لخروج الجماهير المؤيدة له الى الشوارع اليوم لكن تجمع نحو 150 شخصا فقط في الساحة الخضراء بوسط طرابلس حاملين الأعلام الليبية الخضراء وصور القذافي.
وبدت معظم الشوارع شبه مهجورة ولم تفتح سوى بعض المقاهي برغم مناشدة الحكومة للسكان بالعودة الى أعمالهم.
ولم يلاحظ أي انتشار مكثف للجيش أو الشرطة في العاصمة أو ضواحيها.
ومنعت هيئة الطيران المدني في مالطا أمس، هبوط طائرة ليبية تابعة للخطوط الجوية الليبية في مطار لافاليتا.
وكانت الطائرة تنقل 14 شخصا ورفضت هيئة الطيران اعطاء الاذن بالهبوط لأن الطائرة ظهرت فجأة في المجال الجوي المالطي.
وأكد الطيار ان رحلته حصلت على اذن بالهبوط الثلاثاء وأنه لم يعد لديه وقود. وأضاف المصدر انه حاول لمدة 20 دقيقة اقناع السلطات بتغيير موقفها، وأمام رفض السلطات في مالطا عاد بالطائرة الى ليبيا في حين نشر جنود مالطيون على مدرج المطار.
ونقلت صحيفة الجارديان البريطانية عن الرائد رجب فيتوني الضابط بسلاح الجو الليبي في بنغازي مهد الانتفاضة قوله انه شاهد زهاء أربعة آلاف من المرتزقة يصلون على متن طائرات نقل ليبية على مدى ثلاثة ايام اعتبارا من يوم 14 شباط (فبراير) الجاري.
وقال فيتوني للصحيفة في بنغازي "هذا يفسر سبب انقلابنا على الحكومة. هذا فضلا عن حقيقة ان هناك أوامر باستخدام الطائرات لمهاجمة الناس."
وعرضت تلفزيون "سكاي نيوز" البريطاني لقطة لصواريخ مضادة للطائرات في ما قال إنها قاعدة عسكرية مهجورة قرب مدينة طبرق.
وسارعت الدول التي لها علاقات تجارية قوية مع ليبيا ثالث أكبر منتج للنفط في افريقيا لاجلاء آلاف من رعاياها وقال مسؤولون اتراك ان عاملا تركيا قتل بالرصاص في موقع بناء قرب العاصمة طرابلس.
وقال عامل بريطاني يعمل في مجال النفط انه يقبع مع 300 شخص آخرين في مخيم بشرق ليبيا حيث قام سكان محليون بنهب منشآت نفطية.
وقال جيمس كويل لهيئة الاذاعة البريطانية "نعيش في خوف كل يوم على حياتنا لأن الناس هنا مسلحون".
ونقلت صحيفة سويدية عن وزير سابق في الحكومة الليبية اليوم الأربعاء قوله إن القذافي أمر في عام 1988 بتفجير طائرة الركاب الأميركية فوق لوكربي في اسكتلندا.
وقال وزير العدل الليبي السابق مصطفى محمد عبد الجليل والذي أفادت أنباء أنه استقال هذا الأسبوع بسبب العنف الذي استخدمته الحكومة ضد المحتجين لصحيفة "اكسبرسن" الشعبية السويدية إن لديه أدلة على أن القذافي أمر بتفجير الطائرة مما أدى إلى مقتل 270 شخصا.
ونقلت الصحيفة عن عبد الجليل قوله أثناء مقابلة أجرتها معه الصحيفة في بلدة كبيرة في ليبيا لم يكشف عنها "لدي الدليل على أن القذافي أعطى الأمر."

0 مشاركات:

إرسال تعليق