الحميدي: كيف يترك الشاب أهل العلم ويتبع فتاوى مجاهيل الإنترنت؟!

الدكتور عبد العزيز الحميدي أستاذ العقيدة
كشف الدكتور عبد العزيز الحميدي أستاذ العقيدة, الباحث في الأديان في الحلقة الأخيرة من مراجعاته الفكرية ولأول مرة عبر برنامج ''همومنا'' التي بثها التلفزيون السعودي أمس كيف كانت نتائج إغلاق العقل والتفكير عليه شخصياً، محذراً من مغبة ذلك، وكيف تجر صاحبها إلى الفتنة.
متسائلاً في خطابه للشاب الباحث عن ذاته، كيف أن هذا الشاب يسمع أستاذه في الجامعة أو والده في المنزل وأخاه وهم يناصحونه ويقولون له: هذا الطريق وهذه الوجهة فلا تخطئ، كما أخطأ فلان، وعليك أن تحذر من ذلك، فيتركهم ويتبع مقولات تأتي من أوراق الإنترنت وقد يجلبها له صديق ربما يكون أجهل منه فتدخله في القيل والقال وربما يبني عليها أعظم القضايا، ويبين الشيخ الحميدي أن الشاب الذي يتبع ذلك هو في الحقيقة لم يتق الله، لأنه منح نفسه وعقله وقلبه الصغير لمن يلعب به ببضع ورقات يوصله بها إلى الفتنة.

وأرجع مسألة الجرأة في إصدار وتقبل بعض الفتاوى إلى أن بعض النفوس البشرية تحب الظهور والبروز وهذه من مداخل الفتنة العظيمة، إذ ربما تأتي الفتنة من أناس لم يتحصلوا على صيت ومنصب أي لم يتميزوا بشيء فتحدثهم النفوس لإحداث حدث عظيم ليلفت الانتباه فتجدهم يتبعون المحدثات والمتشابهات ويتركون المحكمات، هنا يقع الضرر ـــ بحسب الشيخ الحميدي ـــ فتجد هذا الشاب يجزم في القضايا الكبيرة.
وقال معترفاً وموجهاً خطابه للشاب الباحث عن نصرة دينه :''استفد مني أنا مثلا إذا أنا في سني وفيما أزعم أني حصلت عليه من شهادات ومستويات معينة في العلم، أغلقت على ذهني شيئا من هذا الباب فوقعت في أخطاء كثيرة ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لما وقعت فيها، فأنت (يقصد الشاب) من باب أولى اجعل كما قال الإمام الشافعي قولك على أقل تقدير صوابا يحتمل الخطأ .. واسأل ثم تبين واستبصر حتى تصل إلى الحق إن كنت بالفعل تريد بحثاً علمياً يوصلك إلى الحق.
وأضاف: ''إن من أخطر الأمور أن تعتقد شيئاً ناقصاً أو خطأ ثم تبني عليه مواقف قد تؤدي بك إلى أعظم الخطأ وأعظم الهاوية''، لأن هذا بحسب الشيخ الحميدي، قد يؤدي إلى ارتكاب كبيرة قتل مسلم أو تكفير الناس وربما يمتد هذا إلى أقرب الناس وهذه بحسب الشيخ من المدلهمات الكبرى.
وفي مسائل التأصيل ونقد بعض من تجرأ على الله من أهل الأهواء بين الشيخ الدكتور عبد العزيز الحميدي الرأي الشرعي في رسالة (فتوى خطيرة عظيمة الشأن) التي بثها مفتي إنترنتي يدعى عمر محمود عثمان أبو عمر، ويكنى (أبو قتادة) الذي نصب نفسه مفتيا لتيارات الغلو والتطرف، وقد قام أبو قتادة هذا بإعادة شرح فتوى أئمة المالكية فيمن ناصر العبيديين من العلماء وأسقطها على علماء الأمة المعاصرين وقد فند الشيخ الحميدي هذه الرسالة والفتوى بتوضيح أن معد الرسالة سلك منهجية معينة ليصل إلى النتيجة التي يريدها، وقدم النتيجة، ثم حمَّل عليها فتاوى علماء المغرب في حكم الدولة العبيدية، ويرى الشيخ الحميدي أن النتيجة التي قدمها واضع الرسالة أنه حكم أو يريد أن يحكم بالمروق من الإسلام والردة الصريحة على كل تجمعات ومجتمعات ودول المسلمين اليوم بحكوماتها وأئمتها، ومن ينضم تحت لوائها من خطباء مساجد وعلماء ومشايخ وفقهاء وقضاة وهو منهج ـــ بحسب الحميدي ـــ لم ينافس فيه واضع الرسالة إلا غلاة الخوارج (الأزارقة). وتعجب الشيخ الحميدي من جرأة واضع الرسالة بقوله: إن فتواه هذه مؤيدة بالدليل الصريح الواضح من كتاب الله وسنة رسوله، وكرر هذه العبارة أكثر من مرة، ولكن حينما تقلب ورقات هذه الفتوى، فلا تجد لا آية ولا حديثا، وهذا من أغرب ما يمكن أن يتجرأ عليه أحد.
إلى التفاصيل:
علق الحميدي على رسالة كتبت بعنوان (فتوى خطيرة عظيمة الشأن) بالقول: ''هذه الفتوى التي عنونها صاحبها بهذا العنوان الصارخ، الذي ما وقفت فيما أعرف على رأي إمام من الأئمة الكبار، كتب عن فتواه هذا التبجيل العظيم، فتوى خطيرة عظيمة الشأن في حكم أئمة وخطباء من دخلوا في حكم السلطان، وهذا مسلك سلكه في التضخيم، لكن بصرف النظر عن هذا الأمر هو سلك منهجية معينة''.
وأضاف: ''سلك كاتبها منهجية معينة في هذه الرسالة الصغيرة ليصل إلى النتيجة التي يريدها، ثم حمَّل عليها فتاوى علماء المغرب في حكم الدولة العبيدية، النتيجة التي قدمها أنه حكم أو يريد أن يحكم على كل تجمعات ومجتمعات ودول المسلمين اليوم بحكوماتها وأئمتها، ومن ينضم تحت لواء هذه الدول من خطباء مساجد وعلماء ومشايخ وفقهاء وقضاة وغيرهم ممن هو تبع لهم من عامة الناس، إذ يحكم على هؤلاء جميعا بالمروق من الإسلام والردة الصريحة، باعتبار أن الأمر عنده كأنه مسلَّم ومنتهٍ بأن هذه الحكومات مرتدة كحكم الدولة العبيدية مثلاً، وبالتالي بقي الحكم على من انضم إليها أو عمل فيها أو سكن فيها باعتبار أنها بلده وأرضه من علماء ومشايخ ودعاة وقضاة، بعض المقولات بأن حكمهم حكم هؤلاء المرتدين ليبني عليها أعظم مسلك مغالٍ ـــ في تصوري ـــ حتى الخوارج القدماء ما وصلوا إليه في مثل عباراته، إلا غلاة الخوارج كطائفة الأزارقة فقط، بأنهم حكموا على كل غير مِمَّن هو معهم وكان عددهم محدود جدا، بأنه مباح الدم باعتبار كفره وردته، ولو ربما لم يكن يعرف اسم الخليفة الذي يحكم في ذاك الزمن، فقدم هذه النتيجة، ثم سلك ذلك المسلك، المسلك بيّن، أو يريد هو أو قال بعبارة أصح إن فتواه هذه مؤيدة بالدليل الصريح الواضح من كتاب الله وسنة رسوله، وكرر هذه العبارة أكثر من مرة، ثم يتملكك العجب والاستغراب عندما تقلب ورقات هذه الفتوى، فلا تجد لا آية ولا حديثا''.
الدكتور عبد العزيز الحميدي أستاذ العقيدة

لا يوجد فيها دليل
وأوضح الحميدي: ''وهذا من أغرب ما يمكن أن يتجرأ عليه أحد أن يقول فتواي هذه مؤيدة بالدليل، ثم لا يذكر فيها أي دليل، والدليل الذي ذكره هو، بعض الفتاوى لبعض فقهاء وعلماء بلاد المغرب الإسلامي العربي في القرن الرابع الهجري، أيام أو القرن الرابع الهجري تقريباً أيام حكم دولة مشهورة في التاريخ اسمهما الدولة الفاطمية ويسميها بعض العلماء الدولة العبيدية حكمت بلاد المغرب كلها، وامتد حكمها إلى مصر وحكمتها فترة طويلة قرابة 200 سنة، وهذا معروف في التاريخ، وتكلم العلماء عنها وعن عقائد هذه الدولة ومواقفها، ثم يريد أن يُركّب هذه الفتاوى على أنها هي الأدلة على علماء ومشايخ وقضاة وخطباء، وكل المسلمين في العالم الإسلامي اليوم بأن حكمهم حكم أولئك الذين أيدوا الدولة العبيدية بأنهم أهل ردة ويقتلون دون حتى استتابة، وأتى بأشد تلك الفتاوى يعني قوة ـــ إن صحت العبارة ـــ أو يعني حكماً وترك ما عداها، وترك حتى مواقف وفتاوى لعلماء أشهر بكثير ممَّن ذكرهم هو، وذكر أسماء غريبة، وأنا لما راجعته وبحثت ما وجدت لبعضهم أي ترجمة واضحة، بينما من كان معاصرا له، ومنهم أشهر منه ثبتوا على ظلم الدولة العبيدية ـــ لا تزكية لها ولا قناعة بما فرضته من عقائد باطنية معينة ـــ وإنما لأنه ليس بالإمكان دفعهم ولا القيام عليهم لأنه سيترتب على ذلك فساد كبير، وأعظم دليل على ذلك كما نبه عليه أن هؤلاء الفقهاء أيدوا حركة قام بها خوارج كانوا موجودين في ذلك الوقت حركة أبي زيد الخارجي ـــ على الدولة العبيدية ـــ مع اختلاف المقاصد، هذه المسلكية والمنهجية التي طرقها يعني صاحب هذا الكتاب ولشعوره بأن فتواه ليست قائمة على أصول الفتوى العلمية، فلا آية ولا سنة ولا حتى كلام صحابة ولا تابعين ولا فتاوى الأئمة المشهورين، لما استشعر ذلك في نهاية الرسالة، وإنه ربما قال سيقول له وأنت ذكرت فتاوى لأربعة أو خمسة فقهاء مغاربة في ذاك الوقت، في القرن الرابع، رأوا شيئاً مما رأيناه وسمعوا شيئاً، ثم تريد أن تحمِّله وتجعله هو الأدلة، نستطيع أن نأتي بفتوى أربعة أو خمسة أو عشرة أو أكثر ممَّن هم أشهر منهم ونقضي على فتواك''.
وحول الأسباب التي يتم توجيه مثل هذه الرسائل إلى المسلمين قال: ''إحنا لو وعينا رسالتنا في هذه الحياة علينا واجب عظيم، أكرمنا الله بدين عظيم، دين فيه من السمو والقيم وتهذيب النفوس والأخلاق وإسعاد البشر كل البشر بل كل الكائنات وكل المخلوقات، وإيصال الحقوق والبناء الحقيقي لكل ما يؤدي إلى سعادة الناس في الدنيا ونجاتهم في الآخرة ضمنه ـــ سبحانه وتعالى ـــ هذا الدين العظيم ونحن وارثوه عن رسولنا ـــ عليه الصلاة والسلام ـــ أقصد نحن الأمة كلها عن النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ وعن أصحابه الكرام، ولو وعينا مثل هذا الواجب وهذا الهدف، ونظرنا إلى هذا العالم يميناً وشمالاً الذي تنهشه الأمراض الأخلاقية ويفقد قيما كثيرة لوجدنا لنا المجال للعمل الكثير والكبير في إرشاد الخلق كلهم إلى الحق بالعلم والبيِّنة والخلق والطهر والنبل الذي يجب أن يكون المسلم عليه، ولكن قطع علينا هذا الطريق حقيقة بمثل هذه المظاهر التي ترد في مثل هذه الرسائل''.
انشغالي عن دراساتي في مقارنة الأديان
وأضاف الحميدي: ''وأنا ربما أطرح مثالا بنفسي: كان لي جهد بسيط متواضع في عمل الدعوة وتوجيه رسالة الإسلام باعتبارها (يعني دراساته في مقارنة الأديان ونحو ذلك)، فانشغلت عن هذا الهدف الكبير الواسع ببعض مثل هذه القضايا التي تأثرت بها أو ببعضها فترة من الزمن وتبنيت بعضها فترة من الزمن، مع شعوري بوحشة وأقولها اعترافا بالواقع شعورا بوحشة واعتباط، وإن ما جمعته من دراسات وما جمعته من كتب أصبح شبه معطل، بل هو معطل عن الرسالة الحقيقية وأرى في أقرب الناس إليَّ وفي مجتمعي وفي العالم كله من أستطيع بتوفيق الله ـــ عز وجل ـــ أن أقدم له خيراً كثيراً وهدى كثيرا فانقطع صار في قطع الطريق على نفسي، يعني من فضل الله عليَّ استدركت ذلك على نفسي وعرفت خطر وخطأ ما وقعت فيه لأننا نخسر خسارتين لو تأملنا ـــ وأجعلها هذه رسالة للجميع''.
وأوضح: ''الخسارة الأولى: سيقف مد إيصال الخير والدعوة للمسلمين أنفسهم، الذين هم في جهل كثير من ذلك وأصابتهم يعني انحرافات كثيرة ودخلت عليهم محدثات كثيرة ولغير المسلمين عالم كامل ينتظر من المسلمين فعلا ولو بدا لنا خلاف ذلك، هم ينتظرون منا رسالة ينتظرون منا دعوة ينتظرون منا بينات، ينتظرون منا هدى لأنهم يعيشون شكوى في نفوسهم وإن أترفت حياتهم ومتعهم، وقد جعل الله سكون النفس في مضامين هذا الدين ومنعه من أي شيء آخر.
والخسارة الأخرى: ننشغل بهذه القضايا عما هو أفضل، ذكر العالم ابن حزم ـــ رحمه الله ـــ الإمام أبو محمد عدَّ هذه من شبه إبليس ومن مداخله على الإنسان وضرب مثلا بنفسه هو اشتغل في فترة من حياته ببعض الفنون والعلوم التي هي إن طلع منها أو خرج منها فوائد فهي يسيرة كبعض علوم المنطق وبعض القضايا الفلسفية الإغريقية القديمة البائدة دون أمور أهم، فكان أن ندم على ما أضاعه من وقت وهذا لم يترتب على فعله إضرار بأحد ولكن وجد الضرر على نفسه فنخسر من هاتين الجهتين''.
ولفت إلى: ''أنا لا أريد حقيقة من كل طالب علم ولا من كل داعية، فضلاً عن عالم، فضلاً عن الشباب الذين ما زالوا في طور النشء ما زالوا في طور يعني طلب العلم أن يصلوا أو يقعوا في خطأ أو قل مثلا هذه الفائدة عن نفسي كانت في وحشة داخل النفس والشعور بأنني أخللت بواجب كبير كان ينبغي علىَّ أن أقوم به انشغالا بمثل هذه الأمور، لكن أزالها الله عني لا أقول أزلتها، أزالها الله عني بقضيتين اثنتين''.
وزاد: ''القضية الأولى: عندي قناعة بأن الإسلام حق وما جاء به النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ هدى لا شر فيه ولا خطأ فيه، الخطأ فينا نحن في استيعابنا في فهمنا.
فلا بد أن نعيد النظر قناعة مني بأن في السنة النبوية جوابا لكل إشكال، لا أن أنتظر أحدا يرسل لي أوراقا من الإنترنت من لندن وكانت بداية هذا حديث وصية نبوية ربما قرأناها وربما من يسمعني الآن قرأه، ولكن ما أعطيناه حقه من التأمل، النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ قام خطيبا على المنبر، حديث حذيفة بن اليمان في صحيح مسلم، قائلا: ''إن الله يرضى لكم ثلاثاً ويسخط لكم ثلاثاً ثم تأمل في الثلاثة المرضيات التي ترضي الله والثلاثة المسخطات التي تسخطه علينا ـــ والعياذ بالله ـــ نسأل الله رضاه ونعوذ من سخطه: يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا (هذه قاعدة الملة الكبرى) وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم يعني عجيبة هذه ما ذكر هذا النص حقه هو النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ ما ذكر فيه حق الوالدين مثلا، ما ذكر فيه حق الجيران، كما ذكر ذلك في مواضع، مباشرة انتقل من الأمر الأول الذي يرضي عبادته والذي لا يقدَّم عليه شيءٌ '' إفراد الله بالعبادة'' إلى أن تناصحوا من ولاه الله أمركم، وأعجبني كلام للقرطبي في ''المفهم'' قال تناصحوا صيغة مفاعلة ما يقوم بها فرد، لا بد من ولي الأمر، لا بد من الجماعة المجتمعة عليه فتبادلوا التناصح، هذا ينصح هذا، جعلهم الله في مراضيه، من ولاه الله أمركم، ثم في كلمة ''من ولاه الله أمركم'' يقول القرطبي : تولية الأمر ترجع إلى اختيار الله واصطفائه وهي من الملك يؤتي الله الملك من يشاء، ولا اقتراح للناس فيه، فعليهم أن يصبروا على ما قضاه الله عليهم، وألا يخلوا بواجب المناصحة هذه، والثالثة وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم، وأن تدعوا الناس إلا من خير، في العلاقات مع الناس إن كان ولا بد من الاتصال فمجال الخير سواء بالتعليم أو بالدعوة أو التربية أو بإيصال أي نوع من الخير، وألا تدعوا الناس إلا من خير، ويسخط لكم ثلاثاً: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال ـــ وقفت عند كلمة ''قيل وقال'' هذه، فوجدت كلاما للقاضي العياض وكلاما للقرطبي ـ إنه الوشاية ونقل الوشاية بل قال القرطبي كلاما جميلا قال بكل ما يخل بالثلاثة التي ذكرها في جانب المرضيات، كل ما يخل بعبادة الله ـــ سبحانه وتعالى ـــ مرفوض قطعاً، كل ما يخل بمناصحة من ولاه الله الأمر لأن ضرره كبير من القيل والقال وكل من يقال الآن، وينقل في الفتاوى في الإنترنت هو من باب القيل والقال، وكثرة السؤال الذي يدخل فيها البحث عن المشكلات والإشكالات ومحاولة استخراج ربما فتوى من هذا العالم أو كلمة من ذلك الداعية ثم تطبيلها وتهويلها وبناء شر كثير عليها''.
وأضاف: ''كما صنع صاحب هذه الرسالة يضغط على كلام لفقهاء قبل ألف سنة لظروف معينة، ليولد منه المؤاخذات المكفرة الخطيرة والمصيبة لكل المجتمعات القائمة اليوم يدخل في كثرة السؤال ثم إضاعة المال، كما لاحظنا في جانب المرضيات فيعني لما يضع مثل هذا الأمر في هذا المستوى النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ مناصحة من ولاه الله الأمر وألا ندع الناس إلا من خير في مستوى أو عبادة الله ليس في مستوى في ظل المرضيات بعد عبادة الله ـــ سبحانه وتعالى ـــ لأمر عظيم والخطب جسيم وهدف سامٍ نبيل فعندما نرجع إلى هذه القضايا يصفو الخاطر فعلا، وتتضح القضايا وتزول الإشكالات''.
وأكمل: ''ولذلك أنصح يعني الدعاة ـــ أنا أسمع كثيرا ـــ أن الدعاة قائمون بعمل طيب ولكن كثيرا من القضايا التي يناقشونها قضايا مكروه النقاش فيها، أحكام معينة وجوانب معينة بينما يعني سد الثغر في وعي الشباب حتى لا ينفذ إليهم مثل القيل والقال مختل ولذلك الشباب فتحت قلوبهم حقيقة وعقولهم للقيل والقال، وفتوى من هنا وكلمة من هناك فوقعوا في أعظم الأخطاء التي ربما يغلق دونها باب العلاج بعد ذلك لأننا أخلينا ثغرنا.
وأمر آخر أيضاً الشاب المسكين البسيط هذا يعني في عظائم الأمور وكبارها وما يتعلق بجماعة المسلمين وهو يعني ربما يتم قراءة وبحث ودراسة وتفقه أساسيات الإسلام في أمور عباداته ومعاملاته التي يمارسها المسلم في حكم حياته اليومية، يقفز إليها ويصل إليها بدوافع كثيرة قد تكون بدايتها حسن النية وختامها شرا كثيرا، فتنفذ مثل هذه القضايا إليه، فإذا كان واجب العلماء حقيقة والدعاة ـــ الذي أنا ألوم نفسي لأنه اختل عندي فترة من الزمن ـــ أن يسدوا الثغر بالعلم الناضج التأسيسي الذي تأتي منه مثل هذه المقالات، تجد علما ناضجا مؤسسا يمنعه ويردعه، ثم احتضان الشباب في محاضن التربية كلها في الجامعات، في المدارس، في المراكز في البيوت، يجب احتضانهم وحفظهم، هؤلاء ثروة الأمة نصيحتهم توجيههم مع التذكير الدائم من يتقِّ الله حقا ويعلم الله منه صدقا، هذا الله ـــ عز وجل ـــ يسدده ويلهمه قد يخطئ قد يحيد، لكن مرجعه إلى الصواب مرجعه إلى الخير إذا علم الله منه الصدق، ولذلك كان الصالحون قبلنا والأئمة والعلماء مع استفراغهم الطاقة والجهد في الطلب والبحث تجدهم خشعاً بين يدي الله يسألونه البصيرة يسألونه التوفيق يسألونه التيسير والهداية، يقدم رجلا ويؤخر أخرى دون أن يفتي بكلمة أو في نازلة أو في مسألة يخشى على نفسه الخطأ والخلل، بل الصحابة كانوا يفعلون ذلك، فكيف نأتي نحن في مدلهمات ضخمة كهذه كل السهام توجه من كل الأعداء على الأمة وعلى بلدنا هذا خاصة لأنه حاضن الإسلام ـــ كما قررناه في لقاء سابق ـــ لإضعافه من داخله ليقع الهدفان إشغال نفسه بنفسه ثم يخسر العالم، وأنا أقول يخسر العالم دعوة الإسلام التي يجب أن تكون هذه الأرض هي قبلتها وهذا الشعب المبارك هو رسله وهم قادته إلى هذا العالم كله''.
وحول النصيحة قال الحميدي: ''النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ يقول: ''السعيد من وعظ بغيره'' يعني الشاب في عقله البسيط بما بدا له وإنه مستوعب لمثل هذه القضايا وفي تحمله القضية الشرعية والعلمية وأبعادها، مهما بدا له أنه متحملها لكن هو حقيقة ما نظر إليها إلا من جزئها البسيط.
من زاويتها الضيقة أنصحه وأقول له لا تغلق الباب لا تمنع من يوضح لك، استفد مني أنا مثلا إذا أنا في سني وفيما أزعم أني حصلت على شهادات ومستويات معينة في العلم، أغلقت على ذهني شيئا من هذا الباب فوقعت في أخطاء كثيرة لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما وقعت فيها، فأنت من باب أولى اجعل كما قال الإمام الشافعي قولك على أقل تقدير صوابا يحتمل الخطأ ثم اسأل ثم تبين ثم ابحث ثم استبصر حتى تصل إلى الحق إن كنت بالفعل تريد بحثاً علمياً يوصلك إلى الحق، لأن من أخطر الأمور أن تعتقد شيئاً ناقصاً أو خطأ ثم تبني عليه مواقف قد تؤدي بك إلى أعظم الخطأ وأعظم الهاوية إذا ارتكبت ربما قتلا في حق مسلم أو تكفيرا حتى ربما لأقرب الناس لك أو شيئا من هذه المدلهمات العظيمة هذا أولا، ثانيا الحكماء يقولون: الرائد لا يكذب أهله، إذا كان أستاذك في الجامعة، أبوك في المنزل، وأخوك في المسجد، وخطيبك يناصحونك ويقولون لك هذا الطريق وهذا الوجهة ولا تخطئ، كما أخطأ فلان احذر من ذلك كل هؤلاء تركلهم وتنتظر أوراقا يأتيك بها صديق لك أجهل منك نزعها من الإنترنت فتدخل في القيل والقال وتبني أعظم القضايا عليها، أنت حقيقة ما اتقيت الله إذا فعلت ذلك وقبلت ومنحت نفسك وعقلك وقلبك الصغير وروحك لمن يلعب بها ببضع ورقات فيوصلك إلى أعظم مكروه ورائدك الذي لا يكذبك وأبوك الذي يفديك بنفسه وأستاذك الذي رباك من أولى ابتدائي إلى أن وصلت إلى الثانوية أوالجامعة، كل هؤلاء لا يريدون بك خيرا ويريدون أن تصل إلى رضوان الله هذا هو بالفعل يعني شقاوة والخسارة في النهاية لك أنت، وإن كنت تؤلم أباك فعلا وتؤلم أهلك وتؤلم بلدك وتؤلم مجتمــــــــــعك لأنك في النهاية منهم وإليهم ومرجعك إليهم وإن عققت أو منعت على أقل تـــــــــقدير نصحهم بأن يصل إليك انشـــــــــغالا بالقيل والقال''.

0 مشاركات:

إرسال تعليق