مطار دبي.. مسيرة نصف قرن

يتبوأ المركز الثالث عشر عالمياً في حجم الركاب.. ويتطلّع إلى الريادة
مطار دبي.. مسيرة نصف قرن
 
المركز الرئيسي لـ «طيران الإمارات»
المركز الرئيسي لـ «طيران الإمارات»
إعداد علي محمد الهاشم
في 30 من سبتمبر الماضي أكمل مطار دبي الدولي 50 عاما منذ انشائه في العام 1960 كنقطة عبور (ترانزيت) جوية مهمة ما بين شبه القارة الهندية وأقصى الشرق، وبين الغرب (أوروبا) وشمال أفريقيا. ومنذ تلك اللحظة لم يفقد ذلك المطار بريقه، إلا أن هناك عدة لحظات تاريخية مهمة ساهمت في احتلاله أعلى المراتب العالمية والفوز بأفضل الجوائز والأهم تطوره المستمر على مر العقود. لذا لابد من إعطاء لمحة تاريخية وفنية عن مراحل تطور هذا المطار الدولي العالمي الذي ساهم في إحداث نقلة نوعية كبيرة في المنطقة.


عندما نتطرق إلى موضوع دبي، فإن المرء منا يتبادر إلى ذهنه مدى التطور السريع الذي مرت به هذه الامارة الحافلة بالحياة والحركة. وسرعان ما سينتقل الوضع بنا الى مطار دبي الدولي، البوابة الجوية الرئيسية لهذه الامارة الفريدة من نوعها، فهذا المطار أنشئ كي يخدم الرحلات الجوية العابرة من وإلى القارتين الآسيوية والأوروبية، لكنه ما لبث أن تحول الى منطلق لصناعة جوية كبرى بشتى المجالات، ومركز هام لتجمع جو فضائي صناعي، متمثلا في معرض دبي للطيران الذي يقام كل عامين. واليوم أضحى أكبر مطار في المنطقة، ونموذجا يحتذى، فبه يقع المركز الرئيسي لانطلاق طيران الامارات (أعجوبة أخرى لهذه الإمارة)، حيث تتعامل «طيران الإمارات» مع أكثر من %60 من حركة المسافرين هناك، وتشكل %38 منها بالنسبة لحركة الرحلات؛ كما أن مطار دبي معقل طيران «فلاي دبي» المنخفض التكاليف؛ ثمرة إنجاب طيران الامارات الأم؛ ويتعامل أسبوعيا مع 6 آلاف رحلة لأكثر من 130 شركة طيران مختلفة من شتى بقاع العالم لأكثر من 220 وجهة عبر القارات الست، وبالتالي فهو في المركز الـ 13 لأزحم وأكثر المطارات العالمية بالنسبة لحركة المسافرين، حيث يصل عددهم إلى 41 مليونا في السنة، ويحل سادسا بالنسبة لحجم البضائع المخصصة للشحن الجوي.

المنطلق
يعود تاريخ الطيران في دبي الى العام 1937، حينما وقعت الامارة اتفاقية مع شركة «امبيريال ايروييز» البريطانية (شكلت فيما بعد الخطوط الجوية البريطانية)، تقوم بموجبها الامارة بتأجير مرسى للشركة لرسو طائراتها البحرية فيها، حيث كانت السفن الطائرة آنذاك هي أكبر طائرات الركاب الموجودة في الخدمة قبل أن يتطور النقل الجوي ويصبح على ما هو عليه الآن. وكانت دبي نقطة عبور للشركة المذكورة ما بين مدينتي ساوث هامبتن ببريطانيا وكراتشي في شبه الجزيرة الهندية، حيث كانت تقع ضمن المستعمرات البريطانية وقتها. لكن حجر الأساس لمطار دبي الدولي وضع في العام 1959 بواسطة الشيخ الراحل راشد بن سعيد آل مكتوم، حيث أوعز ببناء مطار لاستقبال الطائرات التي تهبط على المدارج الأرضية، حيث تغير وقتها النقل الجوي واتجه في الانطلاق من البحر الى الأرض ليفتتح في العام 1960 في 30 من شهر سبتمبر من ذلك العام.

مراحل التطور
كغيره من المطارات، مر مطار دبي الدولي بعدة مراحل من التطور والتوسع، فكان العام 1963 الذي بني فيه مدرج الهبوط الأسفلتي بعد أن كان من التراب المرصوف، وكانت الرحلة الجوية الأولى لطائرات نفاثة كبيرة في العام 1965 من قبل كل من طيران الشرق الأوسط الناقلة الجوية للجمهورية اللبنانية والأبرز مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية بواسطة طائرات «الكوميت» النفاثة. لكن المرحلة الأبرز في التطور هي ما بعد العام 1990 إبان غزو النظام العراقي الصدامي للكويت، حيث شكلت النهضة والتطور الحقيقي لمطار دبي الدولي كي يصبح محورا عالميا مهما ومنطلقا لصناعة جوية كبرى في المنطقة.

مبنى الركاب رقم 3 وما بعد
شكل التطور الكبير خلال السنوات الخمس السابقة مرحلة مهمة في تصنيف مطار دبي الدولي كأحد أهم وأرقى المطارات المحورية (كنقطة عبور وتوقف) في العالم، بل ساهم هذا التطور في تأسيس صناعة لهذا المجال، حيث برزت شركة دبي لتطوير المطارات وتأسيسها كأحد عناصر مؤسسة دبي للصناعات الجوية (DAE)، وذلك من خلال مبنى الركاب الفائق السعة رقم - 3، والذي خصص لاستقبال ومناولة طائرات ايرباص - 380 العملاقة، والذي تكلف 4.5 مليارات دولار أميركي، وسيتم الانتهاء من كامل منشآته في العام المقبل (2011). أما ما سيلي هذه المرحلة من التطوير، فإنه مبنى الركاب رقم - 4 والذي قد يتم البدء في مراحل انشائه في العام 2013، وبه ستصبح سعة المطار القصوى 70 إلى 80 مليون مسافر سنويا بعد ما أصبحت عليه الآن 40 إلى 60 مليون مسافر في السنة.

دبي ومطاران دوليان
لعل التساؤلات تدور حول أهمية إنشاء مطار آل مكتوم الدولي بمنطقة جبل علي من عدمه، خصوصا مع طاقة مطار دبي الدولي الآخذة في النمو تباعا والتي قد تصل الى أكثر من 70 مليون مسافر سنويا كما سبق ذكره؛ لكن الاجابة تعود الى رغبة الامارة الملحّة والاستراتيجية لمطارين محوريين بحيث يخدم الأول، وهو مطار دبي الدولي شريحة المسافرين جوا والشحن، بينما يتحول الآخر وهو مطار آل مكتوم الدولي أيضا الى مدينة مطار لوجستية للشحن والطيران الاقتصادي الى جانب المقر الرئيسي لمعرض دبي الجوي الدائم. وهذا بحد ذاته مرهون نجاحه بالظروف التي سيدار بها المطاران بحيث يكمل كلاهما الآخر في تناغم مضبوط، وللعلم فإن مطار آل مكتوم الدولي قد باشر أعماله باستقبال أولى طائرات الشحن الجوي في 27 من يونيو الماضي بنجاح وسلاسة تامة، وبالتالي فإنه من المتوقع أن يبدأ في استقبال أولى رحلات الركاب التجارية في مارس من العام المقبل كأقرب وقت كما تدل المؤشرات.
ويبقى مطار دبي الدولي مركزا عالميا جويا ومحورا مهما يخدم شريحة كبيرة من الناقلات الجوية من شتى أنحاء العالم، كما يبرز دون غيره كمحور تشغيلي من وإلى القارة الأسترالية، خصوصا مع طيران الإمارات التي هي عامل أساسي لاكتسابه هذه الهالة.

0 مشاركات:

إرسال تعليق