ديموقراطية .. وماء

ديموقراطية .. وماء
 
بعد نصف قرن على ممارسة العملية الانتخابية في الحياة الديموقراطية التي عشناها، أشاهد أمورا غريبة وعجيبة تعيدنا إلى الوراء، حيث التعنصر القبلي والطائفي والفئوي، وكأن العمل الديموقراطي أصبح عملا لمصلحة فئة دون أخرى، وليس من مصلحة البلد والحياة المدنية ودولة القانون.
أصبحت ديموقراطيتنا بسبب أصحاب المصالح الشخصية ديموقراطية «عد ارجالك وارد الماء»، بمعنى إن كنت منتميا لقبيلة أو طائفة أو عائلة كثيرة العدد، فأنت مؤهل لخوض الانتخابات أياً كانت تلك الانتخابات، برلمانية أو نقابية أو على مستوى الجمعيات التعاونية أو حتى على مستوى الطلبة في الجامعة والمعاهد.
يعني بالعربي، وبفضل السلطتين التنفيذية والتشريعية، أصبحنا دولة ديموقراطية وفقاً لأصولنا وعرقياتنا ومذاهبنا، لا وفقاً لفكرنا وانتمائنا للوطن، وهنا الطامة الكبرى التي جعلتنا شعوباً وقبائل نجتمع فقط لنصرة ابن القبيلة أو الطائفة أو العائلة على حساب مصلحة الوطن والمواطن.
هذه الظاهرة التي بدأت تكبر ككرة الثلج ولم ينتبه إليها أحد، بل المصيبة أنها أجبرت الكثير منا على قبولها والسير معها لضمان النجاح في أي عملية انتخابية يفكر المرء منا في خوضها، ولكونها ظاهرة تكرس القبلية والطائفية والفئوية، فمن شأنها تقويض الوحدة الوطنية وتفتيتها، الأمر الذي يجب تداركه والسعي للقضاء عليه، وباعتقادي أن ذلك لن يتم إلا بإشهار الأحزاب وتحويل الكويت إلى دائرة واحدة مع تغيير النظام الانتخابي، ليس فقط على المستوى البرلماني، بل يشمل حتى النقابات والأندية والجمعيات وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني، وبذلك نضمن اندماج جميع فئات المجتمع مع بعضهم البعض في بوتقة الوطن، بعيداً عن ديموقراطية «عد ارجالك وارد الماء».

0 مشاركات:

إرسال تعليق