أنفاق غزة تستخدم الآن للتهريب المعاكس

أنفاق غزة تستخدم الآن للتهريب المعاكس
بعد تقليص القيود الإسرائيلية على دخول البضائع
غزة: صالح النعامي
بعد أشهر قليلة من تخفيف القيود على البضائع الإسرائيلية التي تدخل إلى قطاع غزة، تغير جزئيا مسار حركة التهريب عبر الأنفاق بين قطاع غزة ومصر، وأصبح القطاع مصدرا لعدد من المواد التي تهرب إلى مصر، لا سيما النحاس ومواد التجميل.
ينطلق سعيد برير (26 عاما) مع انبلاج الفجر متجها على دراجته النارية ذات العجلات الثلاث (التوكتوك) مسرعا صوب ما تبقى من ركام المستوطنات في التجمع الاستيطاني «غوش قطيف» الذي كان قائما في جنوب قطاع غزة، بحثا، بشكل خاص، عن النحاس القديم بين الأنقاض ووسط الركام.
لا يكتفي سعيد بفحص الركام، بل يتجه إلى فحص أكوام التراب المحيطة به، ولا يعود إلى منزله الواقع في المناطق الريفية شرق مدينة دير البلح إلا في نهاية اليوم.
ثمة سبب وجيه يدعو سعيد لبذل كل هذه الجهود وقضاء كل هذا الوقت في البحث عن النحاس المستخدم، فقد زاد الطلب على هذا المعدن الذي بات، لأول مرة، يتم تصديره عبر الأنفاق إلى مصر، لأنه يدر أرباحا كبيرة على تجار الخردة، وأحدهم سليم الذي يعمل معه سعيد، بالإضافة إلى عدد من العاطلين عن العمل.
في الوقت نفسه، يتعامل سعيد نفسه مع أحد أصحاب الأنفاق الذي يقوم بنقل النحاس إلى الجانب المصري من رفح، ليباع بأسعار عالية، في أسواق العريش والشيخ زويد، وبعضه يصل إلى بقية محافظات مصر. فبعد تراجع حدة الحصار بعد أحداث «أسطول الحرية» وسماح إسرائيل بدخول الكثير من البضائع التي كانت تحظر دخولها، أدى هذا الواقع عمليا إلى إغلاق الكثير من الأنفاق التي لم يعد أصحابها يجدون ما يهربونه عبرها، فالبضائع التي يتم إدخالها عبر المعابر الحدودية مع إسرائيل أرخص وأكثر جودة، مما أدى إلى توقف حركة تهريب هذه البضائع من مصر، وهو ما جعل الكثير من أصحاب الأنفاق يغلقون أنفاقهم. وكان بعض أصحاب الأنفاق مثل جمال وعيسى اللذين يديران ثلاثة أنفاق في الجزء الأوسط من الشريط الحدودي، قد تأقلما مع الواقع الجديد، فبدلا من أن يغلقا أنفاقهما قررا مواصلة العمل بتغيير اتجاه حركة التهريب لتصبح من غزة في اتجاه مصر. وبعد التواصل مع التجار الذين يتعاملان معهم في الجانب المصري تبين لهما أن هناك طلبا كبيرا في مصر على بعض السلع الموجودة في غزة، ومنها على وجه الخصوص النحاس.
كما أدى قيام إسرائيل برفع القيود على دخول الكثير من البضائع إلى غزة، بفتح الباب أمام تصدير بعض البضائع المستوردة من إسرائيل، إلى مصر.
وقال خالد (31 عاما)، الذي يعمل في أحد أنفاق التصدير، لـ«الشرق الأوسط»، إن على رأس قائمة المواد التي يتم تصديرها إلى مصر من قطاع غزة مستحضرات التجميل، والصابون. وحسب خالد فإنه على الرغم من ارتفاع أسعار هذه المستحضرات، فإنها تلقى إقبالا في مصر بسبب جودتها مقارنة بما يتم عرضه في مصر.
وزارت «الشرق الأوسط» أحد محلات بيع مستحضرات التجميل في حي الرمال للاستفسار عن سعر أحد مستحضرات التجميل التي تصدر إلى مصر وتستخدم في الماكياج، فتبين أن سعر العلبة منه يصل إلى 35 شيقلا، أي ما يعادل (40 جنيها مصريا)، وهذا يعني أنه سيتم بيع هذا المستحضر في مصر بسعر أعلى من 40 جنيها، مما يدلل على أن أسعار المواد المصدرة من غزة إلى مصر عالية نسبيا مقارنة بالأسعار في مصر.
ولا يقتصر التهريب العكسي على مستحضرات التجميل والنحاس، بل يتعداه إلى الفواكه. ومن المفارقات التي تثير الاستهجان، أن بعض الأنفاق تخصصت في تهريب المانجو الإسرائيلية التي تصل إلى غزة، علما بأن بعض المناطق في مصر تختص بزراعة المانجو.
لكن متوسط سعر الكيلوغرام الواحد من المانجو الإسرائيلية لا يتجاوز 6 جنيهات مصرية (5 شواقل) مقابل 10 - 20 جنيها سعر كيلوغرام المانجو المصرية. يضاف إلى هذه المواد، بعض الدواجن، وتحديدا البط وديك الحبش (الرومي)، وبيض الدجاج، وخاصة أنه طرأ انخفاض واضح على أسعار البيض الذي تنتجه مزارع تربية الدجاج في القطاع.

0 مشاركات:

إرسال تعليق