جهود البنوك السعودية في المحافظة على الثروات

يعرَّف الادخار من الناحية الاقتصادية، بأنه الاستغناء أو الامتناع عن الاستهلاك في الحاضر؛ بهدف التعزيز من القدرات الاستهلاكية في المستقبل، بتوجيه جزء من الدخل اليومي أو الأسبوعي أو الشهري أو السنوي، وإيداعه لدى مؤسسات استثمارية متخصصة، تقوم باستثماره في أدوات وقنوات مالية واستثمارية مختلفة، تهدف إلى تنميته والمحافظة على قيمته الاقتصادية من التآكل والتهالك بسبب عوامل اقتصادية متعددة، من أهمها التضخم.

تتضح أهمية الادخار في عدد من العوامل، من أهمها: الاستفادة من العوائد التي تتحقق عن الاستثمار، وفي توفير السيولة المستقبلية وقت الحاجة إليها، وفي تحسين المستوى المعيشي للأفراد في الحاضر وللأجيال القادمة في المستقبل.

انطلاقا من المسؤولية التنموية والاجتماعية، التي تضطلع بها الشركات الاستثمارية العاملة في السوق السعودية، بما في ذلك الشركات الاستثمارية التابعة للبنوك السعودية، بالذات المرتبطة بالمحافظة على مدخرات وثروات الأفراد الشخصية وتنميتها، ابتكرت هذه المؤسسات، عددا كبيرا من الأوعية والقنوات الاستثمارية، التي تستهدف في نهاية المطاف، توفير فرص استثمارية مختلفة للعملاء، بالذات للذين لا يملكون القدرة الفنية أو متسعا من الوقت لإدارة استثماراتهم بأنفسهم بصورة مباشرة، بحيث تمكّنهم من تعزيز قيمة مدخراتهم والمحافظة عليها من التآكل نتيجة التضخم، وتبعا لذلك انطلقت فكرة تصميم وإنشاء أول وعاء استثماري في السعودية في عام 1979 من خلال البنك الأهلي التجاري تحت مسمى صندوق الأهلي بالدولار قصير الأجل، الذي يعد أول صندوق استثماري على المستوى المحلي وعلى مستوى الوطن العربي، ثم توالت بعد ذلك جهود الشركات الاستثمارية في المملكة، المرتبطة بابتكار عدد كبير جدا من الصناديق الاستثمارية متعددة الأغراض والأهداف الاستثمارية.

عادة ما تتقاضى الشركات الاستثمارية في السعودية، نظير إداراتها للاستثمارات رسوما، مثل رسم الاشتراك في الصندوق الاستثماري، ورسم إدارة سنوي مقابل خدماتها، وفي العادة يكون رسم الاشتراك مشمولا مع سعر بيع الوحدات للجمهور، ويتراوح ما بين 1 و2 في المائة، إلا أن بعض الصناديق، ولا سيما التي تعمل في الأسواق المتخصصة، تتقاضى نسبا أعلى بقليل، في حين أن بعض الصناديق لا تفرض رسوم اشتراك وتقتصر على رسوم أداء سنوي.

من بين أبرز المزايا والخصائص الاستثمارية، التي توفرها الصناديق الاستثمارية للمستثمرين، توزيع المخاطر الاستثمارية من خلال توزيع مبالغ الاستثمار على عدد من الأدوات الاستثمارية، إضافة إلى توفير السيولة في أوقات قصيرة، حيث بمجرد تقديم طلب استرداد المبلغ لمدير الصندوق سيحصل المستثمر في الصندوق على المبلغ خلال الفترة المحددة في اتفاقية الأحكام والشروط.بالرغم من أن صناديق الاستثمار، تتمتع بخصائص ومزايا استثمارية عدة، تعمل على المحافظة على المدخرات والثروات الشخصية وتنميتها، إلا أنها كبقية الأوعية والقنوات الاستثمارية، لا تكاد أن تخلو من التعرض لعدد من المخاطر، من بين أهمها على سبيل المثال، المخاطر المرتبطة بالسوق المالية الناتجة عن احتمال انخفاض قيمة الأصول المدارة، بالذات في حالة الصناديق، التي تستثمر أصولها في أسواق بورصات الأسهم، إضافة إلى المخاطر، التي ترتبط بتقلبات أسعار الصرف وأسعار الفائدة، ومن هذا المنطلق حرصت الشركات الاستثمارية العاملة في المملكة، بما في ذلك الشركات الاستثمارية التابعة للبنوك السعودية، على استقطاب وتوظيف أفضل الكفاءات والخبرات المحلية المتوافرة لديها، لإدارة الصناديق الاستثمارية، بهدف التقليل بقدر الإمكان من حجم تلك المخاطر والتحييد من حدتها، وبحيث تتم علمية إدارة ثروات الصناديق، وفقا لأساليب مهنية واحترافية، تحقق تطلعات وطموحات المستثمرين، إضافة إلى ذلك فإنها قد حرصت على تنويع قاعدة الأصول المدارة؛ بهدف تحقيق أفضل العوائد الممكنة والتقليل من درجات المخاطر.

منذ إنشاء أول صندوق استثماري في السعودية قبل ثلاثة عقود من الزمان، والشركات الاستثمارية العاملة في السعودية، تتهافت وتتسابق على التوسع في ابتكار الصناديق الاستثمارية الجديدة، التي تنفرد بخصائص مختلفة ومزايا متعددة؛ ما يؤكده أن إجمالي قيمة الأصول المدارة في صناديق الاستثمار المختلفة، قد بلغ 98.9 مليار ريال في نهاية الربع الثاني من العام الجاري، موزعة استثماراتها على 241 صندوقا استثماريا، ويشترك فيها 340.5 ألف شخص.

*موظف في أحد البنوك السعودية خلال استقبال أحد العملاء.

0 مشاركات:

إرسال تعليق