مخاوف مما يحمله قادم الأيام في البصرة

الوضع الأمني في المدن العراقية يطرح نفسه كتحد كبير في ظل غياب الدولة والتأخير في تشكيل الحكومة.. وفي الصورة شرطي يؤمن أحد شوارع بغداد (أ.ف.ب)
الوضع الأمني في المدن العراقية يطرح نفسه كتحد كبير في ظل غياب الدولة والتأخير في تشكيل الحكومة.. وفي الصورة شرطي يؤمن أحد شوارع بغداد (أ.ف.ب)
القبس ـ خاص
مشاعر خوف وترقب حذر ترتعد لها فرائص أهل البصرة هذه الأيام نتيجة التقارب غير المسبوق بين ائتلافي دولة القانون والتيار الصدري المعروف بتشدده، حيث تتعدد القراءات للنتائج المحتملة لهذا التقارب، ويكاد الناس يتقاسمون حديثا واحدا مفاده: ماذا لو منح المالكي وزارة الداخلية للجهة هذه؟ ما الذي يحدث في البصرة؟ وكم يبقى من الحرية الشخصية والعامة في حال وجودهم في الوزارات الأمنية؟ مع تسرب أخبار تقول بمقتل وملاحقة عدد من «الخارجين على القانون» على يد عناصر مسلحة لم تكشف عنها السلطات لأسباب عدة.

أقوياء في السجون
ومن بين ما تنقله قيادة شرطة البصرة بشكل شبه يومي لوسائل الإعلام ما أفاد به مصدر أمني بأنهم ألقوا القبض على خمسة متهمين بقضايا جنائية، بينهم واحد من المتهمين بالإرهاب، خلال 13 عملية دهم وتفتيش قامت بها مؤخرا، تمكنت من إبطال عبوة ناسفة داخل كيس يحوي 30 كلغ من مادة TNT مخبأة في علوة لبيع الطماطم بمدينة الزبير، لكنها غالبا ما تتكتم على الإعلان عن التفاصيل، إذ من الصعب معرفة ماذا تعني التهمة بالإرهاب؟ ومن هي الجهة التي تقف وراء هؤلاء؟ وترفض السلطات البوح بأكثر من ذلك، لأن المسؤولين الصغار فيها أيضا يخشون إن تطالهم يد هؤلاء، إذا ما علمنا بأنهم أقوياء حتى وهُم داخل السجون من خلال نفوذ جماعاتهم السياسي والأمني، أو مراكزهم التنفيذية في الدولة.

المسلحون المجهولون
ومنذ سنوات دأبت السلطات الأمنية على الإعلان عن إلقائها القبض على العديد من العصابات المسلحة التي تمتهن القتل والخطف والسطو والتسليب، موحية بأن عناصرها مجرمون عاديون، ومن مرتكبي الجرائم التقليدية، لكن السكان في مناطق القبلة والحيانية وخمسة ميل والكزيزة والتميمية يتحدثون اليوم عن أنشطة مسلحة مختلفة، بينها العثور على صواريخ معدة للإطلاق، ووجود تحركات لمسلحين، غير مسمين، ليس آخرها مقتل احدهم في إطلاق صاروخي فاشل على مطار البصرة قبل 3 ليال صحبتها حملة اعتقالات طالت أناس من المارة لا علاقة لهم بما يحدث في المدينة.

الأهداف الثابتة
ولعل باعة الخمور السريين والنساء «غير المحتشمات»، بحسب وصف البعض، أول من طالتهم حوادث القتل والخطف، فقد قامت عناصر مسلحة بحجز ومن ثم ضرب مبرح لسائق سيارة على خط بغداد ــ البصرة، بتهمة بيع الخمور، فيما يقول سكان محليون ان الجماعات المسلحة هذه لا تستهدف الأبرياء، فهم لا يتعرضون إلا لباعة الخمور والنساء «غير المحتشمات»، وهذه لفظة يراد بها أنهن مومسات، في وقت تصمت السلطات الأمنية عن أفعالهم، لأن صفقة سياسية تعد سلفا، سمحت لهؤلاء بحرية عملهم هذا.

الإفراج عن قادة الإجرام
وفيما تناقل السكان الخبر، تكتمت الأجهزة الرسمية على خبر الإفراج القسري الذي قامت به السلطات عن قيادي كبير مطلوب لها، ينتمي لجماعة مسلحة دخل البصرة قبل أيام، لكنها اضطرت للإفراج عنه بعد تدخل رسمي من الحكومة المركزية، حيث لم يكتف القيادي بالإفراج هذا بل أشترط «زفة» رسمية تصحبه حتى محل إقامته، معززا مكرما، القضية هذه أعقبها تسريب أخبار، مصدرها رئاسة الحكومة، تفيد بإيقاف حملة الاعتقالات ضد أي من عناصر الجماعات المسلحة هذه.

عودة الميليشيات
وتزداد خشية السكان من عودة الميليشيات والجماعات المسلحة كلما ضعفت السلطات الأمنية، التي ما زالت تعاني من الخرق الكبير بعد تفجيرات المدينة الأخيرة قبل شهرين، والتي سبق لها أن تبادلت التهم مع مجموعة مسلحة متهمة إياها (سرا) بضلوع بعض عناصرها والتنسيق مع أحد عناصر القاعدة، كما إن استدعاء قائد الشرطة لمجلس المحافظة قبل أسبوع، ومن ثم تأجيل البت بتقصيره لأجل غير مسمى على خلفية التفجيرات تلك يعقد ثقة الحكومة المحلية بأجهزة الشرطة وقادتها خاصة.
ولا تختلف مدينة البصرة عن مثيلاتها الجنوبيات، فقد أفادت الأخبار من مدينة العمارة بأن أحد عناصر الجماعة المسلحة، أجهز على جنديين في عجلة عسكرية وقتلهما، وحين مثل أمام المحكمة قال بالصوت المرتفع: نعم أنا قتلتهما لأنهما متعاونَين مع قوات الاحتلال، ويعتقد كثيرون من أبناء العمارة بأنه قد يخرج من السجن أو لا يحاكم بالإعدام بسبب العقد المبرم بين الحكومة والجماعة تلك.
وتعاود سكان البصرة والجنوب عامة من الذين لا انتماء لهم داخل التيارات الدينية هواجس الملاحقة والتعرض للمساءلة الشخصية، في ابسط مفاصل الحياة، جراء صمت السلطات عن ممارسات هؤلاء، الذين أصبحوا يشكلون مؤسسة أمنية، وسلطة قمعية خارج إطار السلطات الرسمية، لكن بعلمها المشروط.
ترى هل ستحمل الأيام القادمة ما هو أسوأ؟
وماذا لو منحت حكومة المالكي الجماعات هذه وزارات أمنية ؟
وكيف بالناس وقد أحاطت برقابهم قوانين هؤلاء الذي يعملون وفق مبدأ فرق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي تعمل بموجبه الفرق في بعض الدول؟

0 مشاركات:

إرسال تعليق