المالكي يحاول «فتح صفحة جديدة» مع السنة.. وينتقد الاستقواء بدول الجوار

المالكي يحاول «فتح صفحة جديدة» مع السنة.. وينتقد الاستقواء بدول الجوار
بايدن يحث القادة على لقاء لتقاسم السلطة.. ويريد حكومة تعكس نتائج الانتخابات > قيادي في قائمة علاوي لـ «الشرق الأوسط»: نقبل برئاسة الجمهورية مقابل ضمانات
بغداد: رحمة السالم لندن: «الشرق الأوسط»
دعا رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته، نوري المالكي، أمس، إلى فتح صفحة جديدة مع الذين لم تتلطخ أياديهم بدماء الشعب العراقي، ضمن ملف المصالحة، ملوحا بالعفو عنهم، كما دعا بقية الكتل السياسية إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات لحسم أزمة تشكيل الحكومة العراقية، في حين طالبت القائمة العراقية، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، بضمانات من أجل التنازل عن منصب رئاسة الوزراء، مؤكدة قبولها برئاسة الجمهورية في حال تعدد صلاحياته، ومن ضمنها ارتباط المجلس الاستراتيجي للأمن الوطني بالرئاسة. وجاء ذلك في الوقت الذي تتزايد فيه الضغوط الأميركية على القادة العراقيين للإسراع بحل أزمة الحكومة المستمرة منذ 7 أشهر.
وقال المالكي أمام وجهاء ومسؤولين حضروا المؤتمر الثاني لعشائر العراق في بغداد إنه «ينبغي أن يكون شعارنا فتح صفحة جديدة مع كل الذين ذهبوا بعيدا وأخطأوا، لا أقصد الذين تلطخت أياديهم بالدماء، إنما الذين كانوا يعارضون العملية السياسية وارتكبوا أخطاء»، في إشارة إلى البعثيين.
كما دعا المالكي إلى «العفو وفتح صفحة جديدة لأن البلد لا يمكن أن يبنى على أساس الأحقاد والكراهية»، مضيفا أن «المصالحة الوطنية يجب أن تتسع لتستوعب هؤلاء حتى يتحقق الجانب الآخر من المصالحة الوطنية (...) بإمكاننا القول إن ما حدث حدث، ومن أخطأ أخطأ، لكن باب العودة إلى الوطن مفتوح على أساس عدم السماح لتسلل الإرهاب مرة أخرى والطائفية».
وكان التحالف الوطني، الذي يضم ائتلاف دولة القانون، بزعامة المالكي، والائتلاف الوطني، بزعامة عمار الحكيم، قد أعلن عن تسمية المالكي مرشحا لرئاسة الوزراء، على الرغم من رفض الحكيم وكتل أخرى متحالفة معه. وقد تأتي دعوة المالكي لمد غصن الزيتون للعرب السنة الذين صوتوا للقائمة العراقية التي ترفض ترشيح المالكي، وتعتبر منصب رئاسة الوزراء من حقها، باعتبارها الفائزة في الانتخابات.
اعتبر المالكي أمس أن «العراق لا يزال في الدائرة الحمراء ويتعرض لأخطار كثيرة، والبعض من أبنائه يريد أن يتعامل بلا مسؤولية أو حرص أو وعي»، ودعا إلى «حكومة شراكة حقيقة تستند إلى الدستور (...) وإذا ما وجدنا في الدستور عيبا، علينا أن نتجه لإصلاحه عبر الدستور أيضا، نريد تشكيل حكومة على أساس المصلحة الوطنية أولا، لكنها تحقق مبدأ الشراكة وعدم التهميش والإلغاء».
وبدا المالكي من خلال تصريحاته تلك واثقا من التمديد له لولاية ثانية، خاصة بعد دعم التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشاب، مقتدى الصدر، لترشيحه للمنصب.
وأوضح: «ندعو الجميع إلى الجلوس على طاولة المفاوضات المباشرة هنا داخل العراق والتحاور. من الطبيعي أن نختلف في كيفية بناء الدولة، لكن يجب أن نتفق، لأن هذا البلد لا يقوده فريق دون آخر، ولا قومية دون أخرى، ولا حزب دون آخر»، وتابع أنه «لا بد أن نعتمد المصالحة الوطنية، وهي ليست تراضيا بين متخاصمين (...) ونعني بها الالتزام بالدولة وتقديم الصالح الوطني أولا، فالعملية السياسية تستند إلى الدستور، وليس إلى رغبات وأهواء».
ولمح إلى قناة الاستقواء بدول الجوار والعالم، داعيا إلى «علاقات طيبة مع دول الجوار والعالم (...) لكن العلاقات الطيبة القائمة على أساس المصالح المشتركة شيء وعملية الاستقواء بها على الشريك الآخر شيء آخر». وقال: «يعز علينا أن يصل التدخل إلى حد ترسيم خطوط تشكيل الحكومة، أو إلى حد الإملاءات أو الفرض على هذا الفريق أو ذاك».
وختم داعيا إلى ضرورة أن «نجلس بمختلف انتماءاتنا ونتحاور لنصل إلى نقطة الالتقاء، ولن نصل إلا على أساس الاستعداد للتعاطي بمرونة وواقعية ومنح الآخر حق الشراكة في الوطن».
ومن جانبه، قال خالد الأسدي، عضو ائتلاف دولة القانون، بزعامة المالكي، لـ«الشرق الأوسط»: «إن التحالف الوطني وباعتباره الكتلة الأكبر عددا هو المخول الوحيد بتقديم مرشحه لرئاسة الحكومة، الذي يقع عليه الجهد الأكبر في عملية التحاور مع الأطراف السياسية الأخرى، وخلق أجواء مناسبة تساعد على تشكيل الحكومة المقبلة».
وأضاف أن «التحالف الوطني ينتظر أن تتفق الكتل الكردستانية مع القائمة العراقية على منصبي رئاستي الجمهورية والبرلمان».
ويصر الأكراد على التمديد للرئيس العراقي جلال طالباني لولاية ثانية، ويعتبرون المنصب جزءا من استحقاقهم القومي.
في حين أكد عدنان الدنبوس، عضو القائمة العراقية، أن قائمته ما زالت متمسكة باستحقاقها الدستوري، الذي يخول لها تشكيل الحكومة المقبلة، وحول موافقتها على تقسيم السلطات، أوضح قائلا لـ«الشرق الأوسط» إنه «إذا أصبحت صلاحيات رئيس الجمهورية مناصفة مع منصب رئاسة الوزراء، فإن العراقية لن تمانع من أن تتولى منصب رئاسة الجمهورية»، مضيفا: «وعلى ضوء ذلك فإن القائمة ستحدد قبولها بهذا المنصب على الرغم من أننا نستبعد أن تقبل دولة القانون بهذا الأمر».
وأضاف الدنبوس قائلا: «إن العراقية تطالب كذلك بأن يكون لها حصة في صنع القرار السياسي في البلاد (بنحو 50 في المائة)، وفي حال تمت الموافقة على هذا الطلب، فإنها ستقبل المشاركة في الحكومة دون الدخول في تفاصيل المناصب».
وفيما إذا توجد ضمانات لتنفيذ خيارات كهذه، أكد أنه «يوجد هناك مجال للضمانات، ومنها إنشاء المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية الذي يرتبط برئيس الجمهورية، فضلا عن ضمانات أخرى (لم يكشف عنها)». وتتزايد الضغوط الأميركية على الساسة العراقيين لكي يتفقوا فيما بينهم وحسم الأزمة العالقة، وفي هذا الصدد، أجرى نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، اتصالا هاتفيا مع رئيس إقليم كردستان، مسعود بارزاني.
وأفاد البيت الأبيض في بيان بأن بايدن كرر دعم السلطات الأميركية لتشكيل «حكومة عراقية جامعة تكون انعكاسا لنتائج الانتخابات». واتفق نائب الرئيس، الذي يشرف على الملف العراقي باسم الرئيس باراك أوباما، وبارزاني على أن الائتلافات الفائزة في الانتخابات «يجب أن تتمثل في الحكومة»، بحسب البيت الأبيض.
وأشار البيان إلى أن «نائب الرئيس عبر عن دعمه لتنظيم لقاء بين قادة هذه الائتلافات للتشديد على اتفاقات تقاسم للسلطة في إطار احترام الدستور».
وأضاف البيت الأبيض أن «نائب الرئيس كرر القول إن الولايات المتحدة لا تدعم أي مرشح على وجه الخصوص، وقد حض بارزاني كما سائر القادة العراقيين إلى الإسراع في جهودهم في سبيل تشكيل حكومة جامعة وشرعية».
وعلى الصعيد نفسه، قال فرياد راوندزي، عضو التحالف الكردستاني، لـ«الشرق الأوسط» إن «دولة القانون» وافقت على 15 نقطة من أصل 19 من النقاط الواردة في الورقة التفاوضية الكردية.
وأعد الأكراد 19 مطلبا أو شرطا يعتبرونها «مرجعيتهم» للتفاوض مع بقية الكتل، تتضمن التعهد بتنفيذ المادة 140 المتعلقة بتطبيع الأوضاع في مدينة كركوك وبقية المناطق المتنازع عليه، وأخرى تتعلق بالنفط والبيشمركة ومنصب رئاسة الجمهورية.
وأوضح راوندزي «أن الاجتماع الأول الذي جمع دولة القانون ووفد الكتل الكردستانية تم بحث الورقة التفاوضية فيه، حيث تمت الموافقة على 15 نقطة من أصل 19، بينما تبقت أربع منها تم تأجيل مناقشتها لليوم التالي»، ومضى بالقول: «في اليوم التالي تم بحث النقاط المتبقية، التي تتعلق بحلحلة موضوع قوات البيشمركة (الكردية)، ومستقبل الحكومة المقبلة في حال انسحاب إحدى الكتل السياسية منها، فضلا عن مناقشة منصبي المجلس الوطني للسياسيات الاستراتيجية، بالإضافة إلى قضية الفيتو الرئاسي».

0 مشاركات:

إرسال تعليق