431 مليار دولار أصول سيادية تضع المملكة الثالثة عالميا في «تنمية المدخرات»


الرياض

وضعت دراسة حديثة الصين في المرتبة الأولى على مستوى العالم بالنسبة إلى حجم الصناديق السيادية الاستثمارية، بحجم استثمارات بلغت نحو 920 مليار دولار أمريكي في عام 2009، في حين بلغت قيمة المبالغ السيادية المستثمرة في التاريخ نفسه نحو 627 مليار دولار أمريكي لأبو ظبي، و431 مليار دولار أمريكي للمملكة العربية السعودية، وعلى مستوى دول الغرب وبقية دول جنوب شرق آسيا، يعد صندوق سنغافورة وصندوق النرويج السياديين من بين أكبر الصناديق السيادية على مستوى العالم بحجم أصول مدارة تقدر بنحو 330 و322 مليار دولار أمريكي على التوالي.

ويأتي اهتمام حكومات الدول المتقدمة بتنمية المدخرات والثروات السيادية والمحافظة عليها؛ كونها ظاهرة اقتصادية صحية وأساسية في حياة اقتصاديات الدول، تعمل على تحسين مستوى معيشة المجتمعات، من خلال استثمار الثروات المتراكمة في الإنفاق على المشاريع التنموية المختلفة، التي لها علاقة ومساس مباشر بازدهار حياة الناس والدول.

في الغالب تستثمر الدول فوائضها المالية والنقدية من خلال ما يعرف بالصناديق السيادية، التي يعود تاريخ نشأتها إلى عام 1953، لكنها بدأت تتطور بشكل كبير خلال العقد الأخير من القرن الجاري، بالذات بالنسبة إلى الدول النفطية، التي تعتمد على إيرادات النفط بشكل كبير في تنمية اقتصادها وتنفيذ مشاريعها التنموية المختلفة، وكما هو واقع الحال بالنسبة إلى دول مجلس التعاون الخليجي.

موجودات الصناديق السيادية

وتفاوتت الأرقام حول حجم موجودات الصناديق السيادية على مستوى العالم؛ كون بعضها لا يعلن عن حجم مجوداته، لكن وعلى الرغم من ذلك فهناك أرقام تشير إلى أن حجم الأموال المستثمرة بتلك الصناديق على مستوى العالم، يقدر بنحو 3.76 تريليون دولار أمريكي كأصول مدارة، تستحوذ الصناديق السيادية الخليجية منها على نحو 1.47 تريليون دولار أمريكي أو ما يعادل نحو 39 في المائة، ويتوقع لها على الرغم من تداعيات الأزمة المالية العالمية وتأثيرها على القطاعات المالية كافة حول العالم، أن تنمو بنسب تتراوح ما بين 12 و15 في المائة سنويا ليصل حجم الثروات التي تديرها إلى نحو ثمانية تريليون دولار بحلول عام 2015. المملكة، لديها عديد من الصناديق التنموية والسيادية، التي تضطلع بمهام تنموية واستثمارية عدة، من بينها على سبيل المثال لا الحصر، صندوق الاستثمارات العامة PIF وصندوق التنمية الصناعي SIDF وبنك التسليف والادخار SCSB، وصندوق المئوية CF، التي أسهمت جميعها بفاعلية في تمويل عدد كبير من المشاريع التنموية العملاقة والمتوسطة والصغيرة، من خلال منح القروض بشروط ميسرة للغاية للمستثمرين، التي تجاوزت قيمتها منذ نشأة الصناديق أكثر من 388 مليار ريال. بالنسبة إلى الفرد تتضح أهمية الادخار في المحافظة على الثروات الشخصية وتنميتها؛ كون ذلك السلوك يكفل للأفراد ولأسرهم في الحاضر وفي المستقبل حياة كريمة وسعيدة، ولا سيما في ظل زيادة أعباء الحياة والارتفاع الملحوظ في أسعار السلع والخدمات نتيجة التضخم وارتفاع أسعار مداخلات الإنتاج وأجور العمالة. دين الإسلام العظيم حثنا في أكثر من موقع على ضرورة الادخار والترشيد في الاستهلاك، وبالذات في المأكل والمشرب، بما في ذلك تنظيم شؤون حياتنا على المستوى الأسري؛ لقوله سبحانه وتعالى: (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا) ولقول رسوله صلى الله عليه وسلم (رحم الله امرأ اكتسب طيبا، وأنفق قصدا، وقدَّم فضلا ليوم فقره وحاجته)، واستنادا إلى هذه التوجيهات الإسلامية العظيمة، يعد الادخار أمرا مهما للغاية في حياة الفرد والأسرة، وغياب ثقافة الادخار يعني تنامي ظاهرة الاستهلاك غير المبرر في حياة الفرد، التي تعصف بمدخراته وثرواته الشخصية آجلا أم عاجلا.

الصناديق الاستثمارية المشتركة

صناديق الاستثمار على مستوى العالم، التي يتم إدارتها وتسويقها عن طريق البنوك والشركات الاستثمارية، قد أسهمت بشكل كبير في تنمية مدخرات الأفراد وثرواتهم الشخصية، بسبب تحقيقها عوائد استثمارية منافسة، إضافة إلى كونها تعمل على توزيع المخاطر على نطاق واسع؛ ولأن معظمها يتميز بسهولة الاشتراك والسحب، ما يؤكده تنامي أعدادها على مستوى العالم، حيث تجاوز عددها الـ 7800 صندوق، وتجاوزت قيمة الأصول المدارة فيها مبلغ 6.5 تريليون دولار أمريكي.

وتعد الصناديق الاستثمارية المشتركة من بين أكثر المنتجات الاستثمارية شيوعا وانتشارا على مستوى العالم؛ كونها تضم مجموعة من المستثمرين من ذوي الأهداف الاستثمارية المتشابهة، الذين يرغبون في استثمار أموالهم ومدخراتهم وثرواتهم الشخصية من خلال مدير استثمار محترف يتولى مهام إدارة الصندوق بالنيابة عنهم. ما يميز الصناديق الاستثمارية المشتركة، إلى جانب كونها وعاءً استثماريا يضم أموال المستثمرين على هيئة وحدات مملوكة؛ كونها توظف أصولها وأموالها على نطاق واسع وبمبالغ ضخمة في أسواق الأوراق المالية، مثل أسواق الأسهم وفي أسواق الدَّين، مثل أسواق السندات، وفي أسواق السلع والعملات، الأمر الذي مكَّنها من تحقيق عوائد مجزية في معظم الأحيان، قد يصعب على الفرد الذي يباشر الاستثمار في السوق بنفسه أن يحققها.

وتنقسم الصناديق الاستثمارية من حيث المخاطر إلى صناديق منخفضة المخاطر ومتوسطة وعالية المخاطر، ويتم عادة اختيار الصندوق المناسب للاستثمار وفقا لرغبات المستثمرين وأهدافهم الاستثمارية المتباينة وقدرتهم على تحمل المخاطر، حيث إن البعض يختار الاستثمار في الصناديق منخفضة المخاطر مقابل توقع عائد محدود، في حين أن البعض الآخر تكون لديه الرغبة والاستعداد في تحمل المزيد من المخاطر مقابل توقع عوائد ما بين متوسطة إلى عالية. امتلاك الحصص في الصناديق الاستثمارية المشتركة، يكون على هيئة وحدات وفقا لكل مبلغ مستثمر في الصندوق، وتحقق الصناديق الاستثمارية المشتركة أرباحها وعوائدها من خلال مصدرين: الأول من خلال ارتفاع قيمة الأصول المدارة، والثاني من خلال التوزيعات النقدية المتمثلة بعوائد السندات والأرباح الموزعة للأسهم، ومن تقلبات أسعار العملات في بعض الصناديق.

بالنسبة إلى التكاليف التي يتحملها المستثمرون في الصناديق الاستثمارية المشتركة، تعد من بين أقل وأفضل التكاليف على مستوى الصناديق الاستثمارية، ولا سيما لو تمت مقارنتها بالتكاليف التي يدفعها المستثمرون في حالة شراء وبيع الأوراق المالية الفردية، وبشكل عام يمكن تقسيم التكاليف إلى ثلاثة أنواع رئيسة، هي الأتعاب الإدارية التي تتقاضها الصناديق المشتركة كافة لتغطية تكاليف إدارة الصندوق، ويتم احتسابها ضمن سعر وحدة الصندوق المعلن بشكل دوري (يومي، أسبوعي، شهري)؛ ما يعني أن المستثمر لا يدفع هذه الرسوم بشكل مباشر، وعمولة الاشتراك، التي يدفعها المستثمر لمرة واحدة عند الاشتراك، وعمولة السحب، التي تتقاضاها بعض الصناديق مقابل السحب من الصندوق، وجرت العادة على تخفيض قيمة عمولة السحب كلما طالت مدة الاشتراك في الصندوق.

السوق السعودية

في السوق السعودية توجد أكثر من قناة ووعاء استثماري لتنمية المدخرات الشخصية، من بينها الودائع الادخارية، وسوق الأسهم والصناديق الاستثمارية بأنواعها المختلفة. بالنسبة إلى المنتجات والخدمات الاستثمارية، وصناديق الاستثمار وخدمات إدارة المحافظ الاستثمارية الخاصة وبرامج الادخار، التي تقدمها الشركات الاستثمارية في السعودية، قد صممت بطريقة تعمل على تلبية رغبات المستثمرين المتباينة، بإشراف وإدارة مديرين متخصصين في مجالات الاستثمار، ومحترفين يتحلون بخبرة عريقة في مجال عملهم، وضعوا نصب أعينهم تحقيق أفضل العوائد التي توازن المخاطر المصاحبة للاستثمار، الأمر الذي مكَّن عددا من الشركات الاستثمارية التابعة للبنوك السعودية، من الحصول على أعلى جوائز التقدير عن أداء صناديقها الاستثمارية.

وتقدم الشركات الاستثمارية التابعة للبنوك السعودية، عددا من الصناديق والبرامج الادخارية التكافلية (متوسطة إلى طويلة الأجل)، التي تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وتهدف إلى مساعدة المشترك على التخطيط لاحتياجاته وأهدافه المالية المستقبلية من خلال الالتزام بخطط الادخار، إضافة إلى تأمين الحماية لهذه الأهداف، ومن بين أبرز أنواع الصناديق الاستثمارية ما يلي:

  • صناديق الأسهم، التي تهدف إلى تحقيق تنمية رأس المال على المدى الطويل من خلال الاستثمار في تشكيلات متنوعة من الأسهم في مختلف الأسواق المحلية والعالمية، كما أن صناديق الأسهم تغطي عديدا من الدول سواء على نطاق محلي أو عالمي، في حين يركز بعضها الآخر على قطاعات مهمة مثل التكنولوجيا والاتصالات والعقارات في ظل مخاطر عالية.

  • صناديق السندات، التي تهدف إلى تحقيق دخل منتظم، إضافة إلى إمكانية تحقيقها نموا في رأس المال المستثمر من خلال الاستثمار في السندات الحكومية والسندات الصادرة عن مؤسسات دولية ومتعددة الجنسيات وأدوات الإقراض ذات الدخل الثابت أو العائم في ظل مخاطر متوسطة.

  • صناديق النقد، التي تهدف إلى المحافظة على رأس المستثمر وتحقيق عوائد منافسة على المدى القصير في ظل مخاطر متدنية من خلال الاستثمار في أسواق الأدوات الاستثمارية قصيرة الأجل ذات استحقاق لا يزيد على سنة، وتتميز صناديق النقد بالسيولة العالية والمخاطر الائتمانية المنخفضة.

  • صناديق المتاجرة بالسلع، التي تهدف إلى المحافظة على رأس المال مع تحقيق عوائد منافسة على المدى القصير في ظل مخاطر متدنية من خلال الاستثمار في صفقات تمويل المرابحة قصيرة الأجل، حيث يقوم مدير صندوق المتاجرة بالسلع بشراء سلع وبضائع لا تتعارض مع الشريعة مقابل الدفع الفوري، ومن ثم بيعها بالأجل إلى شركات كبيرة ذات سمعة مالية جيدة. ويكون الفرق بين السعرين هو هامش الربح المتحقق للصندوق.

  • الصناديق المتوازنة، التي تهدف إلى تنمية رأس المال المستثمر من خلال تشكيلة متوازنة من الأدوات الاستثمارية، التي تهدف إلى تحقيق دخل منتظم في ظل مخاطر متوسطة من خلال استثمار أصولها في مجموعة من الأدوات الاستثمارية ذات المخاطر المتباينة، مثل الأسهم ذات المخاطر العالية والسندات ذات المخاطر المتوسطة وأدوات أسواق النقد أو الاستثمار التجاري ذات المخاطر المتدنية.

  • صناديق الاستثمار المضمونة، التي تتلخص فكرتها بأنها وعاء استثماري متوسط المخاطر يمكّن المستثمرين من الاستثمار في أصول مثل الأسهم أو مؤشرات الأسواق أو السندات أو السلع وما شابهها، وفي الوقت نفسه حمايتهم من الخسائر التي قد تتعرض لها تلك الأصول، مع ضمان قيمة كامل صافي اشتراكاتهم أو معظمها خلال مدة نشاط الصندوق. فالصندوق المضمون يهدف بالدرجة الأولى إلى حماية رأس المال المستثمر، والعمل على تحقيق عائد ـــ إن أمكن ـــ من قيمة الأصول المستثمر بها خلال مدة نشاط الصندوق. وتعتبر هذه الصناديق ملائمة للمستثمرين الذين يتوخون الحذر الشديد تجاه مدخراتهم وموارد إنفاقهم.

  • الصناديق القابضة وهي عبارة عن مجموعة من الخطط الاستثمارية يتم من خلالها تمكين المستثمرين من استثمار أموالهم في مجموعة من صناديق كحزمة واحدة وفقا لأهداف متباينة. ولا يمتلك المستثمر وحدات في الصناديق الأساسية المشكلة لكل صندوق قابض، بل يمتلك وحدات في الصندوق القابض ذاته الذي يختاره. وتتميز الصناديق القابضة بالتنويع الجيد، كما تتوافق مع مختلف متطلبات المستثمرين، وتمكنهم من الاستثمار في مختلف الأسواق المالية والاستفادة من الإدارة المتخصصة التي توفر خدمة توزيع الأصول بسهولة ويسر، ومن ثم تحديد مستوى المخاطرة والعائد، الذي تم تصميمه خصيصا ليلبي احتياجات المستثمرين المختلفة.

  • الصناديق العقارية، التي تهدف إلى تنمية رأس المال المستثمر على المدى الطويل في ظل مخاطر عالية من خلال الاستثمار في أسهم الشركات التي تعمل أساسا في مجال قطاع العقار والاستثمارات العقارية في مختلف الأسواق المالية العالمية.

  • صناديق الاستثمار المتوافقة مع أحكام الشريعة، التي تهدف إلى تنمية رأس المال المستثمر على المدى (القصير والمتوسط والطويل) في ظل مخاطر (منخفضة ومتوسطة وعالية) من خلال الاستثمار في أدوات وقنوات ومنتجات استثمارية وفق أسس متفقة مع الضوابط الشرعية المقرة من قبل الهيئات الشرعية.

إدارة المحافظ الاستثمارية الخاصة

كما تقوم الشركات الاستثمارية التابعة للبنوك بتوفير خدمات إدارة المحافظ الاستثمارية الخاصة، بحيث يقوم الأفراد أو المؤسسات بتوكيل الشركات لإدارة محافظهم الاستثمارية نيابة عنهم، وفقا لأهداف وتطلعات استثمارية يتم الاتفاق عليها، بما في ذلك يتم تحديد مستوى العائد المتوقع ودرجة المخاطر المحتملة، التي بمقتضاها يتم تصميم المحفظة الاستثمارية وتوزيعها على الأدوات الاستثمارية التي تنسجم مع المتطلبات وفقا للأهداف المحددة من قبل المستثمر، وإدارتها إما بحرية كاملة نيابة عن العميل Discretionary Portfolio أو من خلال تقديم الاستشارات اللازمة فقط للعميل Non-Discretionary Portfolio.

كما توفر شركات الاستثمار قاعدة عريضة من البيانات عن الشركات والأسهم والصناديق الاستثمارية والمؤشرات المالية والاقتصادية والبيانات التي لها تأثير على أداء الأسواق المحلية والعالمية، التي يتم من خلالها إعداد الأبحاث والتحاليل والمؤشرات الإرشادية والنشرات التي تساعد المستثمرين على اتخاذ قراراتهم الاستثمارية. كما تزود شركات الاستثمار المستثمرين المهتمين بما يحتاجون إليه من معلومات لمتابعة الأحداث المالية والاقتصادية سواء المحلية أو العالمية، وتقدم لهم الاستشارات التي تمكنهم من اختيار أفضل الفرص الاستثمارية التي تحقق لهم العوائد الجيدة وفقا لمتطلباتهم.

0 مشاركات:

إرسال تعليق