مستقبل نيجيريا على المحك بعد رحيل رئيسها العليل

معركة الخلافة تهدد بانقسامات وتغيير في معادلة الشمالي المسلم والجنوبي المسيحي
نيجيريون يقبلون على الصحف للاطلاع على خبر وفاة الرئيس عمر يار أدوا في لاغوس أمس (إ.ب.أ)
أبوجا - لندن: «الشرق الأوسط»
تهدد المعركة المرتقبة من أجل خلافة الرئيس النيجيري عمر يارادوا، الذي وافته المنية في أبوجا مساء أول من أمس، بانشقاق سياسي وديني في البلد الأكثر اكتظاظا بالسكان في أفريقيا. ويرى محللون أن المرحلة الانتقالية الممهدة لإجراء انتخابات رئاسية العام المقبل، تشهد مخاطر حدوث انقسام، وقد تؤثر في معادلة تقاسم السلطة بين الشمال المسلم والجنوب المسيحي، خصوصا بعد المواجهات الطائفية التي تجددت مطلع العام الحالي.
وإثر وفاة يارادوا، أدى غودلاك جوناثان، أمس، اليمين ليتولى منصب رئيس البلاد بالوكالة، ويصبح بذلك خامس رئيس مدني للبلاد. وأدى جوناثان (52 سنة)، الحاكم السابق لولاية بايلسا في منطقة الجنوب النفطية، مراسم القسم، في القصر الرئاسي بحضور أعضاء الحكومة التي قام بتعديلها مؤخرا، ومسؤولين في البرلمان ومن حزبه حزب الشعب الديمقراطي والجيش والسلك الدبلوماسي. وفي خطاب مقتضب أكد جوناثان «التزامه الكامل بالإدارة الرشيدة والإصلاح الانتخابي ومكافحة الفساد التي ستتواصل بأكبر قدر ممكن من الصرامة».
والرئيس الجديد الذي أمامه نحو عام كامل قبل الانتخابات العامة التي ستجرى في 2011 يريد إجراء اقتراع حر وعادل، بينما واجهت الانتخابات التي حملت سلفه عمر يارادوا إلى السلطة في 2007 انتقادات حادة. وفي هذا الإطار أقال الأسبوع الماضي الرئيس المثير للجدل للجنة الانتخابية الوطنية موريس ايو. كما وعد جوناثان بتحسين توزيع المياه والكهرباء والتعليم. وأكد الحاكم السابق القادم من الجنوب النفطي أيضا أن إحلال السلام في دلتا النيجر وتنمية هذه المنطقة التي يطالب فيها المتمردون بتوزيع أفضل لثروات الذهب الأسود، يشكلان أولوية.
وكان الرئيس الراحل وعد بالعفو عمن يلقون السلاح، وبدمجهم في المجتمع، في خطوة لقيت تجاوبا من قبل مئات المسلحين. لكن بطء العملية دفع متمردي حركة تحرير دلتا النيجر إلى الإعلان عن استئناف الهجمات ضد الشركات النفطية المتعددة الجنسيات. وأشادت الحركة أمس بالرئيس يارادوا، ووصفت عرضه بأنه «خطوة أولى شجاعة دمرها مسؤولون حكوميون فاسدون مع الأسف»، على حد قول الناطق باسم الحركة جومو غبومو. وتحدث غبومو عن «هذا الرجل الطيب والصادق الذي كان بالتأكيد وبطبيعة الحال رجل سلام». وهو رأي يشاطره إياه غودلاك جوناثان الذي رأى في يارادوا «رجلا يتمتع بنزاهة كبيرة ويؤمن بعمق بالله ويتصف بتواضع كبير». كما قال رئيس مجلس الشيوخ ديفيد مارك، الذي يتمتع بنفوذ كبير، إن نيجيريا فقدت «قائدا نزيها».
بدوره، أعرب الرئيس الأميركي باراك أوباما عن حزنه لوفاة الرئيس النيجيري، وقال معزيا «سنتذكر باحترام النزاهة الكبيرة التي تمتع بها الرئيس يارادوا والتزامه العميق من أجل الخدمة العامة، وإيمانه الكبير بقدرات 150 مليون نيجيري ومستقبلهم المشرق». ودفن يارادوا في بلدته في ولاية كاتسينا الشمالية يوم أمس، الذي أعلن أول أيام حداد وطني يستمر سبعة أيام.
وقد توقظ المعركة من أجل خلافة الرئيس يارادوا الانشقاق السياسي والديني، خصوصا بعد المذابح الطائفية والدينية التي وقعت في يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) الماضيين وأودت بحياة مئات الأشخاص في ولاية البلاتوه الوسطى. وعلى إثر تلك المذابح، دعا الزعيم الليبي معمر القذافي إلى إنشاء عدة دول، لفصل الشمال المسلم في غالبيته عن الجنوب المسيحي في غالبيته. وأثارت الدعوة إلى الانقسام استنكارا في نيجريا. وأسفرت هذه المواجهات القبلية ذات الطابع الديني والعرقي والاقتصادي عن سقوط أكثر من عشرة آلاف قتيل منذ عودة نيجيريا إلى الديمقراطية سنة 1999.
وفي مواجهة المخاطر المحدقة بوحدة البلد، قرر حزب الشعب الديمقراطي الذي يهيمن على أكثر من ثلثي مقاعد الجمعية الوطنية، تبني طريقة تداول للمسلمين والمسيحيين، أي بين الشمال والجنوب، للسلطة على مدى ثماني سنوات أي كل ولايتين رئاسيتين. وهكذا تولى أحد أبرز قادته أولوسيغون أوباسانغو المسيحي (جنرال متقاعد) الجنوبي رئاسة نيجيريا من 1999 إلى 2007، وخلفه المسلم عمر يارادوا، على أن يكون خليفته في اقتراع 2011 أيضا مسلما.
وأعلن رئيس حزب الشعب الديمقراطي فينسنت أوغبولافور مؤخرا أن «الجنوب تولاها (الرئاسة) ثماني سنوات، وجاء دور الشمال الآن لضمان استقرار البلاد خلال ثماني سنوات». ومن شأن ذلك أن يقلل طموحات المسيحيين المحتملين الرئاسية في الاقتراع المقبل. واعتبر اميكا نووغوغو المحلل السياسي في لاغوس أن صيغة حزب الشعب الديمقراطي تجعل من المعركة من أجل السلطة العليا في نيجيريا تتواصل «بشكل أقل ضراوة».
كذلك قال بايو أونانوغا، رئيس تحرير أسبوعية «ذي نيوز»: «ستكون معركة، لكن الواقع يريد أن يبرز مرشح حزب الشعب الديمقراطي من الشمال ليكون الرئيس سنة 2011»، مؤكدا أن «الجنوب ليس لديه مرشح استثنائي، والمعارضة منقسمة».
واعتبر دابو توماس من جامعة ولاية لاغوس أنه «من الصعب لأي حزب آخر الفوز على حزب الشعب الديمقراطي في الاقتراع المقبل. ليس هناك أي حزب لديه الموارد أو الآلة الضرورية». وبين المرشحين الأوفر حظا الديكتاتور العسكري السابق إبراهيم بابانجيدا (1985 - 1993) وكذلك اتيكو أبو بكر نائب الرئيس السابق ومرشح المعارضة المهزوم سنة 2007 الذي انضم إلى حزب الشعب الديمقراطي

0 مشاركات:

إرسال تعليق