بريطانيا اختارت.. وتكهنات حول مصير زعامة حزب العمال

الصحف البريطانية تدخل المعركة الانتخابية بشكل مباشر.. وتنصح الناخبين حول تحديد خياراتهم
براون وكليغ وكاميرون مع زوجاتهم بعد الادلاء بأصواتهم أمس (رويترز - إ.ب.أ)
لندن: راغدة بهنام
حتى قبل أن تبدأ نتائج الانتخابات العامة في بريطانيا بالصدور فجر اليوم، بدأت الصحف البريطانية تتحدث عن مستقبل حزب العمال وزعيمه غوردن براون، في حال خسر الانتخابات، لصالح حزب المحافظين.
وكتبت صحيفة الـ«تليغراف» اليمينية أن الحزب يستعد لانتخاب زعيم جديد بعد الانتخابات في حال أخرجت النتائج حزب العمال من السلطة بعد 13 عاما. وقالت إن وزير الخارجية ديفيد ميليباند يدخل ضمن الأوفر حظا لكي يخلف براون، إلا أنها أشارت إلى أنه لا يحظى بتأييد القاعدة الشعبية في الحزب التي تتشكل من النقابات العمالية. وقالت الصحيفة إنه بسبب ذلك، فهو يستعد لخوض معركة زعامة الحزب إلى جانب جون كروداس، وهو سياسي يساري في الحزب يحظى بتأييد واسع من الفئات العمالية.
ومن بين الأشخاص الذين قد يخوضون أيضا معركة الزعامة، وزير التعليم ايد بولز المقرب من براون، والذي عمل معه طوال سنوات في وزارة الخزانة قبل أن يصبح رئيسا للوزراء. إلا أن بولز لا يحظى بشعبية كبيرة بين جميع قواعد الحزب، ويعتبر وجها يثير الانقسامات الداخلية. وقد تقرر أيضا نائبة زعيم الحزب الحالية هارييت هارمن أن تخوض المعركة، إلا أن حظوظها ليست كبيرة.
والأسبوع الماضي، طرح أيضا اسم وزير الخزانة الحالي اليستر دارلينغ الذي يتمتع بكفاءة عالية في إدارة الاقتصاد، وكان أول من حذر من أن الأزمة المالية التي واجهت بريطانيا هي الأعمق منذ 60 عاما، رغم معارضة براون لذلك. إلا أن دارلينغ قد لا يحظى بإجماع كبير أيضا لدى واضعي استراتيجية الحزب الذين قد يرون من الضروري انتخاب زعيم شاب لضخ دماء جديدة للحزب. وهذا ما يعزز من حظوظ ميليباند البالغ من العمر 45 عاما، والذي يحظى أيضا بدعم أهم شخصية في حزب العمال، وزير التجارة اللورد بيتر ماندلسون. وماندلسون قرر دعم توني بلير في عام 1994 عندما انتخب زعيما للحزب، ضد براون، رغم أنه كان أقرب للأخير. إلا أنه رأى أن الحزب سيحظى بفرصة أكبر للعودة للسلطة في ظل زعامة بلير. وبعد أن مرر بلير الزعامة لبراون، عاد ماندلسون للوقوف إلى جانبه رغم سنوات الخلاف لكي يساعده على تحسين صورته. ويقال اليوم إنه يدعم ميليباند لكي يكون الزعيم المقبل.
وبالعودة إلى يوم الانتخابات أمس، بدا من الصباح أن نسبة الإقبال على الاقتراع مرتفعة، مما يعكس أهمية هذه الانتخابات بالنسبة للبريطانيين. وكان نحو 11 مليون ناخب (من أصل 44 مليون ناخب) قد أدلوا بأصواتهم عبر البريد في وقت سابق من هذا الأسبوع.
وتوجه أمس كل من زعماء الأحزاب الثلاثة إلى صناديق الاقتراع ليدلوا بأصواتهم، كل مصحوبا بزوجته. وكان ديفيد كاميرون الذي قد تتوقف حياته السياسية على نتائج الانتخابات، أول من أدلى بصوته صباحا. وبدا مرتاحا وكان يبتسم، وقال للصحافيين والمصورين خارج مركز الاقتراع في أوكسفوردشير حيث أدلى بصوته «لدي شعور جيد، وسأترك الأمر هنا». وكان آخر استطلاع للرأي أجري قبل بدء التصويت قد أعطى حزب المحافظين الطليعة بـ36 في المائة من نوايا التصويت، وحزب العمال 28 في المائة، والديمقراطيين الأحرار 26 في المائة. وإذا ما ترجمت هذه النتائج عمليا، فسيجمع حزب المحافظين أكبر عدد من النواب إنما من دون أن يحقق الأغلبية. إلا أن هكذا نتيجة قد تمكنه من أن يعقد تحالفات مع الأحزاب الوطنية الأيرلندية التي من غير المتوقع أن تحظى بأكثر من 9 مقاعد، بدلا من الاعتماد على الديمقراطيين الأحرار.
وبعد نصف ساعة من إدلاء كاميرون وزوجته سامانتا بصوتيهما، توجه براون وزوجته سارة نحو الساعة التاسعة، إلى مركز الاقتراع في كيركالدي باسكوتلندا للإدلاء بصوتيهما. وبعدها بدقائق صوت زعيم الديمقراطيين الأحرار نك كليغ، مصحوبا بزوجته الإسبانية ميريام التي لا يمكنها أن تصوت، إلى دائرته في شيفيلد حيث أدلى بصوته.
إلا أن الأنظار تشتتت قليلا أمس عن الانتخابات، لتتجه نحو حادث سقوط طائرة صغيرة كانت تنقل زعيم حزب الاستقلال البريطاني، نايجل فاراج، الذي يعارض تقاربا مع الاتحاد الأوروبي. ولم يصب فاراج بجروح خطيرة، إلا أنه نقل إلى المستشفى لتلقي الفحوصات. وكانت طائرته قد سقطت بعد أن علقت يافطة كانت تجرها، بالمحرك، وأفقدت الطائرة ميزانيتها. كما أصيب الطيار بجروح خطيرة في ظهره.
وقد دخلت الصحف البريطانية بشكل واضح في المعركة الانتخابية منذ أيام. وتدعم معظم الصحف حزب المحافظين، وتشن منذ أيام حملات تعبئة لإقناع الناخبين بالتصويت له.
وصدرت الصحف وعلى صدر صفحاتها الأولى عناوين تقول للناخبين لأي حزب عليهم أن يصوتوا. وتدعم معظم الصحف حزب المحافظين، خصوصا تلك التابعة لإمبراطور الإعلام روبرت ميردوخ. وكتبت صحيفتا الـ«صن» الشعبية، والـ«تايمز» مقالين افتتاحيين، تدعوان فيهما الناخبين لاختيار المحافظين بسبب سياساتهم الاقتصادية. وقالتا إن هذا الحزب سيتمكن من تخفيض الدين العام للبلاد بسرعة أكثر من الأحزاب الأخرى. وشبهت الـ«ديلي ميل» اليمينية في صفحتها الأولى، الوضع في بريطانيا باليونان، من ناحية التظاهرات والفوضى، في حال برلمان معلق. إلا أن صحيفة الـ«ميرور» الشعبية اليسارية، وهي واحدة من الصحف القليلة التي أعطت دعمها لحزب العمال، طرحت علامات استفهام حول كفاءة كاميرون ليصبح رئيسا للوزراء.
إلا أن محللين يقولون إن الصحف لا تؤثر بشكل كبير على أصوات الناخبين، مستشهدين بأن الأحزاب اليمينية تدعم المحافظين منذ سنوات، وأن ذلك لم يؤثر يوما بشكل كبير على القراء.
واليوم، وبعد أن تكون قد ظهرت صورة الانتخابات الأكثر تقاربا منذ عقود، والتي وصفها الكثيرون بأنها تاريخية، من المتوقع أن تبدأ المشاورات لتشكيل الحكومة المقبلة، في حال برلمان معلق.. إلا في حال حقق المحافظون أو حزب العمال مفاجأة وتمكنوا من الفوز بأغلبية عدد مقاعد البرلمان. وقد تغير هذه الانتخابات شكل البرلمانات المقبلة، في حال نجح الديمقراطيون الأحرار في لعبتهم، وتمكنوا من فرض شرطهم الأساسي حول تعديل قانون الانتخاب ليصبح أكثر تمثيلا، ويتيح للأحزاب الصغيرة الوصول إلى مجلس العموم

0 مشاركات:

إرسال تعليق