الأسواق تراقب نتائج الانتخابات عن كثب.. وتبحث عن استقرار مالي

أزمة ديون اليونان تعكس مخاوف في بريطانيا
لندن: إريك بفانر*
مع انتشار أزمة الديون الأوروبية من اليونان إلى اقتصادات أخرى متعثرة، تستعد بريطانيا لمواجهة عبء عجز متنام. وبغض النظر عمن سيحوز السلطة، فسوف تواجه الحكومة البريطانية المقبلة مهمة شاقة تتمثل في تقليل النفقات ورفع الضرائب إذا كانت تريد السيطرة على العجز في الميزانية. وربما يكون البديل الأسوأ مؤلما للغاية، ويتمثل في عدم القيام بشيء، وهو ما سيفرز أزمة مالية تنجم عن الإقبال على بيع الجنيه الإسترليني، ومعدلات فائدة مرتفعة بصورة حادة.
وثمة شكوك حول الفكرة السائدة التي تقول بأنه لا يمكن الوصول إلى استراتيجية اقتصادية يعتمد عليها إلا بحصول أحد الأحزاب على أغلبية صريحة.
ويقول توني ترافيرز، مدير «لندن غريتر غروب»، وهو مركز بحثي تابع لكلية الاقتصاد في لندن، عن آثار برلمان معلق على الأسواق: «ستتحمل الأسواق هذا النوع من عدم الوضوح إذا استمر لنهاية الأسبوع فقط. ولكن، إذا استمر لأسبوع أو اثنين، فيمكن أن ينظروا إلى ذلك على أنه إشارة إلى حكومة غير مستقرة».
ولا توجد إشارات قوية إلى هذه المخاوف في الأسواق المالية. وقد حافظ الجنيه الإسترليني، الذي ضعف خلال الشتاء، على مستواه خلال الأسابيع الأخيرة، بينما كان الديمقراطيون الأحرار يحققون نتائج متقدمة في الاستطلاعات. وكانت أذون الحكومة البريطانية مستقرة، وتراجعت أسعار الأسهم، ولكن بعد ارتفاع قوي بدأ في فبراير (شباط).
وعلى ضوء مستوى عدم الوضوح المرتبط بنتائج الانتخابات، ربما ينتظر المستثمرون النتائج قبل اتخاذ قرار بشأن البيع. وتخطط «إن واي إس إي ليف»، حيث يجري التداول على الأذون الحكومية البريطانية، بدء تعاملاتها في الواحدة صباحا يوم الجمعة، خلال فرز أصوات الناخبين، من أجل المستثمرين الذين يريدون التصرف فورا.
ويحذر المحافظون من عمليات بيع واسعة في حال وجود برلمان بلا أغلبية صريحة، حيث إن الأحزاب ستكون عاجزة عن التوافق على وسائل لتقليل العجز، بل وصل الأمر بكينيث كلارك، المرشح المحافظ لمنصب وزير التجارة، إلى الإشارة إلى احتمال أن تطلب بريطانيا المساعدة من صندوق النقد الدولي كما فعلت اليونان.
ويرفض الديمقراطيون الأحرار هذا الكلام، ويقولون إنه يهدف إثارة الذعر. وأشار نيك كليغ، زعيم الديمقراطيون الأحرار، إلى أن البرلمان الذي لا توجد به أغلبية صريحة والحكومات الائتلافية لم تهدد الاستقرار المالي في أوروبا القارية، حيث إن هذا هو الحال داخل كثير من الدول مثل ألمانيا، التي يحكمها حاليا ائتلاف.
وعلى النقيض، فقد سيطر داخل اليونان حزب الديمقراطية الجديدة، اليمين الوسط، على البرلمان في الفترة من 2004 حتى 2009، في الوقت الذي وقعت فيه أزمة مالية طاحنة. وكما هو الحال داخل اليونان، فإن النظام الانتخابي في بريطانيا معد من أجل إفراز أغلبية تشريعية من حزب واحد. ومثل اليونان، تعاني بريطانيا عجزا متناميا في الميزانية يبلغ 11.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أكبر من النسبة الموجودة في إسبانيا والبرتغال، وليس أقل كثيرا من نسبة اليونان، حيث بلغ 13.6 في المائة. ولكن، يقول محللون إن مقارنة كلارك القاتمة تتجاهل اختلافات مهمة بين بريطانيا واليونان. وعلى سبيل المثال، فإن الدين القومي داخل بريطانيا أقل من 70 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي السنوي حاليا، وهو أقل كثيرا من النسبة داخل اليونان، حيث تبلغ 125 في المائة خلال العام الحالي.
وبينما أدت خطط التقشف داخل اليونان إلى احتجاجات، كان البعض منها عنيفا، نجد أن السياسيين البريطانيين من مختلف الأحزاب يعدون الشعب إلى تقليل النفقات بعد الانتخابات. ويقول بيتر سبنسر، المستشار الاقتصادي البارز في «ITEM Club» التابع لشركة «إرنست آند يونغز»: «يوجد إجماع سياسي عام على الحاجة إلى معالجة هذه المشكلة بجدية وبسرعة، وقد أظهرت الأزمة اليونانية هذا الاتجاه».
ومع ذلك، تتباين خطط الأحزاب من أجل تقليل العجز. ويريد المحافظون بدء الخصومات على الفور. ويقول حزب العمال إنه سوف يرجئ ذلك حتى العام المقبل للحفاظ على انتعاش اقتصادي ضعيف. ويقترح الديمقراطيون الأحرار مجلسا غير حزبي للاستقرار الاقتصادي لتحديد حجم ووتيرة تقليص العجز. وانتقد معهد الدراسات المالية، وهي منظمة بحثية، الأحزاب الثلاثة الشهر الماضي، وقال إنها لم تكن صريحة مع الناخبين بخصوص مدى تقليص النفقات أو الزيادات الضريبية اللازمة من أجل ضبط العجز.
ويقول المعهد إنه سيكون على المحافظين تحديد 52.8 مليار جنيه إسترليني خصومات إضافية من أجل الوصول إلى خصومات العجز التي تعهدوا بها خلال 5 أعوام. ويضيف المعهد أن الرقم الخاص بحزب العمال سيصل إلى 45.8 مليار جنيه إسترليني، مقابل 34.4 مليار جنيه إسترليني للديمقراطيين الليبراليين.
وقد أعربت قيادات في سوق العمل عن مخاوفها بشأن برلمان من دون أغلبية صريحة، ويخشون من أن السياسيين ربما يميلون إلى رفع الضرائب، بينما يسعى كل حزب إلى حماية برامج النفقات المفضلة لديه.
ويقول ميلز تيمبلمان، المدير العام لمعهد المديرين، الذي يمثل الشركات الصغيرة والمتوسطة: «تكمن المخاطرة في أنه لن يوجد اتفاق على طبيعة خصومات النفقات العامة، ولذا ستصاب أي حكومة ائتلافية أو حكومة أقلية بالشلل في هذا القضية المهمة».
ومع ذلك، فإن الالتزام بالسيطرة على العجز في الميزانية طمأن وكالات تصنيف الائتمان، التي حذرت من قبل واضعي السياسات من أجل التعامل بجدية أكبر مع العجز. وقال أرنود مارز، وهو محلل بارز مختص بالشؤون البريطانية في وكالة التصنيف «موديز»، في بيان: «لن يكون لبرلمان من دون أغلبية واضحة تبعات مباشرة على تقييم (موديز) الخاص بالمملكة المتحدة». وأضاف أن «الأحزاب الثلاثة الرئيسية تتفق على الحاجة إلى تماسك مالي على نطاق سيكون قويا، إذا ما نفذ بحزم خلال البرلمان المقبل»، وستحتفظ الحكومة بتقييمها

0 مشاركات:

إرسال تعليق