مايو 22 2010 وزير الاستثمار للأهرام : الحكومة لا تهرول إلى الخصخصة

أكد الدكتور محمود محيى الدين وزير الاستثمار أنه ليس صحيحا ما يشاع من أن معظم الاعتصامات والاضطرابات حدثت في شركات قطاع الأعمال العام سواء الموجودة الآن في حوزة الدولة ، لم يتم خصخصتها، أو الشركات الأخري التي تم بيعها للقطاع الخاص.

وقال وزير الاستثمار، فى حوار بصحيفة "الأهرام" بعددها الصادر "السبت" أجراه الكاتب مكرم محمد أحمد ، إن هناك مشكلات حدثت في بعض هذه الشركات التي تمت خصخصتها لكنها تعد على أصابع اليد الواحدة ومعظمها تمت خصخصتها في فترة التسعينيات ، كما أن هناك مشكلات حدثت فى شركات تتبع في الأصل القطاع الخاص.

وأضاف محيى الدين أنه إذا كان صحيحا أن بعض الشركات التي تم خصخصتها قد حققت نجاحا كبيرا فإن هناك عددا من الحالات غير الناجحة لأسباب متعددة، أهمها سوء اختيار المستثمرين لعدد من معاونيهم ومدراء أعمالهم الذين لم يكونوا علي قدر من الكفاءة والخبرة يؤهلهم لحسن إدارة هذه الأعمال، أما السبب الثاني فيعود إلى أن بعض المستثمرين يحاول التخلص من العمالة حتي تخلو له الشركة كأراض فضاء يسعي لاستثمارها في النشاط العقاري .

ونفى وزير الاستثمار أن تكون الحكومة تهرول إلى الخصخصة، موضحا أنه في حقيقة الأمر لم يتم بيع أكثر من سبع شركات من جملة شركات قطاع الأعمال المؤهلة للبيع التي آلت إلينا ويبلغ عددها 175 شركة ، مشيرا إلى أنه على عكس الشائع أعدنا إلى ملكية الدولة عددا من الشركات التي كان قد تم بيعها للعاملين فيها عام 97 وعددها 33 شركة لم يحقق أي منها نجاحا يذكر بعد خصخصتها ، بعضها يعمل في مجالات الزراعة والري واستصلاح الأراضي.

ولفت إلى أن جزءا من المشكلات التي تعيق الخصخصة،‾ يتعلق بمدي قدرة المجتمع علي تحمل التكلفة الاجتماعية لعملية الخصخصة، خاصة إذا تتطلب الأمر تمويل المعاش المبكر لحصص العمالة الزائدة عن حاجة العمل في بعض المشروعات المعروضة للبيع .

وقال الدكتور محمود محيى الدين وزير الاستثمار إننا لانزال نري أن تخلص الدولة من هذه الأصول وبيعها إلى القطاع الخاص يمثل حلا صحيحا‾،‾ فنحن نبيع أصولا قديمة لنأتى بأصول جديدة لأن الحكومة أعلنت أنها لن تضخ قرشا واحدا في أي من شركات قطاع الأعمال المملوكة للدولة‾،‾ وأن أولوياتها في الانفاق هي التعليم والصحة والطرق ودعم الفقراء.

وأضاف أنه مع ذلك استطعنا سداد ديون تقترب من 33 مليار جنيه وبقيت ستة مليارات يمكن أن نسددها في غضون أسابيع وخصصنا ما يزيد على 20 مليار جنيه استثمارات جديدة في قطاع الأعمال وأنفقنا 6 مليارات على مشروعات إعادة الهيكلة ، مشيرا إلى أن هذه الموارد‾ جاءت من بيع بعض الأصول الأخري المملوكة للدولة وفيها حصيلة بيع بنك الإسكندرية والرخصة الثالثة للمحمول .

وتابع "أظن أننا نجحنا في أن نضرب عصفورين بحجر واحد، لأننا سددنا حجما ضخما من الديون كان يثقل كاهل بنوك الأهلي ومصر والقاهرة ولولا سداد هذه الديون لكان قطاع البنوك في وضع صعب.

وأكد أن الوضع في شركات قطاع الأعمال الموجودة في حوزة الدولة حتي الآن أفضل كثيرا من وضعها قبل خمسة أعوام ؛ فمعظم هذه الشركات كانت تعاني من عدم الاستقرار بسبب تأخر سداد مديونياتها الذي كان يجعلها عرضة لقضايا الحجز ودليل ذلك أننا نحقق فائضا بلغ هذا العام 4 مليارات جنيه .

وعن أسباب رفض بيع أى من شركات قطاع الأعمال لمستثمر رئيسى ، قال وزير الاستثمار إن ‾ تجربتنا مع المستثمر الرئيسي تقول إنه حتي إذا كانت الشركة التي آلت إليه تدر أرباحا وعائدا طيبا، فإنه يحرص علي زيادة أرباحه من المنشأة سواء عن طريق تقليص حجم العمالة إلي الحد الأدني، أو وقف بعض خطوط الإنتاج أو التركيز علي إنتاج أصناف تدر ربحا أكبر، وكثيرا ما تؤدي هذه السياسات إلى قلق وتوتر اجتماعي داخل المنشأة.

وأضاف أن هناك أسبابا أخري تجعلنا نرفض البيع لمستثمر رئيسي أهمها، أن عددا كبير من الشركات الباقية في حوزة الدولة في وضع احتكاري مثل شركة الألمونيوم المصرية التي تنتج 95% من حجم الإنتاج الكلى ، وشركة السكر المشتري الرئيسي والوحيد لقصب السكر من زراع الصعيد بأكملهم ، ولا يجوز أن تستبدل احتكارا عاما باحتكار خاص ، كما أن الحكومة لا تستطيع أن تجعل فلاحي الصعيد جميعا رهن إرادة مستثمر رئيسي.

وأشار إلى أن الاستثمار الخاص عادة ما يكون أكثر كفاءة من الاستثمار العام لكن التكلفة الاجتماعية العالية نتيجة بيع هذه الشركات لمستثمر رئيسي تلزمنا أن نتخذ القرار السياسي الصحيح حفاظا على مصالح فئات واسعة في المجتمع سوف تتأثر بقرار البيع لمستثمر رئيسي، وقد أضيف إلى هذه الأسباب سبب أخير يتمثل في المناخ الإعلامي السائد الذي ينفر من استبدال الملكية العامة في مشروعات بعينها بملكية خاصة.

وبشأن البيع لمستثمر رئيسى عربى ، أشار محيى الدين إلى أن الاستثمارات العربية لم تعد الحجم الأكبر في مصر، فالأولوية الآن للاستثمارات المصرية ثم الاستثمارات الأجنبية وتأتي الاستثمارات العربية من ناحية الحجم في المؤخرة، لكن الحساب التراكمي للاستثمارات في مصر يضع الاستثمارات العربية في المرتبة الثانية بعد الاستثمارات المصرية.

ولفت إلى أنه ربما يحدث بعض المشكلات في بعض الحالات التي لا يدير فيها المستثمر العربي شركاته بنفسه معتمدا على إدارات غير ناجحة وهي حالات محدودة لا يقاس عليها لأن هناك مستثمرين عرب ناجحون في مجالات عديدة ونحن لانزال نعول كثيرا علي المزيد من تدفق الاستثمارات العربية .

وحول كفاءة السوق المصرية وقدرتها علي الموازنة بين العرض والطلب في ظل الاحتكارات التي لاتزال تسيطر علي معظم السلع الأساسية في الأسواق، أعرب الدكتور محمود محيى الدين وزير الاستثمار عن اعتقاده بأن الأمر في مصر يحتاج إلى التوازن بين كفاءة السوق وفاعلية الرقابة عليها‾،‾ لأن الإفراط في الاعتماد علي أي منهما وإهمال العامل الآخر يؤدي إلي الفشل الاقتصادي.

ونوه إلى أن الحكومة أكثر اهتماما بتفعيل القوانين المعطلة التي تساعد علي توازن الأسواق وفي مقدمتها قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية وقانون حماية المستهلك ، لكن التطبيق الصحيح لهذه القوانين خاصة منع الممارسات الاحتكارية يأخذ وقتا طويلا إلى أن يتم إرساء البعد المؤسس للأجهزة العاملة في هذا المجال التي تحتاج إلى جيش صغير من القوانين والخبراء القادرين علي ضبط الممارسات الاحتكارية في الأسواق.

وأكد أنه لا مناص من تطبيق قوانين ملزمة تحمي حقوق المستهلكين لأن الحالة المصرية تلزمنا حماية الفئات الأقل قدرة في المجتمع‾،‾ كما فعل وزير التجارة المهندس رشيد محمد رشيد عندما ألزم شركات الأسمنت بالإعلان عن سعر البيع علي كل شيكارة وبدون ذلك يتعرض صاحب المصنع إلي عواقب وخيمة.

وأكد أن من حق الدولة أن تضع الإطار القانوني الذي يحافظ علي المنافسة في الأسواق وأن تتدخل من خلال تشجيع الجمعيات الاستهلاكية علي البيع بأسعار منافسة وتنظيم قواعد مراقبة الأسواق واللجوء إلي سعر استرشادي يعطي مؤشرا قويا علي حالات الجشع، وتشجيع جمعيات حماية المستهلك لأنه " لا خير في سوق لا رقابة ولا إشراف عليه

0 مشاركات:

إرسال تعليق