السلطات التايلاندية ستخرج «القمصان الحمر» من وسط بانكوك بالقوة

السلطات التايلاندية ستخرج «القمصان الحمر» من وسط بانكوك بالقوة
رئيس الوزراء فيجاجيفا تعهد بالسيطرة على قلب العاصمة
متظاهرون موالون للحكومة يرفعون الأعلام خلال تظاهرة بوسط العاصمة بانكوك عقب فشل مفاوضات السلام، وتعهد الحكومة باستعادة قوات الأمن سيطرتها على وسط العاصمة بانكوك من جموع المحتجين الذين يوصفون بأصحاب القمصان الحمر المتحصنين فيه (أ.ب)
بانكوك: 
تعهد رئيس وزراء تايلاند الذي تحاصره المشكلات، أبهيست فيجاجيفا، أمس، بأن حكومته لن تنصاع أمام استخدام «العنف والتهديد» من قبل حركة احتجاجية فرضت سيطرتها على أجزاء من بانكوك للمطالبة بحل البرلمان. واستولى آلاف المتظاهرين المناهضين للحكومة، الذين يوصفون بعبارة أصحاب «القمصان الحمر»، على قلب منطقة راتشابراسونغ التجارية في العاصمة بانكوك منذ 3 أبريل (نيسان) الحالي، رافضين مغادرة أماكنهم قبل حل أبهيست للبرلمان وإجراء انتخابات جديدة. وأدت المظاهرات التي نظمتها المعارضة طوال 6 أسابيع إلى وفاة 26 شخصا، وإصابة أكثر من 900 شخص. وخففت «الجبهة الموحدة للديمقراطية ضد الديكتاتورية» أول من أمس من مطالبها بالحل الفوري للبرلمان، إلى المطالبة بحل البرلمان في غضون 30 يوما، لكن أبهيست رفض على الفور المهلة النهائية التي حددتها الجبهة. وتعهد رئيس وزراء تايلاند باستعادة قوات الأمن سيطرتها على المنطقة التجارية في العاصمة بانكوك من جموع المحتجين الذين يوصفون بعبارة أصحاب «القمصان الحمر» المتحصنين بها. وقال فيجاجيفا في كلمة أذاعها التلفزيون إنه لا يستطيع الكشف عن توقيت هذه العملية وكيفية تنفيذها، لأنها تعتمد على عدة إجراءات. وأضاف أن النقطة الرئيسية ليست تفريق المتظاهرين بقدر السعي لحل هذه المشكلة برمتها. وألقى فيجاجيفا الكلمة وبجواره قائد الجيش أنوبنغ بيوجندا في محاولة، على ما يبدو، لتبديد الإشاعات المستمرة عن وجود خلافات بينه وبين الجيش. وقال بيوجندا إن الجيش سيتبع أوامر سياسة الحكومة، مقللا من أهمية الحديث عن انقسامات داخل الجيش بشأن التعامل مع المتظاهرين. من جهتهم، تعهد المتظاهرون من أصحاب «القمصان الحمر» بما أسموه الكفاح حتى تحقيق النصر، وسط توقعات باندلاع المزيد من التظاهرات، إثر رفض رئيس الحكومة أمس، السبت، عرضا للتسوية من المعارضين. وقال أبهيست في حديث تلفزيوني مسجل أذيع صباح أمس: «لم أرفض مطلقا حلا سياسيا، لكننا نحتاج إلى فهم نقطتين أساسيتين.. أولاهما، يجب أن لا نحدد معيارا جديدا عند التعامل مع مشكلات سياسية، حيث يتم بموجبها فرض حلول من خلال استخدام العنف والتهديدات». وتتمثل النقطة الثانية، في طرح رئيس الوزراء، في أن الجبهة الموحدة يبدو أن لديها «جدولا أعمال خفيا» يقف وراء مطالبها، وهو الاستيلاء على السلطة من أجل «حل مشكلات شخص ما». ولطالما أصر أبهيست وحكومته على أن هدف الجبهة الموحدة الرئيسي هو خلق فوضى لتمهيد الطريق أمام عودة رئيس الوزراء الهارب تاكسين شيناوترا إلى السلطة، حيث يواجه عقوبة بالسجن لمدة عامين لإدانته بإساءة استغلال منصبه. وخسر تاكسين مؤخرا مبلغ 1.4 مليار دولار من ممتلكات العائلة التي صودرت بناء على تهم مماثلة. لكن الجبهة الموحدة تصر على أن هدفها أبعد من طموحات تاكسين الشخصية. ويقول قادة «الجبهة المتحدة للديمقراطية ضد الديكتاتورية» بأن المطالبة بإجراء انتخابات جديدة تهدف إلى إعادة السلطة إلى الشعب، ويدعم غالبية منه تاكسين بسبب برامجه الشعبوية التي طبقها خلال فترتي توليه السلطة من عام 2001 وحتى عام 2006. وغرس تاكسين في الكثير من المناطق الريفية والحضرية الفقيرة الشعور بالاستحقاق السياسي الذي يعبرون عنه الآن في شوارع بانكوك.
ولا يزال تاكسين، الذي يعيش خارج البلاد منذ أغسطس (آب) 2008، يحظى بشعبية بين الفقراء وقطاعات المجتمع التايلاندي الحريصة على إحداث تغيير في المؤسسة التي تضم الملكية والجيش، والنخبة البيروقراطية و«المال القديم»، وتتوافق إلى حد كبير مع أبهيست،45 عاما، خريج جامعة أكسفورد، وزعيم أقدم حزب سياسي، وهو حزب الديمقراطيين.
والمعروف أن العناصر المؤيدة لتاكسين موجودة داخل الجيش والشرطة، ومعظم الهيئات الحكومية، مما يجعل من الصعب أمام أبهيست والسلطات التغلب على «الجبهة المتحدة».
ويرى محللون أنه يتحتم على تايلاند أن تستعيد شكلا من التوافق السياسي أن إرادت الخروج من الأزمة، وتفادي انفلات الوضع والغرق مجددا في أعمال عنف دامية سبق أن شهدتها مرات عدة.
فمنذ الهجمات بالقنابل اليدوية، الخميس (قتيل و85 جريحا) وبعد معارك الشارع الدامية في 10 أبريل (25 قتيلا و800 جريح) التي أغرقت المملكة في أحلك أوقاتها، يفضل بعض العناصر في الفريقين كليهما الحوار. لكن الأسوأ لم يكن قط بعيدا. فالمواجهات بين «القمصان الحمر» المعارضين للحكومة وقوات الأمن جنحت مرات عدة في دقائق معدودة إلى تبادل إطلاق نار دامٍ. وقال مايكل مونتسانو الباحث في معهد الدراسات حول جنوب شرق آسيا في سنغافورة: «هذه الأجواء الكرنفالية التي تحولت إلى عنف تأتي من مكان بعيد جدا»، مضيفا: «كل تايلاند نراها هنا. وهناك دوما كثير من العنف تحت السطح». وكان فيجاجيفا قد رفض أول من أمس، عرضا للحوار قدمه المتظاهرون المعارضون للحكومة، مشترطين حل البرلمان خلال 30 يوما، وإجراء انتخابات في غضون 3 أشهر. يذكر أن «القمصان الحمر» الذين يطالبون بإجراء انتخابات مبكرة، يتظاهرون منذ منتصف مارس (آذار) الماضي، ويحتلون منذ 3 أسابيع حيّا سياحيا وتجاريا أقاموا حوله حواجز. ويؤكد «القمصان الحمر» نقلا عن مصادر صديقة داخل الجيش كما يقولون، أن السلطات ستنفذ عملية عسكرية وشيكة. وسئل الجنرال أنوبونغ أيضا حول إشاعات تتحدث عن انشقاقات داخل المؤسسة العسكرية، التي صدرت منها في الأيام الأخيرة إشارات متناقضة حول استخدام القوة أم لا ضد الحركة، فقال: «من الممكن أن تكون هناك انشقاقات في منظمة ضخمة، لكن عدد الأشخاص الذين يملكون أفكارا مختلفة ضئيل جدا، ولا يطرح مشكلة». وهذه الأزمة التي تتخبط فيها المملكة التايلاندية اتخذت منحى عنيفا بشكل جذري مع المواجهات التي وقعت في العاشر من أبريل، وأدت إلى سقوط 26 قتيلا وأكثر من 800 جريح، والهجمات بالقنابل اليدوية مساء أول من أمس، التي أسفرت عن قتيل ونحو 80 جريحا. ودعا المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة والأمم المتحدة، مرات عدة طرفي النزاع إلى تجنب العنف وحل النزاع بصورة سلمية.

0 مشاركات:

إرسال تعليق