جدل في لبنان بعد زيارة وفد أمني أميركي لنقطة حدودية مع سورية

واشنطن: تمت بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية * تباين بين وزارتي الداخلية والخارجية حول الزيارة
بيروت:
أثارت زيارة قام بها وفد أمني أميركي إلى نقطة «المصنع» الحدودية بين لبنان وسورية اعتراضات واسعة من قبل قيادات معارضة لـ«التدخل الأميركي في الشؤون الداخلية»، خصوصا أن هذه الزيارة تأتي في ظل استمرار الجدل حول الاتهامات الأميركية والإسرائيلية لسورية بتمرير صواريخ «سكود» إلى حزب الله عبر الحدود بين البلدين.
وفيما قالت مصادر متابعة لـ«الشرق الأوسط» إن الزيارة تمت بتنسيق كامل مع وزارة الداخلية، نفى وزير الخارجية اللبناني علي الشامي علمه بهذه الجولة، مؤكدا أنه «على أي ملحق عسكري إبلاغ وزارة الخارجية في حال زيارته الحدود». وأكدت وزارة الخارجية والمغتربين في بيان «أنها لم تُبلغ بالزيارة التي قامت بها لجنة أمنية أميركية إلى مركز المصنع الحدودي أمس (الأربعاء)، وهي لم تكن على علم بهذه الزيارة». معتبرة أن مثل هذه التحركات مخالفة لمضمون التعميم الذي أرسلته إلى جميع البعثات الدبلوماسية المعتمدة لدى لبنان في أول مارس (آذار) الماضي، حول ضرورة التقيد بأحكام المادة 41 من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية في ما يتعلق باتصالاتهم وتحركاتهم الرسمية في الدولة المضيفة.
أما وزير الداخلية زياد بارود فقد قال إن زيارة الوفد الأمني الأميركي إلى الحدود اللبنانية «لا تتعدى الزيارة العادية، وإذا حصل أي تجاوز نعالجه بالطريقة المناسبة». وأكد أنه ليس من المفترض أن يكون حصل أي تبادل للمعلومات خلال الزيارة إلا حسب الأصول، معتبرا أنه يجب أن تكون وزارة الخارجية على علم بالزيارة. واعتبر أن هذا الموضوع يناقشه مجلس الوزراء مجتمعا، وإذا كان هناك من هواجس تناقش، ونستمع إلى ملاحظات الجميع، وأكد أن الأمن العام لم يكن جزءا من هذه الزيارة.
وفي المقابل أوضح مصدر رسمي أميركي في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه «أن الأميركيين الذين زاروا منطقة المصنع أمس (الأربعاء) كانوا جزءا من فريق تقييم من برنامج المساعدات لمكافحة الإرهاب التابع لوزارة الخارجية الأميركية». مشيرا إلى «أن هذا البرنامج يدرّب موظفي أمن الحكومة اللبنانية والموظفين المكلفين بإنفاذ القانون حول إجراءات الشرطة في التعامل مع الإرهاب». وقال المصدر «إن الفريق يقوم في لبنان بتقييم برامج التدريب الحالية والسابقة التي كانت الولايات المتحدة قد قدمتها بالتعاون مع الحكومة اللبنانية». موضحا أن هذه الزيارة لمنطقة المصنع «تمت بناء على دعوة وبالتنسيق مع الحكومة اللبنانية كجزء من تقييم الفريق العام للبرنامج المذكور، ولم تكن عملية تفتيش للمنشأة».
وشن عضو كتلة نواب حزب الله النائب نواف الموسوي انتقادا عنيفا لزيارة الوفد الأميركي إلى منطقة المصنع، وقال: «هذا الخبر لا شك أنه صدم كل لبناني أصيل حريص على كرامة وطنه وحريص على سيادة بلده، وأعاد طرح المشكلة مجددا، مشكلة محاولة السفارة الأميركية الهيمنة على لبنان، والهيمنة على الأمن اللبناني وجعل لبنان بمثابة جمهورية موز خاضعة للسيطرة الأميركية». معتبرا أن «الاتفاقية الأمنية المعقودة مع السفارة الأميركية، هذه الاتفاقية كما يبدو، تشكل مظلة لهذا التدخل الأميركي»، متسائلا: «متى ستبادر السلطة الإجرائية إلى رفع الإهانة اللاحقة بالحكومة اللبنانية من جراء جعلها بحسب الاتفاقية متعهدا لدى السفارة الأميركية مسؤولا أمامها (...) ومتى ستبادر السلطة الإجرائية إلى تحرير قوى الأمن الداخلي من الهيمنة الأميركية بحجة التحقق من الأفراد وانتماءاتهم»، ودافع الموسوي عن وزيري الاتصالات السابق جبران باسيل والحالي شربل نحاس (من حلفاء الحزب) واصفا إياهما بـ«الوزيرين الوطنيين» في مواجهة الحملة التي يشنها عليهما نواب كتلة المستقبل على خلفية تقرير للجنة فنية كانت تبحث موضوع الاتفاقية مع السفارة الأميركية، قيل إن نحاس أخفاه لأنه يتعارض مع ادعاءات معارضي الولايات المتحدة. وقال: «لن يتمكن أحد من الترهيب لأن زمان الاستئثار قد سقط، وفي زمان الاستئثار لم يجرؤ هؤلاء على ترهيب شريكنا المقاوم للهيمنة الأميركية».
وفي المقابل أكد عضو تكتل «لبنان أولا» النائب عقاب صقر أن لا مشكلة في إلغاء الاتفاق الأمني مع سفارة واشنطن، لفت إلى أن المشكلة تكمن في «تقرير» اللجنة الفنية الأولى. وبالنسبة للكلام عن استطلاع وفد أمني أميركي للحدود، قال صقر: «نريد أن نعرف حقيقة الأمر وإن لم يكن هذا الأمر منسقا مع الحكومة فيعتبر خرقا أمنيا وسنقدم احتجاجا للسفارة الأميركية وحتى الحكومة الأميركية».
واعتبر عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم أن «زيارة لجنة أمنية أميركية منطقة المصنع والحدود الشرقية» إذا كانت الزيارة منسقة مع الجهات الرسمية قبل وصولها إلى تلك الحدود فتلك مصيبة، وإذا لم تدر فالمصيبة أعظم، مشيرا إلى أن ما حصل يستدعي المساءلة.
واستغرب الحزب التقدمي الاشتراكي، الذي يرأسه النائب وليد جنبلاط ما سماها «بعض المواقف السياسية التي تصور الأوضاع الإقليمية بشكل مغاير للواقع وتحاول إعادة إحياء نظريات تحييد لبنان من خلال وضع إسرائيل وإيران في مرتبة واحدة متغاضية عن كل التهديدات الإسرائيلية اليومية المتصاعدة، والتي تنذر بعواقب وخيمة على لبنان والمنطقة والصراع العربي - الإسرائيلي برمته، والتي تجدد الدعوة باطنيا إلى حياد لبنان»

0 مشاركات:

إرسال تعليق