مسؤولون أميركيون: الأزمة السياسية دفعت عددا متزايدا من المسؤولين الإيرانيين إلى الانشقاق

مسؤولون أميركيون: الأزمة السياسية دفعت عددا متزايدا من المسؤولين الإيرانيين إلى الانشقاق
أميري أبرز المنشقين.. وقتل أستاذ الفيزياء قبل أشهر يشير إلى فقدان الحكومة الإيرانية أعصابها
عضوان من ميليشيا الباسيج يقفان فوق حطام طائرة هليكوبتر أميركية أمس عليها صورة للرئيس الاميركي باراك اوباما كانت قد سقطت اثناء عاصفة رملية بينما كانت تحلق فوق ايران في مهمة للافراج عن موظفي السفارة الاميركية الذين اخذوا كرهائن في أعقاب الثورة الاسلامية عام 1979 (أ.ف.ب)
واشنطن: جوبي واريك وغريغ ميلر*
يقول مسؤولون أميركيون إن الأزمة السياسية داخل إيران دفعت عددا متزايدا من المسؤولين الإيرانيين إلى الانشقاق أو تسريب معلومات للغرب، الأمر الذي أدى إلى تدفق المزيد من المعلومات الاستخباراتية حول برنامجها النووي السري.
وأضفت هذه المكاسب الاستخباراتية تعقيدا على العمل على صياغة تقييم طال انتظاره يتناول الأنشطة النووية داخل إيران، وهو التقرير الذي يتضمن تقييما مشتركا لأكثر من اثنتي عشرة هيئة استخباراتية أميركية. وكان مقررا إصدار التقييم الاستخباراتي الوطني في الخريف الماضي، ولكنه أُرجئ مرتين على الأقل وسط جهود تهدف إلى الجمع بين معلومات تأتي من مصادر لا يزال يجري تنقيحها.
وقال مدير الاستخبارات الوطنية دنيس بلير في مقابلة أجريت معه، إن التأخر في استكمال التقييم الاستخباراتي الوطني «مرتبط بالمعلومات التي ترد، ووتيرة التطورات».
وتأتي بعض أهم المواد الجديدة من مصادر تتضمن علماء وغيرهم لهم اطلاع على البرامج العسكرية الإيرانية، ويدفعهم للقيام بذلك كره الحكومة والقمع الذي تنتهجه الحكومة ضد الحركة المعارضة بعد الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها في يونيو (حزيران)، وذلك حسب ما أفاد به مسؤولون استخباراتيون حاليون وسابقون داخل الولايات المتحدة وأوروبا، تحدثوا شريطة عدم ذكر أسمائهم بسبب مناقشتهم لمعلومات استخباراتية.
وقال مسؤول سابق في الحكومة الأميركية، كان حتى وقت قريب مطلعا على تقارير سرية تتناول جمع المعلومات الاستخباراتية داخل إيران: «هناك مقدار كبير من تبادل المعلومات، ويعكس ذلك حالة عدم رضا واسعة بين التكنوقراط الإيرانيين». وقال إن «الروح المعنوية منخفضة للغاية» بين التكنوقراط البارزين المشاركين في البرنامج النووي وفي مجالات أخرى.
وخلال الأسابيع الأخيرة اعترف مسؤولون أميركيون بأن عالِما نوويا إيرانيا هرب إلى الغرب في يونيو. وكان شهرام أميري (32 عاما) قد اختفى بينما كان يؤدي العمرة داخل السعودية، وقدّم لهيئات استخباراتية تفاصيل عن برامج حساسة ومن بينها مفاعل تخصيب اليورانيوم بالقرب من مدينة قم الذي بقي سرّيا لفترة طويلة، وذلك حسب ما قالته مصادر دبلوماسية في أوروبا ومسؤولون استخباراتيون.
ووصف البعض أميري بأنه المنشق الإيراني الأكثر أهمية منذ انشقاق الجنرال علي رضا أصغري، القائد بقوات الحرس الثوري والنائب السابق لوزير الدفاع، خلال رحلة كان يقوم بها لتركيا في 2007.
وتقول مصادر إن مسؤولين عسكريين ودبلوماسيين انشقوا مؤخرا، ولكن لم يعلن عن بعض الحالات. ومن بين المنشقين دبلوماسي بارز في البعثة الإيرانية داخل أوسلو، وهو الذي قال إنه تعرض لضغوط كي يقوم بتزوير أصوات المواطنين الإيرانيين الذين أدلوا بأصواتهم في السفارة.
وتظهر عمليات تنقيح التقييم الاستخباراتي الوطني الضغط الموجود على الهيئات الاستخباراتية الأميركية كي تصدر تقييما دقيقا عن الطموحات النووية الإيرانية في الوقت الذي يتبنى فيه الرئيس الأميركي باراك أوباما سياسة تهدف إلى منع الدولة من الحصول على قنبلة ذرية. وقد خلص تقييم 2007 إلى نتيجة مروعة، وهي أن إيران كانت قد أوقفت العمل على تطوير أسلحة نووية، الأمر الذي أثار انتقادات شديدة قالت إن التقرير قلل من التهديد الإيراني.
وقال مسؤولون اطلعوا على الإصدار الجديد إنه سوف يتضمن نبرة أشد. فيما أشار مسؤول رأى المسودة إلى أن التقييم يؤكد أن إيران تحقق تقدما مضطردا تجاه الوصول إلى قدرات نووية، ولكنها لا تصل إلى نتيجة. القيادات البارزة في الجمهورية الإسلامية اتخذت قرار بنائه واختبار سلاح نووي. وتقول إيران إن برنامجها النووي سلمي بصورة كلية.
وقال الدبلوماسي الإيراني الذي انشق، محمد رضا حيدري، في مقابلة تليفونية أجريت معه من النرويج إنه يمثل الآلاف من الإيرانيين المتعلمين الشباب، الذين يشعرون بالإحباط بسبب التطورات التي تحدث داخل البلاد.
وقال حيدري: «على المستوى الشخصي كان لي وضع جيد سواء داخل إيران أو في العمل الدبلوماسي، ولكن لم يسمح ضميري لي بأن أعمل من أجل هذا النظام الحاكم. وشعرت بالضيق لأن النظام الحاكم يقهر ويقتل المواطنين لمجرد أنه سألوا: (أين صوتي الانتخابي؟)».
وقد أعطى انشقاق أميري وآخرين زخما جديدا في برنامج «نزيف عقول» أعدته وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية خلال الأعوام الأخيرة في إطار جهد أوسع من أجل إبطاء التقدم في البرنامج النووي الإيراني عن طريق تخريب المعدات التي يجري شحنها إلى إيران، وحث علماء بارزين على الانشقاق.
وقال آرت كيلر، وهو ضابط متقاعد كان يعمل لدى وكالة الاستخبارات المركزية، إن سعي الوكالة لاستهداف عملاء يهدف عادة إلى «إدارته (العميل) في المكان». ولكن داخل إيران، حيث اكتشفت الحكومة هناك شبكة من المخبرين التابعين لوكالة الاستخبارات المركزية وأعدمت أعضاءها قبل أكثر من عقد، ينظر إلى تجنيد الجواسيس على أنه أمر خطير للغاية، «ولا سيما عندما يتعلق ذلك ببرامج أسلحة سرية، حيث يجري مراقبة العلماء عن كثب»، حسبما أضاف كيلر. وقد رفضت وكالة الاستخبارات المركزية مناقشة برنامج «نزيف العقول» أو الحديث عن المعلومات التي قدمها منشقون مثل أميري. ورفضت التعليق على تقرير لشبكة «إيه بي سي» التلفزيونية يقول إن أميري يعيش داخل الولايات المتحدة.
وتصف تقارير إخبارية إيرانية أميري بأنه باحث لصالح منظمة الطاقة الذرية الإيرانية. وقال المجلس الوطني للمقاومة في إيران، وهو عبارة عن تنظيم معارض كشف علنا عن وجود برنامج تخصيب يورانيوم سري في عام 2003، إن أميري كان مرتبطا ببرامج نووية سرية على مدار عقد على الأقل. وتقول إيران إن أميري تعرض للاختطاف.
ويقول مراقبون إن الحكومة الإيرانية فقدت أعصابها بسبب عمليات الانشقاق، ويشيرون إلى مقتل أستاذ إيراني متخصص في الفيزياء قبل أكثر من ثلاثة أشهر على أنها إشارة على أنها بدأت إجراءات صارمة تهدف إخافة الجواسيس المحتملين.
وقد قتل الأستاذ مسعودي علي محمدي في 12 يناير (كانون الثاني) بعد انفجار قنبلة كانت مزروعة عندما كان يمر إلى جوارها. واتهم مسؤولون إيرانيون عملاء استخباراتيين غربيين وإسرائيليين بالوقوف وراء عملية القتل، وأظهرت تقارير أن محمدي كان متعاطفا مع الحركة المعارضة وأنه شارك في مظاهرات مناوئة للحكومة. وقال تقرير للمجلس الوطني للمقاومة في إيران إنه في اليوم الذي سبق قتله قام عملاء استخباراتيون إيرانيون بتفتيش منزله وصادروا وثائق وملاحظات.
وفي شهادة علنية على مدار الأعوام الثلاثة الماضية، تجنب مسؤولون استخباراتيون أميركيون بارزون التعارض مع اللغة المستخدمة في التقييم الاستخباراتي الوطني لعام 2007، على الرغم من أنهم أكدوا سرا أن إيران تسعى من أجل الحصول على سلاح نووي. وخلص تقرير عسكري غير سري رفع إلى الكونغرس خلال الشهر الجاري إلى أن: «إيران تقوم بتطوير قدراتها التقنية التي يمكن تطبيقها على الأسلحة النووية، وعلى الأقل تبقي خيار تطوير أسلحة نووية مطروحا».
وأكد تقرير 2007 أن إيران لا تزال تتخذ خطوات أخرى يمكن أن تساعدها في الحصول على أسلحة نووية، ولكن غاب أي فارق دقيق في النقاش المستعر الذي تلا ذلك. وكما هو الحال مع الإصدار الجديد تمت مراجعة تقييم 2007 أكثر من مرة مع اقتراب موعد إصداره.
وفي الواقع أعيدت كتابته بعد حصول الولايات المتحدة على سجلات كومبيوترية سرية تحدثت عن قرار قيادات إيرانية إلغاء العمل على رأس حربي في الوقت الذي قامت فيه قوات تقودها الولايات المتحدة بغزو العراق في 2003.
وقال منتقدون إن هذه الوثيقة هي السبب في خلق انطباع بأن التهديد الإيراني تراجع، وفي عرقلة المنحى المتشدد الذي كانت تتبعه إدارة جورج دبليو بوش.
واعترف معدو التقرير بأنه جرى كتابته بصورة ضعيفة ليناسب الجمهور، ونتيجة لذلك أسيء فهمه على نطاق واسع.
وقال مسؤول أميركي على اطلاع بالتقدم في التقييم الاستخباراتي الوطني الجديد إن هناك ضغطا على محللين لتجنب أخطاء أسلافهم. وقال المسؤول إنه من المخطط حاليا تسليم التقرير في أغسطس (آب)، مضيفا أن «هناك توقعات بأن يجري تصحيح السابق».
ويقول مسؤولون أميركيون إنه سيكون ثمة اختلاف كبير في الطريقة التي يقدم بها التقييم الجديد. وكان التقييم السابق قد دفع إلى الاعتقاد بأن إيران تراجعت عن سعيها للحصول على قنبلة ذرية، ويعود ذلك بدرجة كبيرة إلى أن مسؤولين قرروا نشر نسخة للجمهور. ويقول المسؤولون إنهم يرون حاليا أن ذلك القرار كان خطأ، ولا توجد خطط هذه المرة لإتاحة أجزء من التقييم للجمهور.
* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»

0 مشاركات:

إرسال تعليق